الريسوني تزوج ابنة سيدي زلال الذي كان حليفا لإسبانيا
نافذة: قُلت لها:
-أخبريني أنت عن حفلات الزفاف في هذه البلاد كيف تكون؟
ما إن فتحت الفتاة السوداء فمها للحديث حتى أبانت عن صف من الأسنان شديدة البياض بشكل مدهش وقالت:
-يمكن قول الكثير الأمهات هن اللواتي يتحدثن مع بعضهن بخصوص الزواج
يونس جنوحي
حدقتُ في عيني السيدة العجوز، كانتا قد شهدتا الكثير من الأحداث، إلى درجة أنهما لم تعودا تعبران عن أي شيء على الإطلاق باستثناء التعب.
تقول: «أذكر أنه في إحدى المرات، ليس بعيدا جدا، كانت هناك فتاة لم تتوقف عن البكاء. وعندما ذهب إليها سيدي، بدأت تصرخ.
لم تر من قبلُ رجلا مثله. هربت من الغرفة ولم يستطع العبيد إمساكها وهربت إلى خارج المنزل.
بحث عنها الجميع، وكانت هناك جلبة في المنزل. وفي الأخير سمعوا صوت بكاء. بدا الأمر وكأن الصوت قادم من الأرض. وقعوا في حيرة ونظروا إلى الأسفل، وظنوا أن الأمر يتعلق ربما بالجن، لكن بعد فترة، اهتدوا إلى أن الصوت قادم من حفرة كان يتم حفظ الذرة داخلها. وجدوا الفتاة هناك لا تزال مستمرة في البكاء. أعادوها إلى سيدي وكانت قشور الذرة بين خصلات شعرها».
روت السيدة القصة دون أن يظهر عليها أي انفعال استمتاع، وعندما انتهت من الحكاية قالت كما لو أنها كانت جزءا من القصة:
-والله لقد تعبتُ!
وبدأت تتأرجح في جلستها إلى الأمام والخلف.
قالت واحدة من الإماء:
-إنها ستنام هكذا، لم تستلق أبدا. والله إنها شاهدة على زيجات كثيرة.
قُلت لها:
-أخبريني أنت عن حفلات الزفاف في هذه البلاد كيف تكون؟
ما إن فتحت الفتاة السوداء فمها للحديث، حتى أبانت عن صف من الأسنان شديدة البياض بشكل مدهش وقالت:
-يمكن قول الكثير. الأمهات هن اللواتي يتحدثن مع بعضهن بخصوص الزواج. تقول إحداهن للأخرى: إن ابني سيكون زوجا مناسبا لابنتك. وتجيب الأخرى: وفي الحقيقة إن ابنتي ستكون عروسا جيدة ومُرضية لابنك.
ثم في يوم متفق عليه يزور والد الابن والدي البنت، ويحضر معه أحد الفقهاء أو شريفا لديه البركة، ثم يناقشون مسألة المهر الذي يتعين على العريس دفعه. الأسرة تطلب المال أو الأبقار أو الخراف، لكن دائما يتم إحضار كمية من الزيت والطحين والنعال للفتاة ولأسرتها. فيرد الآخر: لا! هذا كثير جدا.
لكن في النهاية يقوم الشريف بجعلهم يتوصلون إلى اتفاق.
ربما تحصل الفتاة على عفش لمنزلها. مرآة وزربية وفراش. مع قطع من «الحايك» يكون ناعما جدا ومصنوعا من الصوف.
ثم يأتي الشباب ليهنئوا والد الفتاة ويقدم لهم بدوره الشاي والكسكس».
سألتُها:
-كم يدفع الرجل لعروسه؟
أجابت:
-يجب على الشريف أن يدفع مئتي دولار وربما أكثر، وأن يمنح هدايا كثيرة لعائلة الفتاة، هذا إذا كانت تنتمي إلى قبيلة.
لكن الرجل الفقير يدفع لعروسه عشرة دولارات فقط.
نظرتْ إلى الفتاة الجالسة فوق السرير المزوق وقالت:
-لكن حالة هذه العروس تتعلق بالسياسة.
وقامت بإشارة حيث شبكت يديها بحركة إدماج أصابعها جميعا كما لو أنها تجمع شيئا بآخر وواصلت كلامها:
-إنها واحدة من بنات سيدي زلال من قبيلة بني مساور. والشريف أراد عقد صداقة مع القبيلة. والزلال صديق للإسبان، وهو رجل مستقيم ومحبوب.
يلقبونه بـ«الكْلْمة»، أي أنه يفي بوعده حتى لو كلفه حياته. إذا قال لكِ: تعالي. فاذهبي بكل حليك وأموالك وسوف تكونين في أمان.
سيدنا من أقاربه، وسوف يصبح تحالفهما الآن أكثر قوة.
سألتُها:
-حسنا، ماذا يحدث بعد أن تتم تسوية المهر؟
-يكون هناك فرح. تُسمع طلقات البنادق في الفناء. وتوضع كومة كبيرة من الطحين مرشوشة بالملح لإبقاء الجن والأرواح الشريرة بعيدا. وتُطمر بيضة أسفل عتبة المنزل، حتى تكون حياة الفتاة بيضاء وخالية من المتاعب.
في منزل العريس، ليلة قبل الزفاف، تضرب الدفوف والطبول وتعزف الموسيقى.
وفي منزل العروس، تأتي سيدة مباركة يحبها زوجها وأنعم عليها الله بأولاد كثيرين، لكي تُلبس العروس وتضمخ يديها وقدميها بالحناء. في اليوم الموالي، تأتي كل الفتيات اللواتي لم يتزوجن بعدُ، ويحضرن اللحم والكسكس. لكن العروس تبكي ولا أحد يوقفها عن البكاء.
وفي الليل يأتي البغل إلى باب منزلها محملا بصندوق جميل. ينخرط الجميع في الغناء بينما يتم أخذ العروس لتجلس إلى جانب الصندوق، بينما هي تتشبث بعائلتها وتبكي. يحاولون منعها من الذهاب لكن أصدقاء العريس يتولون مهمة اقتياد البغل بعيدا، وحتى إخوتها الذكور لا يستطيعون إيقافها».