الدرك الأسفل من الحقد
لا يستطيع الإنسان وهو يتابع مواقف النظام الجزائري، إلا أن يقف مشدوها أمام وسائل وأساليب الحقد ومنسوب الكراهية التي أصيب بها هذا النظام العسكري، إلى درجة أنه أصبح يشترط على الدول التي يزودها بالغاز عدم إعادة بيع جزء منه إلى المغرب، بل بلغ منه الفجور في الخصومة إلى تقبل فقدان الملايير من الدولارات المملوكة للشعب الجزائري الشقيق، لكي يحاول خنق الاقتصاد المغربي، وهذا ليس بغريب عن نظام «الكابرانات»، الذي صرف، خلال زهاء نصف قرن، مئات الملايير من الدولارات لتفتيت الأراضي المغربية والمس بوحدة المملكة الترابية، دون أن يتحقق مسعاه ولن يتحقق.
العالم مقتنع أن الجزائر تسير بخطوات سريعة نحو الحقد الأعمى، وتحاول أن تمحو كل الود التاريخي الذي يربط بين الشعبين، فمن اتهامات ثقيلة للمغرب بدعم الاحتجاجات الداخلية، إلى اتهامه بتمويل الإرهاب وقتل أفراد من الجيش الجزائري، وتحول الانحدار في الخطاب والممارسة إلى التلويح بشن الحرب العسكرية، وقبلها إعلان قطع العلاقات الديبلوماسية بشكل انفرادي، وتطورت الأمور إلى إلغاء أنبوب الغاز الذي كان يربط الجارة الشرقية بالقارة الأوروبية، بمبررات بهلوانية، مما دفع الجزائر إلى مضاعفة عدد ناقلات الغاز الطبيعي المسال، التي لم تكن لتحتاجها لو أنها أبقت على خط أنبوب الغاز المغاربي- الأوروبي قيد التشغيل. بعدها أخذ الحقد الأعمى مسارا جديدا لم يألفه الشعبان، بل نظاما الدولتين في أحلك الفترات، وهو انتقال المقاطعة الديبلوماسية إلى التحريض الدولي ضد المغرب مقابل الغاز، حيث ظهرت أولى بوادره في فرض شروط على الحكومة الإسبانية بعدم إمداد المغرب بقطرة واحدة من الغاز الجزائري، حيث لم يتوقع أحد أن تصل حماقات العسكر إلى هذا الدرك الأسفل من الخبث والضغينة.
من حسن حظنا أن الاقتصاد المغربي بني طيلة نصف قرن خارج الرهان على الغاز الجزائري، وإلا كنا سنعيش على وقع تداعيات قرارات متهورة لنظام فاقد للمصداقية، ولا يمكن الوثوق به. ومهما تفنن النظام الجزائري في الابتزاز والكيد لبلدنا، فلن يبلغ مراميه مهما بلغت ظروف الأزمة، فقد اعتادت الدولة المغربية الخروج قوية ومتماسكة من أعتى الأزمات الدولية، ويكفي أن نعود إلى أزمة 2008، حيث بلغ سعر برميل النفط 150 دولارا، لكن المغرب حافظ على توازنه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بل حول الأزمة إلى فرصة للتنمية.