إحصاء وتحفيظ الأملاك العقارية ووضع نظام معلوماتي لمراقبتها
محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادر مطلعة، أن المديرية العامة للجماعات الترابية، التابعة لوزارة الداخلية، شرعت في إحصاء الممتلكات العقارية للجماعات، وتحفيظ الأملاك غير المحفظة وتحيين الرسوم العقارية للأملاك المحفظة بكيفية تدريجية، مع وضع نظام معلوماتي لمراقبتها. وتدخل هذه الإجراءات لمحاربة ظاهرة السطو على الممتلكات العقارية المملوكة للجماعات داخل المدن الكبرى من طرف كبار المنعشين العقاريين، وهي الظاهرة التي تفشت خلال السنوات الأخيرة، بتواطؤ مع بعض رؤساء الجماعات والمنتخبين.
وستتولى المديرية العامة للجماعات المحلية إحصاء أملاك الجماعات الترابية وتحفيظها، وضبط وحماية الأملاك الجماعية وتنميتها، فضلا عن تعزيز الرصيد العقاري الجماعي، وتثمين وتحسين مردودية أملاك الجماعات الترابية. وحسب تقرير لوزارة الداخلية، فإن الإصلاح التشريعي وحده غير كاف لتحسين مردودية الأملاك العقارية للجماعات الترابية، بحيث تعمل المديرية العامة للجماعات المحلية على إجراء إحصاء شامل لهذه الأملاك لمعرفة الرصيد العقاري للجماعات، ووضع برنامج شمولي لتعميم نظام التحفيظ العقاري، لحماية هذه الأملاك من الترامي والضياع، وكذلك تحيين محتويات الأملاك الجماعية، بتقييد هذه الممتلكات التي تمت تسوية وضعيتها القانونية بالسجلات العقارية باسم الجماعات، وكذا العمل على تحيين الرسوم العقارية لهذه الأملاك.
ولمواجهة الاستحواذ على الأملاك العقارية الجماعية، سيتم الشروع في تحفيظ الأملاك غير المحفظة وتحيين الرسوم العقارية للأملاك المحفظة بكيفية تدريجية، لحماية الملكية العقارية الجماعية وتعبئتها لتحقيق التنمية المحلية، وذلك من خلال تطهيرها من الحقوق والتحملات والنزاعات وتأسيس رسوم عقارية تعكس الوضعية القانونية والمادية لهذه العقارات، وضبط سجلات محتويات أملاكها وتحيين البيانات المضمنة بها، حتى تكون مرجعا موثوقا به وشاملا للمعلومات المتعلقة بالأملاك المقيدة فيها وتواكب جميع العمليات الجارية عليها. كما وضعت وزارة الداخلية نظاما معلوماتيا يسمى «أطلس خرائطي» في إطار شراكة مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، يوضح موقع هذه الأملاك ومساحتها ورسومها العقارية ومشتملاتها، وسيساهم هذا النظام في تدبير واستغلال الأملاك الجماعية.
وسبق لمديرية الممتلكات بوزارة الداخلية أن قامت بدراسة ميدانية للاطلاع على الوضعية الجارية لاستغلال الأملاك الجماعية عن طريق الكراء والاحتلال المؤقت وتقييم مردودية هذه الأملاك واقتراح الحلول الناجعة لإنجاح العملية، فضلا عن مراجعة الأكرية والإتاوات المستخلصة عن الاحتلال المؤقت للملك العام الجماعي لتحسين مردوديتها، وتطبيق المنافسة كقاعدة عامة في استغلال وتفويت الأملاك الجماعية لتحسين الحكامة وتطبيق الشفافية في تدبير هذا القطاع الحيوي، مع تطبيق الآليات القانونية والحكامة الجيدة في تدبير هذه الأملاك ومراقبة تسييرها.
هذا، ووجه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، في بداية الولاية الحالية، دورية إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، يحث من خلالها رؤساء الجماعات على ضرورة تطبيق القانون الجديد المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية. وأوضحت الدورية أنه، في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز وسائل وقدرات الجماعات الترابية، تمت المصادقة على القانون رقم 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية، الصادر بالجريدة الرسمية بتاریخ 22 يوليوز 2021.
وجاء هذا القانون بمجموعة من الأحكام تتعلق بتطبيق قواعد الحكامة الجيدة من خلال إلزامية اللجوء إلى المنافسة كمبدأ عام لتفويت أو كراء الملك الخاص والترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العام بناء على دفتر للتحملات (كتدبير مواقف السيارات والمرائب) ، مع تقنين وضبط حالات الاتفاق بالتراضي. كما ينص القانون الجديد على ضرورة موافقة المجلس على الأثمنة الافتتاحية للمزايدات العمومية المتعلقة بالتفويت أو الكراء أو الاحتلال المؤقت للملك العام بإقامة بناء، مع وضع ضوابط لمسك وتحيين سجل المحتويات وإخبار المجلس بالتغييرات التي تطرأ عليه، لجعله وثيقة إلزامية وأساسية لتدبير هذه الأملاك وحمايتها، كما ينص على إقرار مسطرة لتحديد الملك العام للجماعات الترابية بما يعطي ضمانات إضافية لحماية الحقوق المحتملة للغير، مع سن مسطرة مبسطة لتحفيظ العقارات الخاضعة لعمليات التحديد الإداري.
ويتضمن القانون مقتضيات تتعلق بتشجيع الاستثمار في الملك العام، بمنح ضمانات للمستفيدين من رخصة الاحتلال المؤقت، في حالة سحبها لأسباب المنفعة العامة وذلك بإلزام تعليل قرار السحب وتمكين هؤلاء المستفيدين من المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي قد يلحقهم جراء هذا السحب. كما ينص القانون على تقنين المساطر المتعلقة بالهبات وبوضع أملاك الجماعات الترابية رهن إشارة المصالح العمومية، وإعفاء الجماعات الترابية من أداء كل ضريبة أو رسم أو أي اقتطاع ضريبي آخر يكون له طابع محلي.
ويسمح القانون بنقل ملكية الأملاك العقارية للجماعات الترابية القائمة (الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات إلى الجماعة أو الجماعات الترابية التي تحل محلها في حالة ضم أو تجمیع أو إحداث أو حذف هذه الجماعات الترابية، بالمجان وبدون إجراءات شكلية، مع إعفاء نقل ملكية العقارات موضوع العملية من واجهات التقييد في الرسوم العقارية. ودعا وزير الداخلية، الجماعات الترابية، إلى السهر على التطبيق السليم لمقتضيات هذا القانون وخاصة جرد الأملاك العقارية وتحيين بياناتها وتسوية وضعيتها القانونية مع مصالح المحافظة العقارية واتخاذ التدابير اللازمة لتثمينها.