شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

الداخلية تنهي فوضى العمل الجمعوي

تقنين جمع التبرعات وجمعيات مشبوهة تحت المجهر

وضعت وزارة الداخلية بتنسيق مع الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، مجموعة من الجمعيات «المشبوهة» تحت مجهر المراقبة، بعد رصد حركية غير عادية في حساباتها المالية، وتلقيها أموالا من مصادر مجهولة، قد تستعمل في جرائم غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، وفي نفس السياق، أعدت الوزارة مشروع قانون يتعلق بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، صادقت عليه لجنة الداخلية بمجلس المستشارين، خلال الأسبوع الماضي، وبذلك تكون الحكومة قد شرعت في وضع نهاية لفوضى العمل الجمعوي.

 

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

 

أشهرت وزارة الداخلية، باعتبارها القطاع الحكومي المسؤول عن تدبير المساطر المتعلقة بالوضعية القانونية للجمعيات، العين الحمراء في وجه الجمعيات غير المرخصة، مؤكدة أنها تحتفظ بحقها في تفعيل المساطر القانونية والقضائية في حق الهيئات الجمعوية المخالفة للقانون، وقالت الوزارة في بلاغ لها إن «بعض الهيئات الجمعوية، خاصة الجمعيات المهنية، تقوم بإصدار بلاغات حول أنشطتها أو مواقفها أو إعلان قراراتها، بالرغم من عدم توفرها على الصفة القانونية التي تخول لها ذلك، بسبب عدم ملاءمتها مع المقتضيات القانونية أو لعدم تجديد أجهزتها المسيرة، كما يقتضي ذلك القانون المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات».

 

الداخلية تنهي فوضى الجمعيات

أكد بلاغ وزارة الداخلية أنه «بالنظر لكون مثل هذه الممارسات تحمل تضليلا للرأي العام الوطني والدولي، وتمس جوهر دولة الحق والقانون القائم على المعادلة بين ممارسة الحقوق والالتزام بالواجبات، فإن وزارة الداخلية، باعتبارها القطاع الحكومي المسؤول عن تدبير المساطر المتعلقة بالوضعية القانونية للجمعيات، تحتفظ بحقها في تفعيل المساطر القانونية والقضائية في حق هاته الهيئات المخالفة للقانون».

وكانت الوزارة قد تحركت في وجه توزيع الجمعيات مساعدات رمضانية، وأعلن منع هذا الأمر كيفما كان نوع تلك المساعدات دون تراخيص مسبقة، وقد نزلت السلطات المحلية بجميع العمالات والأقاليم وفق توجيهات من الإدارة المركزية لمواجهة الأشخاص والجمعيات التي تحاول توزيع المساعدات الرمضانية دون إخبار السلطات المحلية، مشددة على ضرورة أخذ تصريح مسبق من طرف السلطات المعنية بتوزيع أي إعانات كيفما كانت، والتي باتت تتخذ أبعاد «إشهارية»، تشير المصادر، مبينة أن الجهات التي ترغب في توزيع المساعدات باتت مطالبة بتقديم طلب للسلطات المحلية.

وشرعت السلطات المحلية في المدن الكبرى عبر أعوان السلطة في التواصل مع الجمعيات التي ألفت توزيع القفف الرمضانية، بضرورة التقدم بطلب لدى السلطات في تلك العمالات والأقاليم على أن يتضمن الطلب تصريحا بسلامة المواد الغذائية التي سيتم توزيعها ومطابقة تلك المواد لمعايير السلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وذلك بعدما انتشرت في الأيام الأولى لشهر رمضان  المبارك صور ومقاطع فيديو لجمعيات وأفراد ينضمون حملات لتوزيع  المساعدات الغذائية على أسر معوزة، غير أن تلك الحملات تتخللها بعض الخروقات، كنشر صور الأسر المعوزة المستفيدة منها  في مواقع التواصل الاجتماعي أو إشهار منتجات غذائية معينة، واستغلال صور أطفال خلال تلك الحملات.

ويؤطر قانون الحريات العامة مساطر تأسيس الجمعيات، حيث يلزم على كل جمعية أن تقدم تصريحا إلى مقر سلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي يسلم عنه وصل مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال، وتوجه السلطة المحلية المذكورة إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المختصة نسخة من التصريح المذكور وكذا نسخا من الوثائق المرفقة به، وذلك قصد تمكينها من إبداء رأيها في الطلب عند الاقتضاء، وعند استيفاء التصريح للإجراءات المنصوص عليها، يسلم الوصل النهائي وجوبا داخل أجل أقصاه 60 يوما. وفي حالة عدم تسليمه داخل الأجل، جاز للجمعية أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة في قوانينها، وحسب أرقام وزارة الداخلية فقد بلغ عدد الجمعيات المدنية في سنة 2017 أزيد من 44 ألف جمعية تتوزع على مجموع التراب الوطني، وتتمركز بشكل أكبر في الوسط الحضري.

 

مراقبة الجمعيات المشبوهة

أفاد تقرير لمجموعة العمل المالي الدولية، بأن وزارة الداخلية توصلت بمعلومات دقيقة حول الأنشطة المالية للجمعيات، خلال السنوات الأخيرة، وقامت بتصنيف الجمعيات إلى ثلاث فئات «عالية المخاطر»، و«متوسطة المخاطر»، و«ضعيفة المخاطر»، فيما تحتفظ الهيئة الوطنية للمعلومات المالية بقائمة تضم أسماء الجمعيات المصنفة في فئة «عالية المخاطر»، وتم تضمينها في نظام المعلومات الخاص بها (goAML) لمتابعة ومراقبة أي معاملات مالية مشبوهة، وبالإضافة الى ذلك تتوفر وزارة الداخلية على قاعدة معطيات مفصلة تتضمن البيانات والمعطيات الكاملة عن جميع الجمعيات، ويتم تحديثها بشكل مستمر، حيث هناك تنسيق وثيق بين الو ازرة ومختلف الوحدات الإدارية التابعة لها، كما أن هناك تنسيقاً بين المتدخلين وعلى رأسهم الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، التي تقوم بدور المنسق الرئيسي لدى السلطات الوطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتتولى جمع ومعالجة وطلب المعلومات المرتبطة بأفعال يشتبه في أن لها علاقة بغسل الأموال أو تمويل الإرهاب، واتخاذ القرار بشأن مآل القضايا المعروضة عليها، بما في ذلك أي حالات تتعلق بالأموال التي تتصرف فيها الجمعيات المدنية.

وتأتي هذه الإجراءات في إطار التزامات المغرب الدولية، وتنفيذا للتوصيات الواردة في تقرير التقييم المتبادل الصادر عن مجموعة العمل المالي الدولي، ورصد التقرير مجموعة من الثغرات والنقائص في آليات الرقابة والإشراف المطبقة على الجمعيات المدنية، وسجل التقرير أن السلطات لم تتبن المنهج القائم على المخاطر، ولم تحدد المجموعة الفرعية للمنظمات وفقاً لتعريف مجموعة العمل المالي، كما لم تحدد سمات هذه المنظمات وأنواعها والتهديدات التي تشكلها المجموعات الإرهابية عليها، كما لا تتم مراجعة كافة الإجراءات بما يشمل القوانين لمواجهة مخاطر استغلال هذا الجمعيات من الإرهابيين أو المجموعات الإرهابية، كما لم يتم تقييم مخاطر هذا القطاع لتحديد نقاط ضعفه، وتطرق التقرير إلى غياب سياسات تعزيز النزاهة لإدارة هذه المنظمات، وغياب برامج التوعية حول مخاطر تمويل الإرهاب للمنظمات وللمانحين، والعمل معها لتطوير أفضل الممارسات، وتشجيعها على استخدام القنوات المنظمة في تعاملاتها المالية، كما لا تتم الرقابة والإشراف على هذا القطاع استناداً لمخاطر تمويل الإهاب، ولا توجد نصوص قانونية لفرض عقوبات على المنظمات المخالفة.

