الرجاء يبطل تهنئة تبون
حسن البصري
مباشرة بعد فوز الرجاء المغربي بكأس الكونفدرالية الإفريقية على شبيبة القبائل الجزائري، أجرى الملك محمد السادس مكالمة هاتفية مع رئيس نادي الرجاء رشيد الأندلسي، ومدرب الفريق لسعد الشابي، هنأ فيها مكونات النادي المغربي بهذا التتويج القاري الذي أسعد المغاربة.
التهنئة الملكية تختلف كثيرا عن تهنئة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، التي تزامنت مع فوز المنتخب الجزائري لكرة اليد على نظيره المغربي في نهائيات كأس إفريقيا، حين كتب من سرير المرض بمصحة في كولن الألمانية رسالة تهنئة لمنتخب بلاده كانت أشبه بقرص مهدئ للشعب الجزائري في يوم الحراك الصاخب.
هنأ تبون منتخب بلاده بالفوز في مباراة واحدة وكانت ضد المغرب، ما يؤكد فرضية «سبق الإصرار والترصد»، وحين استفاق من مرضه قيل له إن الفريق الجزائري قد أقصي وسبقه إلى مطار هواري بومدين، حينها تقرر إنهاء صلاحية التهنئة وقيل إن الرئاسة سحبتها.
حاول بعض السياسيين الجزائريين الركوب على صهوة مباراة نهائية جمعت الرجاء المغربي بفريق القبائل الجزائري، كان الهدف استغلال المواجهة لمصالحة القبايليين لأن منطقة القبائل معروفة بمقاطعتها للانتخابات في الجزائر منذ أكثر من ثلاثة عقود، وحريصة على جعل الحراك فرض عين أسبوعي. بل إنها سجلت أعلى نسبة عزوف انتخابي في الجزائر.
قدم النظام الجزائري لخصم الرجاء ما يكفي من الدعم المادي والمعنوي فقط بغاية هزم فريق مغربي، ربما كانت رسالة التهنئة جاهزة للتغني بمكسب رياضي، لكن الكرة انصاعت للرجاويين ودانت لهم بالطاعة، بل إن تعيين حكم من جنوب إفريقيا المعادية للمغرب سياسيا، اعتبره مثيرو الفتن مكسبا قبل أن ينتهي النزال بدمعة في الجزائر وابتسامة في المغرب.
لا يعلم صناع الفتن أن محيي الدين خالف أشهر مدرب جزائري قبايلي، مغربي المولد والنشأة، وهو ابن مدينة بلقصيري حيث درس في فصول مدارس الغرب ولعب للنادي القنيطري ودرب العديد من الفرق المغربية، ولازال يعيش بين تيزي وزو والدار البيضاء.
لا يعلم زارعو الألغام في ملاعب الكرة أن العلاقات بين الفريق القبايلي الأمازيغي والمغاربة جيدة، وأن المدرب السابق للرجاء البيضاوي جان إيف شاي أشرف على تدريب شبيبة القبائل الجزائري، وأن ابن تيزي وزو نور الدين أيت جودي درب في المغرب أكثر مما درب في الجزائر.
لا يعلم الراسخون في تسميم العلاقات بين الناديين، أن الزعيم القبايلي حسين آيت أحمد، أحد أبرز المعارضة الجزائرية ورئيس «جبهة القوى الاشتراكية» السابق، قد ترك وصية تقول: «رجاء ادفنوني بعد موتي في المغرب»، لكن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة آنذاك، كان له رأي آخر، إذ قال لشقيقه سعيد، بنبرة آمرة: «الرجل سيدفن أين قضى حياته». لكن إذا كان الرئيس أصر على دفن المناضل أين قضى الفترة الأكبر من حياته، فإن الحسين قد عاش في لوزان السويسرية الفترة الأطول من حياته، علما أن والد المناضل الجزائري مدفون في جوف تربة مقبرة مغربية.
بين مسقط الرأس في منطقة القبائل الجزائرية، ومسقط القلب في الدار البيضاء المغربية، عاش المفكر الجزائري محمد أركون تجاذبات وجدانية، فقد كان يتحدث دائما عن منطقة القبائل التي رأى النور فيها، بل إن كثيرا من المفكرين الجزائريين كانوا يتمنون استقراره بعد التقاعد في تيزي وزو التي يكن لها عشقا خاصا، لكنه أصر على أن يدفن جثمانه في تربة المغرب تنفيذا لوصيته، لأنه كان يعتبر المغرب بلده الأول، غضب النظام الجزائري من الوصية، ودفن جثمان الفقيد في مقبرة الشهداء بالدار البيضاء، بينما أعطيت تعليمات لسفير الجزائر في الرباط بمقاطعة الجنازة.
حين اختار شبيبة القبائل طائر الكناري شعارا له، فإنه سيتجنب بلا شك شراسة نسر اختاره الرجاء رمزا له.