الرقص مع القصائد
إلى شاعر يتهجأ قوافيه البكر بشيء من الريبة والحذر..
أحصنة اللسان التي ألجمت عن العدو في مروج البوح.. وتركت لسنوات عجاف ترعى حشائش الكتمان بمرارة..
أصابها الروماتيزم أخيرا وشاخت حناجرها..!
كل الكلام الذي لم تقله وبات نيئا في فمك سيلعنك ذات عزلة..!
الرقص مع القصائد خطر جدا حد الاشتعال.. خصوصا إن كن سمراوات يفلقن ارتباكة الدجى بابتسامة..
إن أردت أن تسلب القصيدة لبها.. وتنحر كبريائها..
إن أردتها أن تخترق قلبك.. وتمتزج بدمك..
كن متميزا وجريئا وغير اعتيادي..
وفي أول موعد لكما معا.. فاجئها والوِ عنق دهشتها..
امش إليها واثقا باسما.. لا متعجلا متخففا..
حبذا لو كنت أشعث أغبر مشقوق الثياب.. تتساقط الأوراق من جيبك.. ويسيل الحبر من فمك.. فتفتن بطهارة قلبك.. وتتلهى بصدق عاطفتك عن حسن مظهرك..
لأن التجارب علمتني أن القصائد تهوى البساطة والتلقائية وتمقت التكلف والتملق..
استمالة قصيدة كاستمالة فاتنة مستوحدة تغط في شرود عميق..
هناك طرق عديدة لذلك.. لكنها غير مضمونة البتة..
والمضمون الوحيد للأسف هنا هو أحاديث منمقة وأكاذيب ملونة..
ابتعد عن النمطية المملة في حديثك إليها..
تجنب الثرثرة عن أحوال الطقس وإضراب العمال وبائعي أدوية الصلع النصابين..
حاول أن تطفئ برودها التقليدي وتشعل انبهارها..
استفز دهشتها قليلا بخروجك عن المألوف..
أخبرها باسمك الذي يمكن قراءته ذهابا وإيابا بحيلة ما..!
أخبرها أنك الابن السادس البار الذي لا يمتص الدماء لأسرة خالدة يستذئب أفرادها ليلا..!
أخبرها أيضا أنك حفيد محظوظ.. وأن جدك الغابر هو امبراطور ياباني كان يكره التبذير كثيرا وأن هناك أعلام ثروة ترفرف في الأفق.. رغم أن ملامحك ليست آسيوية صرفة باستثناء صغر عينيك..
أخبرها أنك تبرع في أشياء عدة..
كتسريحك رأس زرافة ذات مغامرة..!
كرسمك لنعجة بيضاء بقلم أسود وتصفيق زملائك الحار لك..!
كرقصك للتانغو كأحد أبنائه..! ولمسك لكرة القدم بيدك وإحرازك هدفا تاريخيا..!
يمكنك الكذب إلى ما شاء ربك لكن احذر شيئين:
أن تخبرها بحبك لها من الوهلة الأولى!
وأن تعتقد أنها لا تملك رفيقا أو حبيبا مترقبا!
بعدها يمكنك الانصراف وضبط ساعة معصم قلبك لميعاد يوم آخر تلفظت به حسناؤك بعد تمنع شديد..
لكنها قد تحضر..
وقد لن تحضر أبدا..