وحسب التقرير، فقد أفادت وزارة الداخلية بأن تعمل على مراقبة أنشطة الجمعيات بشكل يومي، وجمع كل المعلومات الخاصة بها بما في ذلك المعلومات المالية، كما تخضع الجمعيات لتتبع حركة الأموال في حساباتها من خلال إجراءات اليقظة من قبل وحدة معالجة المعلومات المالية، والبنك المركزي وجميع المؤسسات المالية الخاضعة لإشرافه، وقامت الو ازرة بالتنسيق مع الجهات الأخرى بتبني برنامج لتعزيز عدد عمليات التفتيش الميدانية كلما ارتفعت المبالغ المالية التي تتلقاها الجمعيات، أو كلما تلقت معلومات حول وجود شبهة، أو معلومات استخباراتية أو غيرها من المعلومات، حيث تم إجراء 224 مهمة رقابية من أصل 1005 جمعية تنصف ضمن الجمعيات «عالية المخاطر».

 

تقنين جمع التبرعات وتوزيع المساعدات

صادقت لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين، خلال الأسبوع الماضي، بالإجماع على مشروع قانون رقم 18.18 يتعلق بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، قدمه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت.

ويهدف مشروع القانون إلى تنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، وذلك بغاية ضبط الإطار المنظم للعمليات الإحسانية، وملء الفراغ القانوني الذي يعرفه هذا التقليد المتجذر للتكافل والتضامن عند المغاربة، وخاصة ما يتعلق بالنقص القانوني الحاصل في طرق جمع التبرعات وتوزيع المساعدات ومساهمتها في العمل التنموي، وكذا عدم مواكبة هذا الإطار للتطورات التكنولوجية.

وينص المشروع على إخضاع جميع عمليات جمع التبرعات من العموم لأحكام هذا القانون مع استثناء عمليات جمع التبرعات بالطرق التقليدية والعرفية؛ وتحديد شروط دعوة العموم إلى التبرع، وحصر الجهات التي تدعو إليه، وتحديد قواعد تنظيم عمليات جمع التبرعات وأوجه استخدامها، وشروط وقواعد توزيع المساعدات لأغراض خيرية؛ وعلى إلزامية إيداع الأموال المجموعة من التبرعات في حساب بنكي. كما ينص مشروع القانون على إلزام الجهة المنظمة لعملية جمع التبرعات وتخصيصها، موافاة الإدارة بتقرير مفصل حول ذلك الفعل؛ وإخضاع جميع عمليات توزيع المساعدات لأغراض خيرية للتصريح المسبق لدى عامل العمالة أو الإقليم، المزمع توزيعها في دائرة نفوذها الترابي.

وحسب القانون، يراد بدعوة العموم إلى التبرع، كل التماس موجه إلى العموم، قصد الحصول على أموال أو منتجات أو مواد، بهدف تمويل أو إنجاز أنشطة أو برامج أو مشاريع ذات صبغة اجتماعية أو انسانية أو تضامنية أو خيرية أو ثقافية أو بيئية أو لأغراض البحث العلمي، أو بهدف تقديم مساعدة أو إعانة لفائدة شخص ذاتي أو أكثر في وضعية هشة أو احتياج أو في حالة استغاثة، أو لفائدة مؤسسة اجتماعية غير ربحية محدثة بصفة قانونية، سواء داخل المغرب أو خارجه، ولا تطبق أحكام هذا القانون على عمليات جمع التبرعات من العموم الخاضعة للنصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالأوقاف العامة، وكذا على عمليات التبرع الهادفة إلى تمويل مشاريع للبحث العلمي إذا كانت موضوع اتفاقات أو عقود بين مؤسسات للتعليم أو التكوين أو البحث العلمي وبين الجهات المتبرع لفائدتها.

