الخطر القادم من الشرق (2/2)
بعد منتدى الشرق، سيعلن وضاح خنفر عن إطلاق النسخة العربية لموقع «هافيغنتون بوست»، والذي يشتغل بإدارته أبناء الجماعة، كما سبق أن حدث مع قناة «الجزيرة» ومدونة «الجزيرة توك»، علما أنه في منتصف السنة الماضية أعلنت قناة «الجزيرة» عن إعادة إحياء المدونات، وأطلقت ما يعرف بـ «مدونات الجزيرة» التي حاولت من خلالها إعادة لم شمل أبناء الجماعة، وإعطاء فرصة الظهور لأصوات جديدة داخل الجماعة.
وفي 2008، خرجت مظاهرة الخبز في مصر، ومنع نظام مبارك المصورين، بمن فيهم طاقم الجزيرة من تغطية الحدث، لكن وضاح خنفر لجأ إلى خدمات «خليته النائمة»، أي «الجزيرة توك»، والتي كانت تضم مدونين منتشرين في كل بقاع العالم مسلحين بهواتفهم النقالة وولائهم التام للجماعة ولحلم التغيير، فخرج أحد المدونين تابع للموقع في أحياء القاهرة والتقط بكاميرا هاتفه صور الشرطة وهي تنهال ضربا على المتظاهرين من أجل الخبز، وتلقفت القناة تلك الصور وفرجت عليها بقية العالم. وفي 2011، وفي عز الربيع العربي، أعلنت ما ستعرف لاحقا بحركة عشرين فبراير عن خروجها، فتحركت القناة عبر مدونيها التابعين للجزيرة التوك، واتصلت بالمدونين المنتشرين في كل أنحاء المغرب من أجل أن يجهزوا هواتفهم لالتقاط صور فيديو للمتظاهرين.
وكما يعلم الجميع فالربيع المعلوم حمل بنكيران، الذي رفض الخروج في مظاهرات عشرين فبراير وأنكر معرفته بمن أسماهم «أشباح فيسبوك»، إلى منصب رئيس للحكومة، وجعل الخلفي الذي يتباهى بتلك السنة التي قضاها بين رحاب منظمات أمريكية، وزيرا لاتصاله، وحرص هذا الأخير على عقد صفقة مع المدونين أو «المواطنين الصحافيين»، تقوم على منح هؤلاء بطاقة الصحافي والدعم من أموال دافعي الضرائب مقابل صمتهم عن الإخوان في الحكومة.
لذلك فمواقع من قبيل «العمق المغربي»، و«عربي 21» وغيرهما من المواقع التي تتستر بستار الإعلام، هي مجرد امتداد لهذه الاستراتيجية الإخوانية بتوجيه أمريكي بريطاني، ولا يجب أن ننسى أن بريطانيا تسهل مخابراتها الداخلية على الإخوان، الذين أصبحوا مقيمين بلندن بعد هروبهم من بلدان الربيع، فتح قنوات إعلامية، واستقدام أبناء الجماعة للعمل فيها تحت صفة صحافي، كما تحولت لندن وإسطنبول إلى ملجأ للإخوان، ومقر لذراعهم الإعلامي، فظهرت قناة «العربي»، وموقع «العربي الجديد» الممول من قطر تحت إشراف الفلسطيني الإسرائيلي عزمي بشارة، والذي يقف وراء موقعي «العمق المغربي»، و«عربي 21» بإدارة مغربية تابعة لشخص واحد وجهة واحدة، بإشراف من شخص يحمل الجنسية الإسرائيلية يراه العامة فارا مما يقول إنه ظلم إسرائيلي، في حين أنه مجرد أداة للتحريض والفتنة، فأينما يحل عزمي بشارة يحل الخراب، وزياراته ومحاضراته بالمغرب مثيرة للاستغراب.
وفي قناة «العربي» التابعة لعزمي بشارة يوجد شخص اسمه عبد الرحمان منصور، كان من مدوني «الجزيرة توك» التي كانت تحظى بمباركة وضاح خنفر، وكانت بمثابة «الخلية النائمة» للإخوان من أجل بعث ما يسمى بالربيع العربي، وتضليل الرأي العام بالقول إن من أطلق موجهة هذا الربيع هم شباب مسلح بأدوات سلمية عبارة عن تعبئة أنترنيت وهاتف نقال، من أجل الديمقراطية، والحال أن مخطط الربيع كان جاهزا قبل مدة ووضعت له التمويلات اللازمة من دول عظمى قبل أن ينضج على نار هادئة، ويعهد بمهمة ترويجه إعلاميا لشخص كعزمي بشارة لم يجد أي حرج وهو يدخل الكنيست الإسرائيلي كنائب أن يؤدي القسم الذي يقول «أقسم أن يكون ولائي فقط لدولة إسرائيل، وأن أخدم وبولاء الكنيست الإسرائيلي، أقسم أن يكون انتمائي وبكل أمانة لدولة إسرائيل وأن أقوم وبكل أمانة بواجباتي في الكنيست الإسرائيلي»، شخص شغل منصب رئيس معهد «فان لير في القدس، وهو المعهد الذي عمل فيه قبل وخلال حصوله على عضوية الكنيست الصهيوني، ويتخصص في الواقع الصهيوني ومستقبله ورسم السياسات ودراسات الهوية وقضايا المجتمع، وتأسس عام 1909 من قبل أسرة فان لير، ويسير طبقا لما يراه من أن فلسطين وطن للشعب اليهودي.
عزمي بشارة الذي كان عضوا في حزب راكاح، الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي يعترف بإسرائيل بكل فخر.
أما الفتى عبد الرحمان منصور فقد كان هو صاحب فكرة صفحة خالد سعيد على فيسبوك، التي كانت تدرب أتباعها على الخروج في مظاهرات صامتة، وهو صاحب فكرة الخروج يوم 25 يناير، التي انتهت بالإطاحة بمبارك. هذا الفتى لجأ إلى أمريكا، وبعدها استدعاه عزمي بشارة ليصبح مديرا للإعلام الاجتماعي التابع للقناة التي يسيرها بشارة من أموال الإخوان.
والحكاية نفسها تعاد هنا في المغرب، وما موقع «العمق المغربي» و«عربي 21» سوى جزء من هذه الحكاية التي تسعى إلى مآلات دموية تحقق حلم الإخوان في إسقاط الأنظمة القائمة، ومن أجل هذا تتبنى الجماعة ما يعرف بأدوات الكفاح السلمي، أو حرب اللاعنف، وهي تلك الأدوات التي تبدو في ظاهرها سلمية، لكنها أشد فتكا ودموية من السلاح، والتي تتمثل في عهدنا هذا في شبكات الإعلام الاجتماعي مثل فيسبوك ويوتيوب، وفي مواقع إلكترونية تتكاثر مثل الفطريات بسبب صفقة مشؤومة تحمل بصمة مصطفى الخلفي الذي دمر الإعلام المهيكل والمؤسساتي لصالح إعلام فوضوي ومتوحش يتلقى الدعم المادي السخي من كل من يقترحه عليه مقابل القيام بالعمالة الإعلامية والحرب بالوكالة.