شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرحوار

الدرويش للأخبار: يُشَرِّحُ أزمة كليات الطب

المقاربة التي اعتمدتها الوزارة غير صحيحة تماما منذ بداية الأزمة

منذ دجنبر 2023 تعيش كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، إضرابا طلابيا مفتوحا في ظل أزمة معلنة بين الطلبة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الوصية على القطاع، بعد إعلان الوزارة العزم على تنزيل مشروع حكومي يقضي بتقليص سنوات التكوين في القطاع الصحي من سبع إلى ست سنوات.

وقد شهدت أزمة كليات الطب الممتدة لأشهر، والتي ما زالت مستمرة، محطات من التصعيد ولي الذراع بين الطلبة والوزارة، من مقاطعة التكوين وقرارات طرد طالت المضربين، وجلسات حوار لم تفض إلى حل، في هذا الحوار مع جريدة «الأخبار»، يشرِّح محمد الدرويش، رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، واقع الأزمة وتداعياتها على قطاع اجتماعي واسع، مقدما أفق حلها.

 

كيف تابعتم في المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين أزمة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان؟

لقد تابع المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين هذا الملف منذ سنوات، إذ كان وسيطا في أزمة 2019 بين لجنة الطلاب والوزارتين إلى جانب وسطاء آخرين طبعا، وبعد جلسات عدة تم توقيع محضر بين الأطراف المعنية، واعتقدنا منذ ذلك الوقت أن هاته الأزمة انتهت دون رجعة، ما دامت المسؤوليات اتضحت أكثر والقضايا المطروحة آنذاك وجدت طريقها للحل، فهدأت الأوضاع واستأنفت الدراسة والتداريب السريرية بصفة عادية وطبيعية، وبعد أقل من ثلاث سنوات بدأت تلوح في الأفق بوادر أزمة جديدة من خلال احتجاجات الطلبة محليا وعبر بلاغات تذكر بمقتضيات المحضر الموقع وتطالب بالتعجيل بحل كل المشاكل، دون أن يخاطبهم أي مسؤول وزاري، واستمر الوضع هكذا أي مدة تقارب السنتين، حتى فوجئ الرأي العام – ونحن معه – ببلاغ 13 دجنبر الماضي، الذي قرر عبره الطلبة الدخول في مقاطعة للدروس والتداريب السريرية، واستمر الوضع كذلك. ولما تأزمت الأوضاع دعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لجنة الطلبة إلى الاجتماع الأول والثاني والثالث والرابع والخامس، وكلها اجتماعات لم يحضرها ولم يترأسها السيد الوزير، وطيلة هاته المدة، أي مدة الإضراب الذي استمر اكثر من ثمانية أشهر، تدخلت جهات متعددة، منها المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأساتذة وفرق برلمانية من المعارضة والأغلبية والمرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين وشخصيات لها علاقة بالموضوع بشكل مباشر أو غير مباشر (منها المرسول ومنها المبادر..)، ولم يفلح أي من هؤلاء في الوصول إلى حل متوافق عليه، إذ إن الأبواب موصدة والحوار مع كل الجهات «حوار الصم والبكم». ومساء يوم 21 يوليوز الماضي استبشرنا خيرا بدعوة لجنة الطلاب إلى الاجتماع بمقر الوزارة بحسان، حضره ثلاثة وزراء وهم السادة وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزير الصحة والحماية الاجتماعية، ووزير العلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، ومسؤولون مركزيون من الوزارتين، والسادة عمداء كليات الطب والصيدلة وبعض أعضاء دواوين الوزراء، وبعد ثلاث ساعات من الاجتماع تقريبا أو ما يزيد، وبعد مداولة الوزراء الثلاثة، عاد الملف إلى نقطة الصفر ولم يتم إتمام ما تم الاتفاق عليه إعدادا لهذا اللقاء بين الأطراف المعنية، وصرح السيد وزير التعليم العالي أمام الجميع باللاءات الثلاث (لا محضر يوقع بين الطلبة والوزارتين، ولا تأجيل للامتحانات، ولا تراجع عن توقيف وطرد مجموعة من الطلبة)، إلا بعد إجراء الامتحانات في الوقت المحدد، وهو 26 يوليوز، أي بعد خمسة أيام من الاجتماع.. وساد جو من الذهول والاستغراب بين الجميع، ولم يسمح لأي أحد من العمداء ولا غيرهم بتناول الكلمة، ورفعت الجلسة في جو يناقض تماما بدايتها ومدة انتظامها. علما أن مجموعة من المسؤولين كانوا متأكدين بأن الطلبة لن يقاطعوا هاته المرة الامتحانات، وكانت الصدمة قوية بأن ازداد عدد الطلاب المقاطعين، حيث عمت المقاطعة كل الكليات والمستويات، باستثناء مجموعة قليلة من الطلاب العسكريين والطلاب الأجانب وطلاب مغاربة، واستمرت الأوضاع على ما هي عليه إلى حدود اليوم.

 

هل المقاربة التي اعتمدتها الوزارة لحل هذا الملف كانت غير مجدية؟

نعتقد أن المقاربة التي اعتمدتها الوزارة غير صحيحة تماما في حل هاته الأزمة منذ بدايتها، إذ لم يلتق السيد الوزير بلجنة الطلبة ولو مرة واحدة منذ تعيينه مسؤولا عن القطاع، وحتى بعد انطلاق الأزمة لم يجتمع بهم، حيث كان يدبر الملف عن بعد، وهو ما زاد من تعقيده، كما أن التدبير المركزي للأزمة عقدها، فلم يكن ممكنا لأي عميد أو رئيس أو حتى الكاتب العام للقطاع – رغم أنه كان يترأس الاجتماعات- أن يتصرف في الملف لا محليا ولا وطنيا، ثم إن الخروج الإعلامي المتأخر شكلا وغير الموفق مضمونا للسيدين الوزيرين، لم يساعد على جواز إيجاد حلول للملف، فالتصريحات لم تكن موفقة تماما والمعالجة كانت بمنطق الاستعلاء والقوة والسلطة، ولم تكن أبدا بمنطق الحوار والإنصات والتنازل والشرح لمجموعة من «المغالطات»، التي صاحبت هذا الملف منذ الإعلان عن المقاطعة.

 

هل تعاطي الوزارة مع الأزمة هو ما صعب التوصل لحلول لها؟

كل ما ذكرت وما لم أذكر سبب في عدم جواز التوافق على حلول لما هو مطروح من المشاكل المرافقة للحياة البيداغوجية لطلبة الطب والصيدلة، وظروف تكوينهم، وإعدادهم للانخراط في الأوراش الملكية المرتبطة بالحماية الاجتماعية للمواطن المغربي، ينضاف إلى كل ذلك مجموعة من الأخطاء التي اعتبرنا في المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين في اجتماعاتنا ولقاءاتنا مع لجنة الطلبة أنهم لم يكونوا على صواب في تدبيرهم لهذا الملف، أخطاء زادت من تعقيده ومن عدم وضوح مكوناته وأطرافه، فكيف يمكن أن نقبل أن حركة احتجاجية مطلبية تعلن عن انطلاقها بمقاطعة شاملة للدروس والتداريب السريرية في بلاغ دجنبر، وكيف يمكن أن نقبل أن يتصدر ملفهم المطلبي سبع سنوات أو لا شيء؟ وكيف يمكن أن نجد حلولا لملف مركب ومعقد، وكثرة الوسائط والتدخلات مع الطلبة بلغت في بعضها قمة التناقض والاستهتار بملف وطني، يجعله جلالة الملك محمد السادس نصره الله أولوية وطنية خدمة للمواطنات والمواطنين، فهذا يدعي قربه من ذاك وذاك يدعي علاقته المباشرة بهذا، وهذا يحمل رسالة من هذا وهاته تقرر وتبلغ وتنفذ وتصدر البلاغات، وهذا يتحدث باسم الثلاثة وتناقض خطواته أهدافه ورسالته، فتتبعثر الأوراق بين يديه لأهداف يعلمها هو ومن سخره، وهكذا تاه الجميع في ملف لم نعد نضبط لا بداياته ولا نتوقع نهايته، إذا استمرت الأمور على ما هي عليه اليوم..

 

ماذا عن مسؤولية باقي الأطراف في هذه الأزمة؟

إن ما وقع هاته السنة لطلبة كليات الطب والصيدلة يسائل الجميع في كل المستويات ويهم كل المكونات، فاستمرار الأزمة سيزيد من تعقيدها وسيمدد أمدها وسيعقد حلولها، فالأمر ليس كما يتصوره البعض بأنه خلال هذا الدخول سنكثف من الدروس النظرية، وسنعتمد التعليم عن بعد في السنتين الأولى والثانية، وسنوسع من أماكن التداريب السريرية..

هاته أقوال نظريا ممكنة، لكنها في الواقع معقدة وصعبة التطبيق إن لم تكن مستحيلة، فكيف يمكن تدبير الزمن البيداغوجي والتكويني لفوجين في كل واحد من السنوات الخمس!؟ وكيف يمكن أن يؤطّر أستاذ باحث طلبة السنة الأولى مثلا بعدد ألفين طالب تقريبا!؟ وكيف يمكن أن نوجد مقاعد للتداريب السريرية في هذه الأوضاع، والوزارتان لم تتمكنا قبلا وفي الظروف العادية من توفير سرير لكل طالب أو أكثر!؟

فالخصاص مهول، ونسبة التأطير ضعيفة مقارنة مع ما هي عليه في الدول المتقدمة، حيث تصل في مجموعة منها إلى أستاذ لكل أربعة طلبة، والحال عندنا أن النسبة تصل إلى أستاذ لكل عشرين طالبا على الأقل، وقد تصل في كلية الطب بالعيون إلى أستاذ لما يقارب مائتين طالب، بسبب قلة الأساتذة هناك، لذلك نعتقد أن استمرار هاته الأوضاع اليوم ينذر بدخول جامعي متعثر قد ينتهي بقرار مقاطعته تماما من قبل الطلاب، وبذلك نكون أمام وضع أكثر تعقيدا يؤثر دون شك على منظومتنا الصحية التي يعاني منها المواطن في البوادي والقرى ومجموعة كبيرة من المدن، بل قد تكون المعاناة عامة في مجموعة من التخصصات، بسبب نقص حاد في الموارد البشرية، وبسبب عدم وجود بعض التجهيزات والبنيات، رغم المجهود الكبير الذي تقوم به الدولة المغربية ماليا وفتحا لمجموعة من الكليات والمستشفيات والمراكز الصحية، وكذا التدابير القانونية التي صودق عليها من قبل البرلمان بغرفتيه، وهي كلها مبادرات وقرارات تهيىء المملكة للنجاح في الأوراش الملكية الكبرى المفتوحة وطنيا ودوليا، وحتى تتقدم المملكة في كل المؤشرات الخاصة بالتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية، وتجعل منها قوة دولية ضمن القوات الدولية.

 

هل أثر تدبير هذا الملف في مستقبل التكوين في المجال الصحي؟

إن تدبير هذا الملف عقد من الأوضاع، وجعلنا أمام المجهول، فعوض ربح رهان تقليص مدة التكوين إلى ست سنوات، ونربح بذلك فوجا واحدا، وتستقر منظومة التكوين والبحث بكليات الطب والصيدلة، ونضمن عدم مغادرة هؤلاء الشباب وطنهم إلى الخارج، ها نحن اليوم أمام محاولات هجرة جماعية إلى ألمانيا ورومانيا وفرنسا وإسبانيا والسينغال وتونس وغيرها من الدول، كما أن مجموعة من الأسر قررت تسجيل أبنائها وبناتها بالكليات الخاصة، رغم التكاليف الباهظة بها (بين 100000 درهم و130000 درهم في السنة)، هروبا من المعاملات غير المبررة للقطاع الوصي مع طلابنا، الذين وجدوا أنفسهم أمام المجهول. لسنا ضد خيار القطاع الخاص، أبدا فهو مكمل للقطاع العام، لكن يجب ألا يكون اختيارا اضطراريا للأسر.

 

ما هو جوهر الخلاف بين مطالب الطلبة والوزارة الوصية؟

بخصوص ما هو مطروح من مشاكل بين الطلاب والوزارتين، نعتقد في المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين أن هناك مجموعة من المغالطات لا في طرح الملف ولا في الأجوبة المقدمة بخصوصه للطلاب من قبل الوزارة الوصية، لقد عقدنا عدة اجتماعات مع ممثلي الطلبة ولم نلمس لديهم أي رغبة في ادعاء كونهم يرفضون ست سنوات مطلقا، ولم يصرحوا أمامنا بأنهم يشترطون المشاركة في اتخاذ قرارات تدبير المؤسسات الجامعية، ولم يظهر لنا أنهم يدافعون عن السبع سنوات، بهدف مغادرة المغرب..  هاته مغالطات لا نعرف كيف بلغت للسيد الوزير، وكيف أبلغها هو لزملائه في الحكومة، وكيف راجت بين الرأي العام، فالهجرة إلى الخارج لا يشترط لمن اختارها سبع سنوات، أبدا، قد يهاجر وهو في سنته الثانية أو الثالثة كما هو الحال عند مجموعة من الطلاب الذين يتعلمون اللغة الألمانية في بداية مشوارهم الجامعي، من أجل الهجرة التي قد تنتهي بعد نهاية التكوين بالعودة إلى البلد أو البقاء فيه، وهو أمر في كلتا الحالتين مفيد للوطن.

الخلاف إذاً ليس في ست أو سبع سنوات تكوين، لأن القضية مرتبطة أساسا بمجموع ساعات التكوين والبحث خلال مدة الحياة الطلابية، فمجموعة من الدول تعتمد فعلا اختيار ست سنوات تنتهي بالحصول على دبلوم في الطب يجيز لحامله مزاولة مهنة الطبيب بشروط، ولا يسمح له بفتح عيادة في الطب العام – لأنها تعد تخصصا- إلا بعد سنوات تكوين إضافية، تبدأ بسنة واحدة إن لم يكن قرر استكمال مساره في التخصص ويؤذن له بفتح عيادة في الطب العام، وتصل إلى ثلاث سنوات أو أكثر لمن اختار طريق التخصص، كما هو الحال في طب الأسرة مثلا، أو تخصصات أخرى تتطلب سنوات إضافية في التكوين والبحث ليكون طبيبا مختصا في الجلد أو القلب أو الطفولة أو الجراحة أو الإنعاش أو غيرها مثلا، فحين نتحدث عن ست سنوات فالأمر يتعلق بالحصول على دبلوم طبيب وليس دكتوراه، وهي شهادة مهنية تسمى مثلا في اسبانيا «Grado»، ولها تسميات أخرى في مجموعة من الدول.

هذا ما يتم في مجموعة من الدول الأوروبية وغيرها، وأما النظام الأمريكي فيختلف عن هاته الأنظمة، إذ إنه يعتمد شرط الدخول إلى التكوين الطبي على الحاصلين على الباشلور في تخصص علوم بعينها من مثل الفيزياء والرياضيات والكيمياء والفزيولوجيا والتشريح وعلم النفس وغيرها من العلوم التي لها علاقة بالإنسان، ويشترط في حامله الحصول على نقاط عالية جدا، وبعد النجاح في مباراة كليات الطب يقضي أربع سنوات على الأقل للحصول على دبلوم طبيب، ولا يجوز له لمس مريض إلا بعد سنوات أخرى تختلف من ولاية إلى أخرى في أمريكا، فتكوين طبيب نفسي مثلا يدوم إحدى عشرة سنة، فالأمر ليس بالسهولة التي عبر عنها السيد الوزير وهو يبرر قرار الحكومة تقليص سنوات الدراسة في الطب إلى ست سنوات.

 

هل كان تنزيل قرار تقليص سنوات التكوين سببا مباشرا في هذه الأزمة؟

لقد افتقدت الوزارة إلى الحنكة البيداغوجية في تنفيذ هذا القرار وتدبير مجريات الحوار مع ممثلي الطلبة، ثم إن الوزارة لم تكن مستعدة للإعلان عنه وتطبيق مقتضياته في ظروف موضوعية، فالسلك الثالث وهو بؤرة ومحور الأزمة، تأخر سنوات عدة والرؤية لم تكن واضحة وموحدة بين عمداء الكليات المعنية وأساتذتها والوزارة، بل إن الأمر بلغ حد اختلافهم حول أي نموذج يصلح للمغرب، فمن مدافع عن النموذج الفرنسي، ومن مدافع عن الإسباني، ومن مدافع عن الألماني، ومن مدافع عن الأمريكي، ومن مدافع عن مشروع يجمع بين أجزاء كل هاته الاختيارات، والغائب الأكبر في هذه النقاشات التي دامت سنوات هي الإمكانات البشرية، والمادية، واللوجيستيكية، إضافة إلى سلبية تغير مجموعة من العمداء والرؤساء والمديرين، وهو الأمر الذي كان سببا في فقدان الخيط الرابط بين هاته النقاشات، أي أن الإدارة بمعناها القانوني كانت غائبة.

إضافة إلى كون بعض الكليات بدون عميد لشهور، ومنها من هي بدون هياكل وتتخذ القرارات، ومنها من عطلت بها الهياكل، إذ أصبحت صورية ومنفذة لقرارات فوقية، إذ لم يعد لاستشاريتها أي معنى، علما أن كل الآراء الصادرة عنها لا تصبح تقريرية إلا بعد مصادقة مجالس الجامعات، وهو أمر لم يتم مع كل أسف، إنه تعطيل مقصود للهياكل المنتخبة وذاك ما جعل التشتت في الترافع عن الملف سمة عامة في كل المواقع، الطلبة في واد وأغلب الأساتذة في واد، والعمداء ونوابهم والكتاب العامون في واد آخر، وكل هؤلاء والوزارة في جزيرة مغلقة المنافذ مستحيلة التواصل.. تبلغ قراراتها لشبكة العمداء التي ينسق أشغالها رئيس جامعة، وهي بالمناسبة هيكل غير قانوني في كل قراراته، إذ لا وجود لهذا النوع من الشبكات في القانون 01-00، فالجهة الوحيدة التي تتخذ القرارات هي مجلس الجامعة، وهذا في اعتقادنا المتواضع أصل الأزمة وسببها الرئيس.

فمن يتحمل المسؤولية؟ ومن يحاور من؟ ومن يفاوض من؟ ومن يرافع ويدافع عن الملف وأمام من؟

 

في تقديركم، ما هو أفق حل هذه الأزمة؟

نعتقد أنه ما زالت هناك فرصة للحل، والحل اليوم بيد السيد رئيس الحكومة، عن طريق مؤسسة الوسيط، لذلك نوجه إليهما نداء ومناشدة المواطنة الحقة المؤسسة على كونها حقوقا وواجبات للتدخل وإيجاد الحلول الممكنة، توقيفا لهذا التوتر وهاته الأزمة، وإعدادا لدخول جامعي طبيعي وعادي وبداية لصفحة جديدة بين طلبة الطب والصيدلة والوزارتين المسؤولتين، تكوينا وبحثا وإعدادا لجيل جديد من الأطر الطبية والصحية، وانخراطا بجدية في مقتضيات المشاريع الملكية المتعلقة بالحماية الاجتماعية والتكوين والبحث. تدخل يمكن أن يعيد الطلاب والأسر والأساتذة الباحثين إلى حالة الاستقرار والاطمئنان على السير العادي لمنظومة التكوين والبحث بكليات الطب والصيدلة. نداء ومناشدة نوجههما إلى السيد رئيس الحكومة، باعتباره المسؤول الأول عن السير العادي للمرفق العام، وهو قادر على ذلك، كما تمكن من حل أزمتي التربية الوطنية والصحة، يمكنه وضع حد لهاته الأزمة.. وللسيد رئيس مؤسسة الوسيط لمكانة المؤسسة ووظائفها الدستورية، ولأني أعيش على الأمل وبالأمل كما قال محمود درويش «علي أن أخترع الأمل ولو كنت محبطا»، فأنا متشبث بهذا الخيار، أي خيار تدخل هاتين المؤسستين لحل الملف، فالأول دستوريا هو رئيس القطاعات الحكومية، وهو الذي فوض للسادة والسيدات الوزراء تدبير قطاعاتهم، وهو المسؤول عما يقع في كل قطاع، وله كل الصلاحيات في وضع حد لهذه الأزمة التي تسيء للوطن، وقد تفسد الانطلاقة الجيدة للمشروع الملكي الخاص بالحماية الاجتماعية، بل وتنفر هؤلاء الشباب من المؤسسات وقد تكون مشتل صناعة «التطرف»، لكل ذلك نجدد نداءنا للسيد رئيس الحكومة والسيد رئيس مؤسسة الوسيط لإيجاد الحل والتدخل العاجل خلال الساعات المقبلة، طيا لصفحة مؤلمة للطلاب والأساتذة والإداريين والأسر وكل مكونات المجتمع المغربي، فمن غير المقبول ولا المعقول أن يترك هؤلاء الطلبة أمام المجهول.

فإن فعلا حصل ذلك وتم حل الأزمة فللأول أجران، أجر سياسي وأجر مجتمعي، وقد ينضاف إلى ذلك كله أجر العفو عند المقدرة، تجاوزا لأخطاء مشتركة بين الأطراف المعنية، وللثاني أجر التنفيذ السليم والأمثل لمقتضيات دستور المملكة، وبذلك يكونان يمارسان اختصاصاتهما الدستورية من موقع كل واحد منهما، فيعفى هؤلاء الطلاب من التفكير في التوجه إلى الديوان الملكي طلبا لعطف جلالته المتجدد، وتحصينا للوقار المطلوب تجاه المؤسسة الملكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى