الرميد يلجأ إلى “الفايسبوك” لإعلان تبرئه من النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
محمد اليوبي
بعد تهديده بتقديم استقالته من الحكومة، نشر مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، صباح أمس الإثنين، تدوينة على صفحته الرسمية يعلن من خلاله براءته من النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المعروض على أنظار المحكمة الدستورية، ما أثار غضبا داخل الحكومة بخصوص طريقة خروج الرميد لإعلان مواقفه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخارج المؤسسات الرسمية للحكومة.
واستبق الرميد قرار المحكمة الدستورية، وقال في تدوينته بأنه تردد كثيرا في إبداء رأيه علنا في بعض ما لديه من رأي مخالف لما ورد في النظام الداخلي للمجلس الاعلى للسلطة القضائية إلى أن شجعه بعض الاصدقاء على إعلان هذا الراي إبراء للذمة واقامة للحجة ونصحا خالصا لمن يهمه الأمر، خاصة وأن “الموضوع خطير جدا اذا لم يتقرر عدم دستوريته ، وسينسف لامحالة كل الاصلاحات التي تعبت كثيرا في انجازها وانا وزيرا للعدل والحريات مع غيري من الغيورين على القضاء واستقلاله ونزاهته لما فيه خير الوطن و المواطن” .
وأوضح الرميد أن الأمر يتعلق بما نص عليه النظام الداخلي من اشتراط بيان هوية المشتكي أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، وأضاف “ومعلوم ان الشكايات التي تقدم في هذا الباب أشكال وألوان”، مشيرا إلى أنه حينما يتعلق الأمر بشكاية بسبب الخرق الخطير لقانون الشكل أو الموضوع مثلا فإنه من الطبيعي أن يعلن المشتكي عن نفسه لأنه في هذه الحالة ليس له من سبيل غير ذلك، لكن ما العمل، يقول الرميد، إذا كان هناك مواطن يشتغل إلى جانب قاض فاسد وأراد ان يبلغ عن فساده؟، وتساءل “هل نلزمه بذكر اسمه والإمضاء بتوقيعه ؟ وهل مع هذه الاشتراطات سنضمن وجود من يبلغ عن الفساد من الوسط القضائي والإداري ؟ ومثل ذلك معارف القاضي الفاسد وجيرانه !!!”، موضحا أن حالات التبليغ عن الفساد يكون مصدرها في الغالب هذه الأوساط كما جرى العمل على ذلك عقودا من الزمن يعرفها كل من اشتغل في المؤسسات التي تعنى بشأن القضاة ، وأن من شأن اشتراط الكشف عن هويتها سيجعل التبليغ مستحيلا، وهو ما سيفرغ كل الاصلاحات المنجزة من مضمونها ويمنح الفساد مساحات واسعة لكي يصبح عصيا على الحصار محصنا من المساءلة.
وأضاف الرميد في تدوينته قائلا “لذلك لا أبالغ إذا قلت انه ليس من المقبول ان يتضمن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أي قيد على حرية المواطن في التشكي والتظلم خاصة هذا القيد الذي أقدر أنه مجحف في حقه في اللجوء الى مؤسسة دستورية جليلة من مستوى المجلس الأعلى للسلطة القضائية والتي يبقى لها الحق الكامل في ان تقدر مدى جدية تظلمه وصحة المعطيات الواردة به”.
وفي رده على تدوينة الرميد، أفاد مصدر من وزارة العدل، أن طريقة تعبير الرميد عن مواقفه لا تتناسب وموقع الوزير باعتباره عضوا في الحكومة، وكان من المفروض أن يدلي برأيه داخل اجتماعات المجلس الحكومي أو عبر المؤسسات الرسمية التابعة لها، عوض الخروج إلى مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار ما قام به قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة عندما هدد بالاستقالة من اللجنة الحكومية للتتبع لانتخابات التي كان يترأسها إلى جانب وزير الداخلية، وأوضح المصدر، أن الرميد لم يبد أي ملاحظة في اجتماعات المجلس الحكومي بهذا الخصوص.