شوف تشوف

سري للغايةسياسية

الريسوني: النساء في المغرب يقاتلن ويطلقن النار أفضل من الرجال

ترجمة حصرية لمذكرات المغامِرة البريطانية روزيتا فوربس(24)

يونس جنوحي

وفقا لما قاله لي الريسوني، فإنه غادر السجن مشبعا برغبة في دراسة ماهية الحياة وفهمها. فقد قال لي:

«كنت أتمنى لو أنني أعيش في مكان منعزل حيث لا يوجد شيء سوى الشمس والفضاء المفتوح. وتمنيتُ أيضا لو أنني كنت أسمع أصوات النساء يثرثرن في مواضيع عادية عن حياتهن اليومية. اسمحي لي أن أقول إن أحاديث النساء عموما وكلامهن لا يثيران اهتمامي كثيرا. لكن في السجن يفقد الإنسان الإحساس بمنطق تناسب الأفكار. عشتُ في البداية في طنجة، حيث جمعتُ عددا من الكتب لأنني نسيت الكثير من الأشياء في سجن «موگادور»، وأردت أن أدرسها مجددا.

كنت أشعر بالرضى لأن الرجال الذين عادة يمرون بفترة لم يكن لديهم فيها أي شيء نهائيا، يسعدون بالقليل».

على ما يبدو، رغم الإحساس بالرضى، فإن رغبة الانتقام لدى الشريف كانت تكبر بقدر ما كان يسترد صحته وعافيته. فقد قيل إنه بعد فترة قصيرة على إطلاق سراحه، حرض على قتل قريبة له من بنات عمومته لأنها تزوجت رجلا من عائلة حاكم طنجة.

ربما كان هذا التصرف أبشع ما قام به الشريف من بين كل أفعاله، فقد تم اغتيال أم الزوج رغم أنها كانت سيدة مُسنة ومقعدة لا تقوى على السير، وقُتلت أخته الصغرى أيضا.

ما كان الريسوني ليتحدث لي نهائيا عن هذه القضية، ما عدا أن يقول إن الغدر والخيانة صفتان يمقتهما الله، وأن الخائن يستحق مصيره.

قُلت له:

«-لم أكن أعلم أن العرب قاتلوا ضد النساء. في دول الشرق التي سافرت إليها، لا يمكن أن يؤذي رجل امرأة، أو يهوديا أو رجلا من البربر.»

أظهر لي الريسوني ما يُشبه ابتسامة وأجاب:

«هنا في المغرب، اليهود يملكون الكثير من المال. كيف سنصبح أثرياء إذن إذا لم نقتلهم؟ في الجبال، لا نتعامل مع البربر. أما بالنسبة للنساء عندنا، فإنهن يقاتلن تماما مثل الرجال. هن اللواتي يتكلفن بإعداد الذخيرة وحشو البنادق. نساء بربريات كثيرات قادرات على التصويب وإطلاق النار أفضل من الرجال».

أخت الريسوني، كان يبدو عليها أنها كانت سببا في حوادث أريقت فيها دماء كثيرة. إذ يقال إن رجلا ما، كان متزوجا من سيدة من عائلة مرموقة جدا، غضبت كثيرا عندما أخبرها أنه سوف يتخذ لنفسه زوجة ثانية. ربما كانت العروس المقترحة من اللواتي سبق لها أن رفضتهن ليصبحن زوجات لزوجها لأن الإسلام يبيح أربع زوجات، والطلاق بسيط للغاية. إذ يكفي أن يقول الرجل: «أنا أطلقك» ثلاث مرات بحضور الشهود. لكن رغم ذلك، فإن الزوجة أرسلت في طلب النجدة من أخيها الذي كان رجلا نافذا، إلا أنه لم يأت. وجاء يوم الزفاف. انتهى الاحتفال، وذهب الموسيقيون، وكانت النسوة لا يزلن يطلقن الزغاريد. كانت العروس جالسة فوق فراش وثير تنتظر زوجها وكانت أمها تنتظر انطلاق مراسيم تقليد يقضي بأن تفك بيدها عقدة في ثوب «حايك» ابنتها.

وقفت خادمة سوداء أمام الباب، تحمل في يديها وعاء من الحليب وطبقا من التمر، رمزا للخصوبة والعفة.

فجأة، سُمع صوت حوافر الخيل وصراخ يحذر من الخطر، قادم من قلب باب الدار الكبيرة:

«-لصوص، لصوص..»

ظهر الرجال ببنادقهم. وبعد إطلاقهم النار عدة مرات، غادروا صوب التلال. حاول المدافعون اللحاق بهم، وبينما كان المنزل خاليا من الرجال ولم يبق داخله سوى النساء مجتمعات للاحتماء داخل غرفة بالعلية، تسلل بعض الرجال بصمت من بين الأشجار حيث كانوا يختبئون منذ بداية الهجوم. وصاح أحدهم منبها أخت الريسوني:

«غط نفسك يا سيدتي. نحن أتباع أخيك!».

اقتحموا غرفة الحريم، وأخذوا معهم العروس وأمها.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى