بقلم كلير سيجورنت عن مجلة Psychologies
كانت سنة 2020 حافلة بالأحداث المرتبطة في جوهرها بوباء كوفيد-19 الذي ضرب العالم بأسره، كإلغاء جميع التظاهرات الفنية والثقافية، وفرض قيود على التنقل، والالتزام بمبادئ الوقاية الأساسية، وذلك على مدار عدة أشهر، لنصل اليوم إلى الدخول المدرسي في ظل فيروس كورونا بين خياري التعليم عن بعد والتعليم الحضوري. سوف نتطرق قبل كل شيء في هذا العدد من «دليل الصحة النفسية» إلى الجانب النفسي في هذه المسألة وكيفية تهييء الأطفال نفسيا لاستقبال الموسم الدراسي الجديد.
كيف تهيئ طفلك لبداية العام الدراسي 2020؟
بينما تظل العديد من الأسئلة بدون إجابة، يحل علينا الدخول المدرسي الجديد. بالنسبة لبعض الطلاب، تعد هذه عودة كبيرة بعد ما يقرب من 6 أشهر من الحجر المنزلي. كيف يمكن أن يستعدوا لهذه البداية الخاصة للعام الدراسي دون قلق؟
تقول أوريليكاليت، أخصائية علم النفس والمدربة الأسرية: «قبل أسبوعين من بدء العام الدراسي، لا يزال هناك الكثير من الأمور المجهولة. لذلك من الصعب توقع ما سيحدث». في الواقع، حتى وقت كتابة هذا المقال، لم تتغير الإجراءات المعلنة لبدء العام الدراسي، والتي تتصف بالمرونة إلى حد ما، وتم تكييفها مع فترة كان فيها انتشار الفيروس أقل بكثير. ولكن مع اقتراب العودة إلى المدرسة، فإن الحالات أخذت في الارتفاع.
الأطفال معتادون على تدابير الوقاية الأساسية
في روض الأطفال والمدارس الابتدائية، لن يضطر الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 11 سنة إلى ارتداء كمامات. وبالتالي، لن تختلف الحياة اليومية كثيرا عما عاشه أطفال المدارس في السنوات السابقة. إذا ارتدى الموظفون كمامات، فلن يتفاجأ الأطفال. لقد رأوا آباءهم وأصحاب المتاجر والمارة يرتدونها لعدة أشهر، وقد اعتادوا على ذلك. يمكن لفت انتباههم إلى أنه سيكون هناك معقم عند مدخل فصلهم وتذكيرهم بالتعليمات الأساسية: لا قبلات للأصدقاء، أن نغسل أيدينا بانتظام، ولا نضع الأقلام في فمنا … «
ولكن من الأفضل عدم المبالغة في ذلك، كما تنصح الأخصائية النفسية، من ناحية، لأن كل شيء يمكن أن يتغير بين عشية وضحاها إذا تغيرت التوجيهات الحكومية، ومن ناحية أخرى، لأنه لا ينبغي لنا أن نولد القلق حيث لا يوجد. «عليك أن تكون صادقا معهم وأن تخبرهم أنه لا يزال هناك الكثير من الأشياء التي لا نعرفها عن هذا الفيروس. إننا نفعل ما في وسعنا على قدر المستطاع، وهم أيضا، من خلال احترام هذه التعليمات، يساهمون في حماية صحة الجميع».
الرسالة نفسها موجهة أيضا إلى طلاب الجامعات، الذين سيكون بالنسبة لهم بداية هذا الموسم الدراسي مختلف عن سابقيه: بدءا من المستوى السادس ابتدائي، سيتعين عليهم ارتداء الكمامات. تقول أوريليكاليت: «بالنسبة للمراهقين، يجب التأكيد على أهمية هذه البادرة لصحة الآخرين». إنهم ميالون للاعتقاد بأنه لا فائدة من ارتداء الكمامات لأنهم يرون أن الفيروس لا يؤثر عليهم. يجب التوضيح أن في ذلك حماية لصحة الآخرين الذين يعيشون في المنزل وأحبائهم: الأطفال، والآباء والأجداد، خاصة في خطر.
اختر أدواتك.. وكمامتك
من المفروض على الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 11 سنة ارتداء الكمامات لأكثر من شهرين، وكان لديهم الوقت حتى يستأنسوا بها. «في الشوارع، في المتاجر، في المطاعم.. يزعجهم ذلك أحيانًا، لكنها أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية. لكن المستجد هو قضاء اليوم بها»، تشير أوريليكاليت. للاستعداد لهذا الاحتمال، تنصح الأخصائية النفسية، «بأخذهم في نزهة طويلة، على الأقل ساعتين، وهم يرتدون الكمامات، يتعلق الأمر بكيفية رد فعلهم، إذا أخذوا الأمر إيجابيا. يعاني بعض الأطفال، لاسيما ذوي الإمكانات العالية، من فرط حساسية للمواد أو الروائح. لن يتمكنوا من ارتداء كمامات تشعر بالحكة أو تنبعث منها رائحة كريهة».
نظرا لأنه سيتعين عليهم ارتداؤها، فمن الأفضل كبح التوتر والعثور على الكمامة التي تناسبهم. لذلك، هذه السنة، بالإضافة إلى اختيار الأدوات، وهو طقس أساسي لبدء العام الدراسي، نقوم باقتناء الكمامات، المادة والشكل والصلابة: يتعلق الأمر بفهم أفضل ما يناسب الطفل. ولإضفاء القليل من الخفة على كل ذلك، توصي أوريليكاليت الآباء الذين يمكنهم شراء كمامات خاصة لأطفالهم، مع الأشكال التي يحبونها: «عليك أن تلعب على الجانب «العصري» للحصول على موافقتهم. في العيادة، أملك سلسلة كاملة من الكمامات المضحكة، الأطفال والمراهقون الذين يأتون إلي يلاحظونها على الفور. إن ذلك يلطف الجو».
ماذا عن التأخير المتراكم في التعلم
من قال إن العودة إلى المدرسة تعني التعلم الجديد. بما أن المتابعة كانت متباينة جدا من أسرة إلى أخرى، فمن الواضح أن بعض الطلاب لم يفتحوا كتابًا دراسيًا واحدًا لعدة أشهر. تحذر عالمة النفس: «سيتعين على المعلمين التعامل مع مستويات غير متجانسة للغاية». قبل الصيف، أعلنت الحكومة عن ارتسامات بداية العام، ساعات من الدعم الشخصي … كلها حلول ينتظر فيها الآباء والمعلمون المزيد من المعلومات.
وتشير أوريليكاليت إلى أن «الأشخاص الأكثر توترا ليسوا من لم يدرسوا في فترة الحجر الصحي». ومع ذلك، فإن «الأمر يتعلق بالصدق مع الأساتذة والاعتراف لهم بأن الطفل لم يدرس، وأنه يفتقر إلى كل مفاهيم الفصل الأخير». ليس من السهل على الآباء الاعتراف والقول، «لقد بذلنا قصارى جهدنا خلال هذه الأشهر الصعبة، لكنها سنة دراسية جديدة، ويجب البدء على أسس صلبة».
عند إبلاغ المعنيين بالتأخير المتراكم، سيعرف الأساتذة سبب وجود فجوات لدى التلميذ. في حين أنه إذا ادعى الآباء أن الطفل قد درس في حين أنه في الواقع لم يدرس، فسوف يتساءل المعلمون عن أساليب عمله. هذا ما عليك التفكير فيه، توضح الأخصائية النفسية: «يجب أن ينتبه الآباء بشدة للملاحظات الأولى، حتى لا يسمحوا بتراكم التأخير. في اللغة الفرنسية والرياضيات واللغات الأجنبية على وجه الخصوص، يعتمد البرنامج على إنجازات العام الماضي. إذا كانت العلامات سيئة بسبب الفجوات الكبيرة جدا، فسيكون من الضروري العمل مع الابن في عطلات نهاية الأسبوع أو إيجاد حلول للدعم الأكاديمي».
عودة مدرسية مثل كل سنة
«بالنسبة للأطفال والمراهقين، فإن الأمر يتعلق بالدخول المدرسي قبل كل شيء»، تقول الأخصائية. وترتبط التحديات بشكل أكبر بما إذا كانوا في نفس الفصل مع أصدقائهم ومن هم الأساتذة أكثر من ارتباطهم بمسألة التباعد بين الطاولات. علاوة على ذلك، بين الأطفال الأكبر سنا في المدرسة الابتدائية وخاصة بين طلاب الجامعات، هناك أحيانا رغبة حقيقية في العودة إلى المدرسة، ليس بالضرورة للتعلم، ولكن على الأقل لقاء الأصدقاء من جديد، والتخلص من مراقبة الآباء طوال اليوم… كلها أمور تستحق هذا الحماس!
إذا مثلت هذه السنة دخولهم الأول إلى الدراسة أو قاموا بتغيير المدرسة، «يمكننا مرافقتهم إلى المدرسة ونقول لهم: «ها أنتم سوف تدرسون هنا هذه السنة، إنها مدرستكم». في بعض الأحيان يمكن مشاهدة الساحة، ولكن حتى لو أريتهم الباب فقط، فإن ذلك سوف يشعرهم بالاطمئنان ويساعدهم على تصور المكان». من الممكن أيضا طمأنة الأطفال الذين لم يختبروا العودة إلى الفصل من شهر مارس، عندما كانت التعليمات الصحية قاسية: «في الوقت الحالي، أصبحت التعليمات أكثر مرونة، وستكون الفصول الدراسية ممتلئة، وسيكون بإمكانهم اللعب بشكل طبيعي في الفصل الدراسي. الساحة، والمقصف سيكون مفتوحا… ستكون بداية مختلفة عما شهدوه في الأشهر السابقة».
«يمكن أيضا تنظيم لقاء مع زميل في الفصل تربطه صداقة مع طفلك، لقد مرت 6 أشهر منذ أن التقوا آخر مرة. ربما سيتحدثون معا عن المدرسة والأصدقاء الآخرين والمعلمين… إنها طريقة جيدة للعودة إلى الأجواء الدراسية دون أن تبدو كذلك، وهي طريقة ممتعة أفضل من جلسة مكثفة لمراجعة جداول الضرب».
أولياء الأمور.. لا تضغطوا على أطفالكم
بقلم غابرييل رافي عن مجلة Psychologies
بالنسبة لأولياء أمور الأطفال أو المراهقين، العودة المدرسية تعني شراء اللوازم المدرسية، واستعمالات الزمان لتسيير جميع أفراد الأسرة، والانخراط في ألف نشاط ونشاط… إنها أرض خصبة للآباء للضغط عن غير قصد على أطفالهم. في ما يلي 3 نصائح لبداية سلسة للعام الدراسي.
بالنسبة لمعظم الآباء، تعد فترة العودة إلى المدرسة مصدر قلق، وهو القلق الذي ننقله أيضا إلى أطفالنا دون وعي وبشكل محرج من خلال ضغوط الحياة اليومية، الضغط الذي يمكن تجنبه.
لا داعي للذعر
إننا نفعل ما في وسعنا، وأفضل ما في وسعنا، وكذلك يفعل الأطفال.
لنأخذ مثالا كلاسيكيا لطفل يعاني من مشكلة في تكوين صداقات في المدرسة. من الواضح أننا كآباء وبالغين مهتمين، نريد أن نفعل كل ما هو ممكن لمساعدة طفلنا دائما على التحسن والمضي قدما، لكننا لا نعرف تحديدا ما يدور في رأسه. هل يريد حقا إنشاء صداقات في هذه المدرسة؟ هل يجد صعوبة في التفاعلات الاجتماعية؟ هل يحاول لفت الانتباه إلى نفسه؟ هل هو ضحية تحرش؟
ما هو مؤكد هو أننا لا نساعده بإخباره أنه سيتعين عليه هذا العام الحصول على أصدقاء وأنه لا يمكن أن يبقى بمفرده خلال فترة الاستراحة. ما يجب القيام به بشكل طبيعي سيحدث بشكل طبيعي.
إذا لم يكن الأمر كذلك، فهناك خطب ما والطفل ليس مسؤولا عنه. عادة ما يجد المراهقون في نفس الموقف بعض المتعة في التناقض مع والديهم المحبوبين من خلال الانغلاق على أنفسهم أو مصادقة أشخاص يعتبرهم آباؤهم «غير صالحين».
النصيحة: ابق متيقظا في جميع الظروف بشأن مرافقة طفلك أوقات الوحدة، ولكن احرص على عدم زيادة ألم الطفل الذي يعاني بالفعل في هذا الصدد. إذا كنت تشعر بالإرهاق، فقد يكون من الأفضل الاتصال بالمدرسة حتى يتمكن المعلمون من التدخل وتزويدك بمعلومات إضافية حول سلوك طفلك في الفصل. وبالتالي، يمكنك التوجه، إذا لزم الأمر، إلى المتخصصين المعنيين الذين سيعملون مع طفلك على الصعوبات التي يواجهها، على سبيل المثال ضمن مجموعات المهارات الاجتماعية.
الماضي يبقى ماضيا
امنح الطاقة الجيدة من أجل بداية جديدة لهذا العام
ربما يكون طفلك قد أنهى العام الماضي بمعدل 5 رياضيات و10 ساعات عقوبة، لأنه وجد أنه من المثير للاهتمام التحدث عن مباراة في كرة القدم أكثر من الانتباه في درس حول نظرية فيثاغورس.
يصادف شهر شتنبر بداية جديدة، وتجديد، وفرصة جديدة لكل منا للقيام بعمل أفضل من العام الماضي.
على الرغم من أن طفلنا سيحصل للأسف على لقب بطل التلميذ المزعج في جميع الفصول، دعنا نضع في اعتبارنا أنه يتمتع أيضا بالعديد من الصفات، وأنه إذا أخرجنا الطفل من بيئة المدرسة، أي الدروس، وملاحظات من المعلمين، وضغط النجاح والتوجه المثالي نحو مستقبل بدون عوائق حتى التقاعد، سوف نجد أنفسنا أمام طفل غالبا ما يرغب في القيام بعمل جيد ولكنه لا يعرف كيف يقوم به، إنه طفل حكم عليه بالفشل قبل أن يخوض غمار التجربة أصلا.
نصيحة
ضع في اعتبارك أن طفلك قد يواجه صعوبة في الإدراك والفهم وأنه في هذه الحالة اختار أن يضحك ويلهو مع أصدقائه. لم تتوان المدرسة في إشهار البطاقة الحمراء في وجهه وتحذيره، وتصنيفه كتلميذ سيئ سوف ينتهي به المطاف في التماهي مع هذا التوصيف. قبل إبداء رأي قاطع حول سلوك طفلك، تأكد من أن هذا السلوك السيئ لا يأتي مصادفة من إعاقة معرفية، وذلك من خلال خضوعه لتقييم القدرة المعرفية الذي سيسلط الضوء على أداء طفلك. الطفل ومستواه حسب فئته العمرية، بغض النظر عن توقعاتك كولي أمر أو مستوى متطلبات المدرسة.
كل طفل فريد من نوعه
من المغري دائما مقارنة طفلك بطفل آخر… والبيئة المدرسية ليست استثناء من القاعدة. هنا سوف نأخذ مثال الطفل الذي يعود إلى المنزل بتقدير جيد. لقد سبق لك بكل تأكيد أن سألت طفلك عما إذا كان طالب آخر قد حصل على درجات أفضل منه أو ما هو أعلى معدل في الفصل؟ كلنا نميل إلى القيام بذلك ولكنه خطأ. إننا نضيع بهذا التصرف فرصة مهمة لتهنئة وتقدير طفلنا.
لا يهم ما إذا كان أعلى معدل في الفصل هو 16 أو إذا كانت نتيجة ماري آنج فرانسواز أوجيني.. كالمعتاد 19.75 من أصل 20 مع تشجيعات المعلمة. يحتاج الطفل إلى الشعور ومعرفة أنه محبوب من والديه، ليس لأنه ناجح، ولكن لأنه طفلهم. وبالمثل، لا يحتاج إلى مقارنته مع الأطفال الآخرين خاصة إذا كانت نتيجة المقارنة ليست في صالحه، وهذا ينطبق على جميع المجالات.
النصيحة
احرص دائما على تقديم ملاحظات إيجابية لأطفالك، بغض النظر عن النتائج وقبل كل شيء، بغض النظر عن نتائج الآخرين! عندما ينهي رياضي الماراثون بالوصول إلى المركز 81، فإنه لا يزال يحصل على ميدالية. تعلم أن تمدح طفلك على حساب جهوده وشجعه على الاستمرار بهذه الطريقة حتى يجد اهتماما بالاستعداد للعمل بشكل جيد وتحقيق نتائج أفضل دائما.
الشيء الرئيسي هو أن تكون دائما على اتصال مع طفلك، مع الحفاظ على دور الوالدين. إذا لم يعبر الطفل عن أي مخاوف، فاذهب للحصول على المعلومات بطريقة ماهرة ودقيقة مع الحفاظ على ثقته بنفسه. تذكر أن الطفل لين جدا، وبحكم التعريف فإنه يتغذى أيضا من مخاوفنا وبسرعة كبيرة. وبالتالي، من الأفضل أن ننقل إليه الجوانب الإيجابية فقط.