الرصاص البارد
مرة أخرى، تستغل الجزائر فرصة احتضان مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لتنشر سمومها وتفتح المجال لأصوات انفصالية شاذة لا تنتمي للبرلمان الإسلامي للإساءة إلى وحدتنا الترابية والتدخل في شؤوننا الداخلية. مرة أخرى، وأمام جمع من برلمانيي الدول الإسلامية وفي خرق سافر لأهداف الاتحاد وميثاقه، وزيغا عن مبادئه، منحت السلطات الجزائرية بشكل متعمد ومخدوم مسبقا الكلمة لعضوة في البرلمان الأنديني لدعم الانفصال، رغم أن البرلمان الذي تمثله عقد قبل أشهر جلسته بالعيون وأصدر قراره التاريخي الداعم لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، كحل واقعي وذي مصداقية.
وحسنا فعل الوفد البرلماني المغربي، الذي رد بقوة وجرأة وعبر عن احتجاجه ورفضه الشديد لما شهدته جلسة الافتتاح من تجاوزات لا تليق بمنظمة إسلامية هدفها الأساسي حماية سيادة الدول الإسلامية وتشجيع التعاون بينها. لكن من يفهم عقلية نظام الكابرانات يدرك أنها تجاوزت كل الخطوط الحمراء، ولم تعد تحترم قواعد تدبير الخلاف الديبلوماسي، فهي عقلية مليئة بالحقد والكراهية ومستعدة لاستغلال بطولة رياضية أو مؤتمر ديبلوماسي أو برلماني أو أي تجمع دولي ينظم فوق أراضيها للنيل من سيادة ووحدة أراضينا.
ما لا يفهمه نظام الكابرانات أن المغرب لم يعد يهمه إطلاق أبواق الجزائر وابلا من الرصاص البارد الذي لا يصيب أحدا، باستثناء ضربه لصورة وتاريخ بلد وقع رهينة في يد العسكر، الذي يدافع عن استمراره بخلق أعداء وهميين وتغذية التوترات. المغرب ماض بثبات في طريقه نحو كسب هاته المعركة المفتعلة دون أن يكون ذلك على حساب المشاريع التنموية وحق المواطن في التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والمشاريع التحتية الكبرى. المغرب، وإن كان مدافعا عن حقه، لم يعطل التنمية لصرف الجهد في المعارك الفارغة، كما فعل الكابرانات الذين علقوا كل مشاريع الدولة التي تخدم مصالح الشعب الجزائري وتفرغوا لصرف أموال الغاز على شراء الأسلحة ورشوة البرلمان الأوروبي وشراء مواقف بعض الدول المغلوبة على أمرها، وتحويل الملايير من الدولارات إلى قادة الانفصال في مخيمات العار، وهذا هو الفرق بيننا وبينهم.