أصيلة: م. عبد الغني
احتضنت مكتبة الأمير بندر بن سلطان ومركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، على مدى يومين (مساء الجمعة 21 والسبت 22 أكتوبر الجاري)، ندوة «الخليج العربي بين الشرق والغرب: المسألة الشرقية الجديدة»، بمشاركة العديد من الخبراء والباحثين ورجال السياسة واتخاذ القرار في العالم العربي، ومنه الخليج العربي على الخصوص.
في البداية أكد محمد بنعيسى، أمين عام المنتدى، أن الندوة تنعقد في ظرف عربي، خليجي، ودولي خاص. وأكد على الدور الذي يلعبه الخليج، ودولة الإمارات العربية المتحدة خصوصا، في إقامة مشاريع اجتماعية في كل البلدان العربية، سواء في المشرق العربي أو في شمال إفريقيا. وتنضاف إلى تلك الأدوار الاجتماعية، يضيف بنعيسى، أدوار إشاعة السلم والوساطة لإقامة استقرار سياسي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأكد على ما أسماها «المسألة الشرقية الجديدة»، وقصد بها إعادة توزيع المواقع الجيوسياسية في الشرق الأوسط الموسع.
ومن جانبه، نوه جمال سند السويدي، مستشار في ديوان رئيس دولة الإمارات، بالعلاقات بين المغرب والإمارات. وقال إن الحديث عن المسألة الشرقية الجديدة هو موضوع مهم وملمّ يرتبط بمفهوم الدولة والوطن، وأيضا بمفاهيم الهوية والثقافة والانتماء…وأضاف أن هذه المفاهيم تعرضت للتمزق بسبب الصراع على الخيرات، وأنه بعد الربيع العربي أصبحت مجموعة من الدول العربية تعاني ظروفا صعبة. مما وجب التفكير من جديد بمنظورات جديدة، وتعزيز القوة الناعمة، وتكريس مفهوم «دولة التسامح» التي تنبذ خطابات العنف والتشدد والترف والكراهية.
وتحدث نبيل الحمر، مستشار ملك البحرين لشؤون الإعلام، عن الخليج العربي الجديد باعتباره موضوعا أصبح يهم الساحة العالمية، ويتخذ إيقاعا سريعا على مستوى العالم. فالقضية تهم التحولات في سياسات القوى الكبرى في التعاطي مع الدول العربية. لقد أصبح العالم العربي، يضيف المتدخل، يتصدى لفرض مجموعة من القيم المتناقضة مع قيمه ومبادئه وركائزه التاريخية. وأشار إلى أن الحرب الأوكرانية هي بداية لتشكل نظام عالمي جديد. وبغض النظر عمن سيكون المنتصر، فإن العالم سيخضع لقوانين وأشكال جديدة، حيث بدت أوروبا مجرد تابع للولايات المتحدة. وأضاف أن في الحرب على أوكرانيا لم يستطع العالم الغربي جر العرب خلفه إلى ساحة الحرب، وهذا في حد ذاته تغير مهم.
وتحدثت سميرة رجب، المبعوث الخاص للديوان الملكي بالبحرين، عن جهود الخليج العربي في النظام الإقليمي. فالعالم يعيش منذ بداية القرن فترة تحول فيها صراع تجاوز قوى الصراعات الدولية السابقة. وأكدت على حتمية صعود الصين كقوة عظمى أولى، وبالتالي سينتقل مركز القوة إلى الصين وآسيا عموما. مما يعني أن القرن القادم سيصبح قرنا صينيا آسيويا، بعد إخفاق القرن الأمريكي.
وعاد التركي فولكان بوزكير، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة (الدورة 75)، للحديث عن «كوفيد- 19»، وكيف أن العالم عانى في توفير الكمامة الواقية. وكيف حدثت أشياء كثيرة على مستوى النفس البشرية. فلاحظنا، يضيف المتدخل، فشلا في التصدي للوضع الكارثي، مما يعني أن النظام العالمي هو فاشل ومخطئ. وعن الحرب الأوكرانية الروسية، قال المتدخل إن هناك تداعيات وعواقب ستفرض على البشرية، وهذا سيؤدي إلى أزمة غذائية.
وتحدث في الندوة نفسها محمد أعفيف، أستاذ التاريخ بكلية الآداب بالرباط، مركزا على تطلعات العالم العربي دوما إلى الحداثة والتحديث، وحاول البحث عن نماذج لهذا التحديث، منها نموذج اليابان، واعتقد بعض العرب أن تجربة اليابان صالحة للعالم العربي. فتفوق اليابان أحيا الآمال في النفوس، وأصبحت قدوة لدول الشرق، بعد هيمنة دول عظمى على مقدراتها وخيراتها. انتشر النموذج الياباني بسرعة، واعتبر الجميع أن انتصار اليابان هو انتصار لدول الشرق كافة، لأن العالم كان مقسما إلى غرب وشرق. وبذلك تطلع العرب إلى الديموقراطية اليابانية والأخذ بالتقنيات الغربية. لكن الإصلاحات نجحت في اليابان وأخفقت في الدول العربية. وأرجع أعفيف هذا الفشل إلى كون الإصلاحات لا يجب أن تقتصر على نباهة الزعماء فحسب، بل بتطوير التعليم والاستثمار في الإنسان، والسعي إلى بناء مجتمع المعرفة.
وتدخل حسن أحبيض، رئيس جامعة القاضي عياض، متحدثا عن التصور المغربي والعربي المشترك. وأكد على الروابط المتميزة التي تربط المغرب بدول الخليج العربي، وتقع في خانة التحالفات العميقة القائمة على التعاون المثمر والتقدير المتبادل.