ولا يجوز دعوة العموم إلى التبرع إلا من قبل جمعية أو عدة جمعيات مؤسسة بصفة قانونية ومسيرة طبقا لأنظمتها الأساسية، غير أنه يجوز، بصفة استثنائية، دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات من قبل مجموعة من الأشخاص الذاتيين، إذا كان الغرض من ذلك تقديم مساعدات عاجلة لفائدة شخص أو أكثر في حالة استغاثة، شريطة الحصول مسبقا على ترخيص بذلك من قبل الإدارة.

ويمنع القانون دعوة العموم إلى التبرع وكذا تنظيم عمليات جمع التبرعات، أو توزيع المساعدات، لتحقيق أهداف تجارية أو دعائية أو إشهارية أو انتخابية، أو من أجل الترويج لمنتجات أو سلع أو خدمات، وبقصد استغلال حالة شخص أو أكثر يوجدون في وضعية هشة أو احتياج أو في حالة استغاثة، كما تمنع دعوة العموم إلى التبرع بهدف أداء غرامات أو صوائر أو تعويضات صادرة بشأنها أحكام قضائية أو أداء ديون، وكذا تأهيل الإدارة عند الاقتضاء، لتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لفائدة ضحايا الحروب أو الكوارث أو في إطار التضامن الوطني أو الدولي وفق الإجراءات التي تحددها.

وحسب مقتضيات القانون، يجب أن تخصص التبرعات التي تم جمعها، سواء كانت تبرعات مالية أو عينية، للغرض أو الأغراض التي تمت دعوة العموم إلى التبرع من أجلها، ولا يمكن أن تخصص التبرعات المذكورة أو أي جزء منها لتغطية تكاليف تسيير الجمعية أو الجمعيات أو أي شخص اعتباري آخر مؤهل بموجب التشريع الجاري به العمل لتوجيه الدعوة إلى العموم من أجل التبرع أو لتغطية تكاليف تسيير أي جهة أخرى، ويجب أن تتوفر في التبرعات العينية المراد جمعها عن طريق التبرع نفس شروط الصحة والسلامة المطبقة على السلع والمنتجات المعروضة للعموم المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، ويتعين جمع هذه المواد والمنتجات وتخزينها وتلفيفها ونقلها وتوزيعها بالشكل الملائم الذي يضمن صلاحيتها وسلامتها وقابليتها للاستعمال والاستهلاك.

ثلاثة أسئلة

 

بنيونس المرزوقي*

 

 

*أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بوجدة

 

«القوانين المؤطرة للعمل الجمعوي تتطلب المراجعة والتحيين»

 

 

– ما هي خلفيات تحرك الحكومة في الفترة الأخيرة نحو ضبط العمل الجمعوي؟

تجب الإشارة إلى أن فتح أوراش إصلاحية يتطلب اعتماد منهجية تشاركية ومعلنة، وأيضا وفق مقاربة واضحة، حتى لا يتحول ذلك الإصلاح إلى وسيلة للتهديد، كما يقع حاليا بخصوص المواقف من العمل الجمعوي، وبالتالي فإن الخوض في إصلاحات دون منهجية معلنة وواضحة، ودون مقاربة تشاركية بينة، نلاحظ ما نلاحظه الآن، ويظهر أن الأمر ربما يتعلق باستهداف، إما جمعيات معينة أو تنظيمات جمعوية معينة، ولذلك نرى كل هذا «الضجيج»، بين الطرفين المعنيين، الحكومة من جهة، وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني من جهة ثانية.

أعتقد بأن الخلفية الأساسية للخرجات الأخيرة، هي أن هناك نصوصا تشريعية ربما هي في طور المصادقة، أو في طور التحضير سيتم اعتمادها، وعلى ذلك فالعملية لا تعدو أن تكون سوى تحضير لما سيقع، ومثال ذلك أنه في ما يخص موضوع الإحسان العمومي، هناك مشروع تمت الموافقة عليه في مجلس المستشارين، في صيغة عصرية، تتعلق بجمع التبرعات، وتوزيع المساعدات لأهداف خيرة، وهذا المشروع في مراحله الأخيرة، لأنه سيتم إحالته على مجلس النواب للمصادقة عليه. وفي الوقت ذاته تجد الحكومة نفسها مضطرة إلى استكمال النصوص المتعلقة بالعمل الجمعوي، وأعتقد أنه من الطبيعي أن يقع هذا الشد والجذب، ما دامت الحكومة لم تعتمد مقاربة تشاركية، وقررت الحسم في الجانب التشريعي للموضوع.

 

– هل حان الوقت لمراجعة قانون الجمعيات والإحسان العمومي؟

نحن متأخرون جدا في هذا المجال، فقد عمل دستور 2011 على دسترة المجتمع المدني، من جمعيات، وآليات المجتمع المدني من هيئات غير حكومية، غير أنه لحد الآن ما زالت المنظومة القانونية والتنظيمية غير متلائمة مع مستجدات ومكتسبات هذا الدستور، ونقول إن ظهير 15 نونبر 1958، المتعلق بتأسيس وتنظيم الجمعيات، رغم التعديلات التي طالته إلى حد الآن، ما زال في حاجة إلى التحيين، ثم العمل على إحداث وإصدار القانون الخاص بالمؤسسات، وهي الجمعيات التي ترصد مبالغ معينة للبر والإحسان، وهي التي تنظم بنص خاص مختلف عن القانون الذي ينظم جمعيات الأشخاص، وهو الظهير المتعارف عليه، بالإضافة إلى ذلك، ما ذكرت في الجانب الأول والمرتبط بتحيين قانون الإحسان العمومي بقانون جديد، ثم في الوقت نفسه، وأعتقد أن هذا أساسي، إصدار قوانين تجاري دستور 2011 في زاوية أن هذا الدستور أعطى مهاما للجمعيات التي تتابع الشأن العام، وهذا الأمر يتعلق بجمعيات معينة، وأعتقد أنها هي المستهدفة من التحركات الأخيرة، وهذه الجمعيات وجب أن يخصص لها نص خاص، بخلاف الجمعيات المدنية الأخرى التي تقوم بأنشطة رياضية أو ثقافية أو ترفيهية وغيرها، أما الجمعيات التي تقوم بأنشطة تهم الشأن العام، ففي تقديري وجب أن يخصص لها قانونها الخاص. وغير هذا فنحن ما زلنا متأخرين جدا في تنظيم هذا المجال، وما يتطلبه من النصوص المتعلقة بالمحاسبة المالية والمراقبة المالية، حتى تكون لدينا شفافية أكبر من جهة الجمعيات والدولة التي تقوم بالمراقبة، وهنا يطرح إشكال التمويل الخارجي والذي يكون في الكثير من الأحيان محل صراع وأخذ ورد بين الحكومة والجمعيات.

 

– ما هي الاستراتيجية الأنسب لمعالجة «التسيب» في العمل الجمعوي؟

أعتقد أنه على الحكومة أن تبدأ في وضع خطة لعملية إصلاح المنظومة القانونية والتشريعية للعمل الجمعوي، حتى يتم تأطير العمل الجمعوي بطرق قانونية وسليمة، وكلما كان هذا المخطط منسجما وتشاركيا كان ذلك أفضل، ويعطي نتائج أحسن، على اعتبار أن الممارسة العملية للجمعيات أكسبتها قدرة على رصد نقاط القوة ونقاط الضعف. وأرى أن أحسن استراتيجية يمكن أن تعتمدها الحكومة، هي وضع مخطط عملي تشاركي، وتنظيم بعض الأنشطة والندوات حول النصوص الهامة، بغية إشراك جمعيات المجتمع المدني في وضع تصوراتها لمشاريع القوانين هاته، وهذا الأمر ليس عبثا أو أن يكون إشراكا صوريا، بل الدستور قد منح الجمعيات هذه الصلاحية التي وجب أن تحترمها السلطة التشريعية والتنفيذية على السواء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى