شوف تشوف

الرأي

الرؤية التشاؤمية للعالم

بشار البراميلي كذب في كل شيء إلا جملتين، حين ردد أن أزمة سوريا سوف تتحول إلى حرب عالمية، وهذا الذي صار بعد أن اجتمعت فيها جيوش شتى من ثمانين دولة، والثانية الأسد أو نحرق البلد، وفعلا فقد تحولت سوريا إلى نار ورماد.
بين الوضع السياسي والوضع الجيولوجي نسب واتصال، وكأن لسان الكون ينادي بالخمول والنهاية، والمعلومات الحديثة تقودنا إلى معرفة أن فرن الأرض الذي يقذف حممه بين الحين والآخر يبرد بمعدل مائة درجة كل مليار سنة، ومن غير المتوقع أن يبرد في فترة قصيرة، ولكن المشكلة هي في محور الدوران. والمغناطيس له بصمة لا تخيب على الحديد، والفخار والآجر فيه حديد. وبتعريضه للنار يزول الأثر المغناطيسي فإذا برد التقط فورا طبعة المغناطيس. وبذلك أصبحت الآثار الفخارية ساعة زمنية لتطور وضع المغناطيس واتجاهه. وبدراسة الآثار الفخارية من الحضارات التي مرت على الأرض مثل الإنكا والصين، عرف أن الأثر المغناطيسي تآكل وبسرعة فائقة خلال القرون الثلاثة الأخيرة. ثم سيتوقف قبل الانقلاب في الاتجاه المعاكس. ولكن هذه القلبة لن تكون في 24 ساعة بل قرونا بين ذلك كثيرا.
وهنا الخوف لأن كل الحياة متعلقة بالدرع المغناطيسي الذي يغلف كرة الأرض، ولا نرى الأشعة الكونية المعروفة باسم آرورا في السماء إلا عند القطبين. وهي مكان انحراف الأشعة إلى خارج الأرض. وحاول فيلم (The Core لب الأرض) الاقتراب من فهمها وتصويرها للناس. ولكن كما تقول الفلسفة إن توقع الشيء غير مواجهته.
والعقل العلمي المنهجي يفتح النافذة لكل الاحتمالات بما فيها نهاية العالم. وقد لا ينتهي العالم بل ينتهي الجنس البشري. وإذا لم يبق بشر لم يبق للحياة معنى. كما جاء في قصة الذئب الذي وقع في الفخ فمر به الثعلب فسر بمصابه فسأله الذئب عن نهاية العالم: الناس يقولون بقرب يوم القيامة؟ قال الثعلب: أما يوم القيامة فلا علم لي به وأما قيامتك فقد قامت بكل تأكيد. وكذلك الحال فيما لو انتهت الحياة الإنسانية على الأرض وتحولت إلى جمهورية للصراصير والأعشاب والعقارب. فهي قيامة للبشر وجنة للحشرات التي هي أكثر الكائنات تحملاً للأشعة الكونية. كما ثبت ذلك عند العقارب التي تتحمل 300 ضعف ما يتحمله الإنسان من الأشعة القاتلة.
وفي كل الثقافات نعثر على تنبؤات بنهاية العالم. وفي القرآن يتكرر مصطلح (الساعة) كناية عن نهاية العالم.
وفيه أن الناس يسألون عن الساعة أيان مرساها؟ ويكون الجواب فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها إنما أنت منذر من يخشاها كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها.
ونهاية العالم قد تأتي من صور شتى بسيناريوهات مختلفة. وحسب (ستيفن هوكينج) الفيزيائي البريطاني المشهور في كتابه (قصة قصيرة للزمن) فقد توقع للشمس أن تعمر 5,5 مليار سنة. وكان المتوقع أن تستمر الحياة على الأرض بنفس القدر لولا أبحاث كوسمولوجية حديثة ضغطت الزمن المتوقع للحياة على الأرض بـ 500 مليون سنة. وهي مدة كافية للتحرك نحو استعمار المجرة كما فعل سكان البيلوبونيز في استعمار الجزر المتناثرة في المحيط الهادي جيلا بعد جيل. بعد أن كشفت ذلك هياكل جزيرة (عيد الفصح Eastern Island). وسيفعل البشر نفس الشيء في قفزة كل مائتي سنة في كل خمسة أجيال لاستعمار مجرة طريق الحليب (Milkway) في مدة خمسة ملايين من السنين. وقد تستخدم طاقة من نوع (مضاد المادة) التي يكفي منها مقدار أقل من ربع غرام(0,147) لنقل مركبة إلى المريخ. ولكن لإنتاج بضع غرامات فلن تكفي كل المفاعلات النووية من نوع فيرمي لاب في واشنطن وسيرن في سويسرا ولمدة 150 مليون سنة؟
وحسب (ماركوس فيلدمان Marcus Feldman) رئيس مشروع (تنوعات الجينوم البشري Human Genom Divresity Project=HGDPمن خلال الدراسات الجينينة التي جمعها من 377 موضعاً من العالم مثل سيبريا وباكستان ونامبيا والبرازيل وغينيا الجديدة من 52 مجموعة عرقية، من آلاف العينات من اللعاب والدم والأنسجة من ألف شخص؛ فإن الجنس البشري في مجموعه يخرج من عنق زجاجة ضيق قبل حوالي سبعين ألف سنة، والمليارات الستة من البشر خرجت من بضعة آلاف من الأناسي. ولتفسير ذلك فقد احتار العلماء في السبب هل كان جفافا عم الأرض أو حربا طاحنة أو مرضا بئيسا.
ويذهب (ستانلي أمبروز Stanley Ambrose) من جامعة (الينوي Illinois) إلى أن ما حدث يعود إلى بركان (توبا Toba) الذي انفجر في سومطرة حينها فأهلك الحرث والنسل وقذف إلى الجو بـ 800 كيلومتر مكعب من الحمم بما هو أقوى من بركان (بيناتوبو Pinatubo) الذي انفجر عام 1991م بمائة مرة. وهذا يوحي بالكثير عن هشاشة الجنس البشري.
في القرآن يتم استعراض كل ما مر، وزيادة على ذلك هناك لون آخر من العذابات، كأن يتقاتل الناس فيما بين بعضهم بعضا فيذيق كل فريق الآخر حمامات الدم.
لنتأمل الآية من سورة الأنعام: قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض. انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى