الحماية الاجتماعية هكدا ستعمل الحكومة على تنفيد المشروع الملكي
شرعت الحكومة في تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهو مشروع ملكي يهدف إلى توفير التغطية الصحية والاجتماعية لكل المغاربة. وفي هذا الصدد، صادق مجلس الحكومة في اجتماعه الأخير، على مجموعة من المراسيم التطبيقية لهذا الورش الكبير، فضلا عن إحداث لجنة وزارية وتقنية ستسهر على القيادة وتتبع تنزيل المشروع، ويهدف هذا المشروع الملكي الكبير إلى توفير التغطية الاجتماعية والصحية لما يزيد على 22 مليون مغربي لا يتوفرون حاليا على أي حماية اجتماعية، وسيمتد تنزيل هذا المشروع على مدى خمس سنوات إلى غاية سنة 2025.
وصادق مجلس الحكومة في اجتماعاته الأخيرة، برئاسة عزيز أخنوش رئيس الحكومة، على مجموعة من مشاريع مراسيم قدمها وزير الصحة والحماية الاجتماعية، تتيح تعميم الحماية الاجتماعية لتشمل فئات مهمة من المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء. ومنذ تعيينها شرعت الحكومة في تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهو مشروع ملكي يهدف إلى توفير التغطية الصحية والاجتماعية لكل المغاربة في أفق سنة 2025، حيث تمكنت إلى حدود الآن من توفير الحماية الاجتماعية لما ينهاز 11 مليون مغربي ومغربية، وتطمح الحكومة إلى ربح رهان توفير الحماية لـ22 مليون مستفيد، خلال نهاية السنة المقبلة.
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في كلمته الافتتاحية لمجلس الحكومة الأخير، الالتزام الكبير للحكومة بتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية في الآجال المحددة لذلك. وذكر رئيس الحكومة، بالعناية الشخصية والخاصة التي يوليها الملك محمد السادس لهذا المشروع، مبرزا أنه «بعد أن تم فتح باب التأمين الصحي والمعاش لفائدة 3 ملايين مواطن ومواطنة، بفضل إسراع الحكومة بإخراج المراسيم التي تهم عددا مهما من الفئات المعنية، ها هي اليوم، ومن خلال مشاريع المراسيم المهمة المعروضة على المصادقة، تواصل بانتظام وثبات استكمال المنظومة القانونية لهذا الورش الوطني».
وأشار المتحدث ذاته إلى أن مشاريع المراسيم الجديدة ستضمن التأمين الصحي وتوفير المعاش لفائدة ما يناهز 8 ملايين مغربي ومغربية، منهم على الخصوص، مليون و600 ألف فلاح، ونصف مليون حرفي، و170 ألفا من سائقي سيارات الأجرة، بالإضافة إلى ذوي الحقوق المرتبطين بهم. وأبرز أخنوش أنه في الحصيلة العامة، ستكون الحكومة قد فتحت باب التأمين والمعاش أمام ما يقرب من 11 مليون مغربي ومغربية وذوي الحقوق المرتبطين بهم، بالخدمات وسلة العلاجات نفسها التي يستفيد منها أجراء القطاع الخاص وموظفو القطاع العام.
تعميم الحماية الاجتماعية لكل المغاربة
في سبيل تقليص الهوة الاجتماعية، تطمح الحكومة إلى تسريع وتيرة تعميم الحماية الاجتماعية، وتعزيز التضامن الأسري والمجتمعي، بتضامن مؤسسي إجباري تجاه العاملين وإزاء كبار السن والأشخاص الأكثر فقرا وهشاشة، ومن أجل ذلك يتجسد أول التزامات للحكومة في تعزيز دولة حامية وبناء نظام حماية اجتماعية للجميع.
وتعززت الترسانة القانونية بإخراج القانون الإطار رقم 21. 09، المتعلق بالحماية الاجتماعية إلى حيز الوجود، بعدما صادق عليه مجلسا البرلمان، ويروم هذا القانون الإطار تحقيق الحماية الاجتماعية، باعتبارها مدخلا أساسيا للنهوض بالعنصر البشري لكونه الحلقة الأساسية في التنمية، ولبناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والمجالية.
وتلتزم الحكومة بتطبيق الرؤية الملكية الرامية إلى تعميم الحماية الاجتماعية، من خلال توسيعها لتشمل سائر الفئات النشيطة. وأكد البرنامج الحكومي أن نحو نصف السكان النشيطين لا يستفيدون إلى حدود اليوم من تغطية صحية، وفي العديد من القطاعات، يعاني العاملون الهشاشة ويستسلمون للشعور بعدم الأمان إزاء وضعهم القانوني. وغداة الأزمة الصحية، أورد البرنامج الحكومي أنه صار الوعي بضمان الاستفادة من حماية اجتماعية رافعة أساسية لتشجيع هذا الانتقال، مشيرا إلى أن التأمين الصحي والتقاعد حقان ينبغي أن تستفيد منهما كل الفئات النشيطة.
ويتألف تعميم الحماية الاجتماعية على كافة النشيطين من شقين، يتيح الشق الأول، عند متم سنة 2022، تعميم الولوج إلى التغطية الصحية الإجبارية لفائدة كل النشيطين، ويتيح الشق الثاني الحق في التقاعد لفائدة كل النشيطين، وستطبق هذه الإصلاحات في أعقاب الحوار الجاري مع فاعلي مختلف القطاعات المعنية.
وتحرص الحكومة على إشراك مختلف المتدخلين في سبيل تحضير إطار يكون فيه ما يجنيه النشيطون من فوائد اجتماعية واضحا ومكفولا بمساهمات معقولة، ويقوم المبدأ على مساهمات نسبية وفقا للمداخيل التي تدرها الأنشطة، مع معادلة تعاضدية لازمة؛ فتعميم الحماية الاجتماعية لسائر النشيطين لن يتحقق إلا بانخراطهم جميعا.
وإن من شأن إعمال المقاربة التشاركية إتاحة ولوج مبسط وفعال إلى التغطية الصحية وأنظمة التقاعد لفائدة فئات جديدة، خاصة العاملين في القطاع غير المهيكل وفي العالم القروي. وتسهيلا لتغطية النشيطين في القطاع غير المهيكل، ستضع الحكومة آلية انخراط في التغطية الصحية وفي نظام تدبيرها، تتسم بالسهولة والانفتاح على الجميع.
وموازاة مع توسيع نطاق الاستفادة من الحماية الاجتماعية للعاملين، ستعمل الحكومة على تعزيز مراقبة إلزامية انخراط الأجراء في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويقترح البرنامج الحكومي، مواكبة أرباب العمل الذين لا يساهمون بشكل كامل قبل حلول استحقاقات الأجراء، أو تطبيق أحكام زجرية عند الاقتضاء، لأن الحقوق المكتسبة للأجراء لا يمكن انتهاكها لأي سبب كان.
وتلتزم الحكومة كذلك، بتعميم التغطية الصحية لغير النشيطين، وأكد البرنامج الحكومي أن الحكومة ستكرس السنة الأولى للولاية في المقام الأول لإنجاح ورش تعميم التغطية الصحية الإجبارية، مشيرا إلى أن فئة عريضة من المواطنات والمواطنين مقصية من الحماية الاجتماعية، وهذه حال كثير من النساء غير العاملات والأشخاص العاطلين وذوي الدخل المحدود، فضلا عن المسنين ممن تزيد أعمارهم على 65 سنة والمستهدفين من خلال توفير دخل أدنى قار يدعى «مدخول الكرامة»، والذي تلتزم الحكومة بإحداثه.
وأكد البرنامج الحكومي أن التبعات الاجتماعية والاقتصادية لتراجع معدل التغطية الاجتماعية تُحَملُ البلاد كلفة باهظة، ولن يكفي فتح باب الحقوق لسائر الفئات النشيطة في القطاع المهيكل لتعميم الحماية الاجتماعية، لهذه الغاية، ستقوم الحكومة بتوسيع نطاق الاستفادة من نظام الحماية الاجتماعية ليضم الأشخاص الذين ظلوا خارج دائرة النشاط الاقتصادي، وذلك عبر تغطية صحية شاملة، مقابل مبلغ جزافي يُحتسب على أساس إمكانات كل فرد. وضمانا لتغطية الأسر الفقيرة، ستتم تعبئة موارد الدولة لدعم المساهمات في نظام التغطية الصحية.
ويروم دعم الدولة والتعديلات التعريفية توسيع قاعدة المستفيدين من التأمين الصحي، عبر إدماج كافة الأشخاص الذين لا يتمتعون اليوم بتغطية صحية، انتصارا لمبدأ الإنصاف. واعتبر البرنامج الحكومي أن تعميم التأمين الصحي الإجباري، سيكون حافزا إضافيا لإقامة نظام التكفل المباشر من خلال البطاقة الذكية التي تتيح خصومات مباشرة، كليا أو جزئيا، على مصاريف العلاج.
الحماية الاجتماعية في قانون المالية
يمهد مشروع قانون المالية لسنة 2022 الطريق لتنفيذ ورش تعميم الحماية الاجتماعية، من خلال اتخاذ التدابير القانونية والمالية والتنظيمية لضمان تنزيل فعال لهذا الورش.
وأوضحت مذكرة تقديم المشروع أنه تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية المتضمنة في خطاب العرش لشهر يوليوز 2020، والتي تدعو إلى «تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة»، ستواصل الحكومة تنفيذ هذا الورش من خلال اتخاذ التدابير القانونية والمالية والتنظيمية لضمان تنزيل فعال له.
وأضاف المصدر ذاته أنه، وفي هذا الإطار، ستعرف سنة 2022 إطلاق المرحلة الثانية من تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، من خلال توسيع نطاق المستفيدين ليشمل الفئات الهشة والفقيرة، والتي تستفيد حاليا من نظام المساعدة الطبية «راميد».
وعلاوة على ذلك، ومن أجل تفعيل تعميم التعويضات العائلية ابتداء من سنة 2023، ستنكب الحكومة على تسريع تفعيل السجل الاجتماعي الموحد لتحقيق استهداف أكثر فعالية، كما ستعمل على الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة بهدف توفير هوامش مالية لتمويل هذا المشروع الهام.
وسجلت مذكرة التقديم أن ورش تعميم التغطية الاجتماعية يتضمن أربعة محاور، وهي تعميم التغطية الصحية الإجبارية، في متم 2022، والتي ستمكن 22 مليون مستهدف إضافي من الاستفادة من التأمين الأساسي عن المرض، والذي سيغطي تكاليف العلاج واقتناء الأدوية والرعاية والاستشفاء.
ويشمل المحور الثاني تعميم التعويضات العائلية لفائدة حوالي سبعة ملايين طفل في سن التمدرس، فيما يتضمن المحور الثالث توسيع قاعدة الانخراط في نظام التقاعد من خلال إدماج حوالي خمسة ملايين مغربي من الساكنة النشيطة التي لا تتوفر على حق التقاعد.
أما المحور الرابع فينص على تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل بالنسبة لكل شخص يتوفر على شغل قار. وحسب المصدر ذاته، سيتم بناء على التعليمات الملكية، تنزيل هذا الإصلاح الذي تبلغ تكلفته السنوية حوالي 51 مليار درهم بصفة تدريجية على مدى خمس سنوات، مع تعميم التأمين الإجباري عن المرض (2021-2022)، وتعميم التعويضات العائلية (2023-2024)، وكذا تعميم التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل في أفق سنة 2025.
وفي إطار تنزيل هذا الورش، تم اتخاذ العديد من الإجراءات، لا سيما استباق تنزيل تعميم الحماية الاجتماعية عبر برمجة غلاف مالي يقدر بـ 4,2 مليارات درهم لتنزيل تعميم التأمين الإجباري عن المرض.
كما تشمل هذه التدابير القانون-الإطار رقم 21.09 المتعلق بالحماية الاجتماعية، والذي يشكل اللبنة الأساس والإطار المرجعي لتنزيل الرؤية الملكية المتبصرة في هذا المجال، فضلا عن الاتفاقيات-الإطار الثلاث، الموقعة أمام الملك محمد السادس، والتي تهم تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
ويندرج أيضا إصدار القانون رقم 30.21 والقانون 31.21 المعدلين ضمن التدابير المتخذة لمواكبة تنزيل هذا الورش، وذلك إلى جانب إصدار القانون 33.21 المعدل والمتمم للقانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب من أجل السماح للكفاءات الأجنبية بمزاولة المهنة وفق نفس الشروط المطبقة على نظرائهم المغاربة، كما تتضمن هذه التدابير الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للتجار والمهنيين الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة أو نظام المقاول الذاتي للاستفادة من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض.
لجنة وزارية للمتابعة
أعلن رئيس الحكومة عن إحداث لجنة وزارية للمتابعة ستعمل على مواكبة تنزيل المشروع الكبير المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، وأوضح بأن لجنة تقنية ستقوم بتتبع كافة النقط المتعلقة بتنزيل المشروع، مضيفا أنه بالموازاة مع ذلك، ستنكب القطاعات الوزارية المعنية، على إدماج الفئات المهنية الأخرى، في أفق التعميم خلال سنة 2022.
وترأس أخنوش اجتماعا خصص للوقوف على الإجراءات الضرورية لتنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، تنفيذا للتوجيهات الملكية الواردة في عدد من خطب الملك محمد السادس، والرامية إلى تكريس أسس الدولة الاجتماعية.
وذكر بلاغ لرئاسة الحكومة، أن هذا الاجتماع خصص أيضا لتحديد سبل مواصلة وتسريع الأوراش الاجتماعية الكبرى التي باشرتها المملكة، ولتفعيل المضامين والالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي في شقه المرتبط بالحماية الاجتماعية. وأضاف البلاغ أن رئيس الحكومة، أكد خلال هذا الاجتماع على الأهمية البالغة التي يوليها الملك، للنهوض بالمجال الاجتماعي، بالموازاة مع الجهود المبذولة لتحقيق التنمية الاقتصادية بالبلاد، حيث كان الملك قد دعا في خطاب العرش لسنة 2018، لمراجعة عميقة لمنظومة الحماية الاجتماعية وفق جدولة واضحة ودقيقة تمتد إلى سنة 2025.
وذكر رئيس الحكومة بالتوجهات الملكية المرتبطة بهذا المشروع الوطني الكبير وغير المسبوق، «والذي يتطلب، كما أكد ذلك الملك، إصلاحا حقيقيا للأنظمة والبرامج الاجتماعية الموجودة حاليا، للرفع من تأثيرها المباشر على المستفيدين، خاصة عبر تفعيل السجل الاجتماعي الموحد»، مبرزا أن هذا المشروع ينبغي أن يشكل رافعة لإدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي الوطني.
كما ذكر بالتعليمات الملكية الواردة في خطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشرة، في 8 أكتوبر الماضي، والذي اعتبر فيه الملك أن الحكومة الجديدة مسؤولة على وضع الأولويات والمشاريع، خلال ولايتها، وتعبئة الوسائل الضرورية لتمويلها، في إطار تنزيل النموذج التنموي الجديد، كما أنها مطالبة أيضا، باستكمال المشاريع الكبرى، التي تم إطلاقها، وفي مقدمتها تعميم الحماية الاجتماعية، التي تحظى بالرعاية الملكية السامية.
ودعا أخنوش أعضاء الحكومة المعنيين، لاستحضار هذه التوجيهات الملكية، وكذا الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي والمتعلقة بتعميم الحماية الاجتماعية وتعزيز أسس الدولة الاجتماعية، والتفكير في السبل الكفيلة بمواكبة التنزيل الميداني لورش تعميم الحماية الاجتماعية، موضحا أن ملف تعميم التغطية الصحية الإجبارية يشكل محطة أولى في هذا الورش، ستليها محطات أخرى.
ولبلوغ هذه الأهداف، وبعد الوقوف على كل المراحل والإجراءات التي تم القيام بها، وجه رئيس الحكومة، يؤكد البلاغ، تعليماته إلى كل المتدخلين لتكثيف جهودهم وتسخير كل الوسائل لبلوغ الأهداف المسطرة لهذا المشروع المجتمعي، التي حددها الملك، وتمكين كل المغاربة من خدمات تضمن كرامتهم واستفادتهم من حماية اجتماعية كاملة، وأشار إلى أن هذا المشروع يروم توفير حماية اجتماعية لكافة المواطنين، تشمل التعويض عن المرض والولوج للخدمات الصحية بشروط تفضيلية، مسجلا أن 11 مليون مغربيا يستفيدون حاليا من نظام التغطية الصحية الإجبارية (AMO)، في أفق تعمميه على باقي الفئات المجتمعية مستقبلا.
وأكدت المذكرة التقديمية أن التوجيهات الملكية تكرس تعميم التغطية الاجتماعية الشاملة، وذلك من خلال أربعة محاور، وهي توسيع التغطية الصحية الإجبارية، بحلول نهاية سنة 2022، بحيث سيتمكن 22 مليون مستفيد إضافي من الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء، ثم تعميم التعويضات العائلية، التي سيستفيد منها حوالي سبعة ملايين طفل في سن التمدرس، ويتعلق المحور الثالث بتوسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد، وذلك من خلال دمج حوالي خمسة ملايين مغربي من السكان النشيطين الذين لا يتوفرون على أي تغطية متعلقة بالتقاعد. أما المحور الرابع يتعلق بتعميم التعويض عن فقدان الشغل لفائدة المغاربة الذين يتوفرون على شغل قار.
وأشارت المذكرة ذاتها إلى أن هذا الإصلاح يجعل من الحماية الاجتماعية أحد مجالات التدخل الاستراتيجية وذات الأولوية، للوقاية والتقليل من مختلف أوجه الهشاشة الاجتماعية، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين. وفي هذا السياق، تضيف المذكرة، فإن الغرض من مشروع القانون الإطار هو تحديد الأهداف الأساسية لعمل الدولة في مجال الحماية الاجتماعية، وكذا المبادئ الأساسية والآليات الضرورية لبلوغ هذه الأهداف، خاصة في ما يتعلق بالحكامة والتمويل.
ويهدف مشروع القانون الإطار إلى تعميم الحماية الاجتماعية لتشمل الأشخاص الذين لا يتوفرون عليها، وذلك من أجل التقليص من الفقر ومحاربة الهشاشة. ومن أجل بلوغ هذه الأهداف، ستعمل الدولة على إصلاح الأنظمة والبرامج الاجتماعية المعمول بها، سيما الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة، وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد، وإصلاح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها، وتنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بتعميم الحماية الاجتماعية، واتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي والمؤسساتي والمالي، التي تمكن من تفعيل تعميم الحماية الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، تتمثل التزامات السلطات العمومية في السهر على تنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بتعميم الحماية الاجتماعية، باعتبارها أولوية وطنية، وتطوير الجوانب المتعلقة بتدبير وحكامة هيئات الضمان الاجتماعي، وضمان التقائية أنظمة الحماية الاجتماعية، واتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي والتنظيمي والمؤسساتي والمالي، التي تمكن من تفعيل تعميم هذه الحماية.
وحسب ديباجة القانون، سيتم تنزيل هذا الإصلاح داخل أجل خمس سنوات، وذلك عبر تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال سنتي 2021 و2022، وتعميم التعويضات العائلية من خلال تمكين الأسر التي لا تستفيد من هذه التعويضات، وفق النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، من الاستفادة، حسب الحالة، من تعويضات للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، أو من تعويضات جزافية، وذلك خلال سنتي 2023 و2024، ثم توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل سنة 2025.
واعتبارا لما سبق، يؤكد المشروع على أن إدراج المبادئ والأهداف الأساسية لإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية في قانون – إطار، من شأنه أن يضمن التطبيق الأمثل والتنزيل الأسلم لهذا الإصلاح ويؤمن استمراريته وديمومته، مشيرا إلى أن تعميم الحماية الاجتماعية، وفق مدلول هذا القانون الإطار، الذي يجب أن يتم داخل أجل أقصاه خمس سنوات، لا يحول دون استمرار تطبيق السياسات العمومية الأخرى التي تعتمدها الدولة في هذا المجال.
توفير الحماية الاجتماعية لـ22 مليون مغربي في نهاية سنة 2022
تنفيذا للتعليمات الملكية، وضعت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، صادق عليه مجلسا البرلمان في نهاية الولاية السابقة، ويهدف هذا المشروع إلى توفير التغطية الاجتماعية والصحية لما يزيد على 22 مليون مغربي.
وأوضحت المذكرة التقديمية للمشروع أن نظام الحماية الاجتماعية الحالي يواجه العديد من التحديات، التي تقلل من أثره (تعدد البرامج وتنوع الفاعلين وعدم وجود نظام استهداف موحد…)، وأمام هذا الوضع، أطلق الملك ورشا مهما لإصلاح نظام الحماية الاجتماعية في المغرب، حيث أعلن بمناسبة عيد العرش لسنة 2020، وافتتاح الدورة البرلمانية الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية العاشرة في 09 أكتوبر 2020، ضرورة ضمان الحماية الاجتماعية لجميع المغاربة، وسيشمل هذا التعميم أولا، التأمين الإجباري عن المرض والتعويضات العائلية، ثم سيتم تمديده ليشمل التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل.
وأكدت المذكرة التقديمية أن التوجيهات الملكية تكرس تعميم التغطية الاجتماعية الشاملة، وذلك من خلال أربعة محاور، وهي توسيع التغطية الصحية الإجبارية، بحلول نهاية سنة 2022، بحيث سيتمكن 22 مليون مستفيد إضافي من الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء، ثم تعميم التعويضات العائلية، التي سيستفيد منها حوالي سبعة ملايين طفل في سن التمدرس، ويتعلق المحور الثالث بتوسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد، وذلك من خلال دمج حوالي خمسة ملايين مغربي من السكان النشيطين الذين لا يتوفرون على أي تغطية متعلقة بالتقاعد. أما المحور الرابع يتعلق بتعميم التعويض عن فقدان الشغل لفائدة المغاربة الذين يتوفرون على شغل قار.
وأشارت المذكرة ذاتها إلى أن هذا الإصلاح يجعل من الحماية الاجتماعية أحد مجالات التدخل الاستراتيجية وذات الأولوية، للوقاية والتقليل من مختلف أوجه الهشاشة الاجتماعية، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين. وفي هذا السياق، تضيف المذكرة، فإن الغرض من مشروع القانون الإطار هو تحديد الأهداف الأساسية لعمل الدولة في مجال الحماية الاجتماعية، وكذا المبادئ الأساسية والآليات الضرورية لبلوغ هذه الأهداف، خاصة في ما يتعلق بالحكامة والتمويل.
ويهدف مشروع القانون الإطار إلى تعميم الحماية الاجتماعية لتشمل الأشخاص الذين لا يتوفرون عليها، وذلك من أجل التقليص من الفقر ومحاربة الهشاشة. ومن أجل بلوغ هذه الأهداف، ستعمل الدولة على إصلاح الأنظمة والبرامج الاجتماعية المعمول بها، سيما الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة، وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد، وإصلاح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها، وتنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بتعميم الحماية الاجتماعية، واتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي والمؤسساتي والمالي، التي تمكن من تفعيل تعميم الحماية الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، تتمثل التزامات السلطات العمومية في السهر على تنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بتعميم الحماية الاجتماعية، باعتبارها أولوية وطنية، وتطوير الجوانب المتعلقة بتدبير وحكامة هيئات الضمان الاجتماعي، وضمان التقائية أنظمة الحماية الاجتماعية، واتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي والتنظيمي والمؤسساتي والمالي، التي تمكن من تفعيل تعميم هذه الحماية.
وحسب ديباجة القانون، سيتم تنزيل هذا الإصلاح داخل أجل خمس سنوات، وذلك عبر تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال سنتي 2021 و2022، وتعميم التعويضات العائلية من خلال تمكين الأسر التي لا تستفيد من هذه التعويضات، وفق النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، من الاستفادة، حسب الحالة، من تعويضات للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، أو من تعويضات جزافية، وذلك خلال سنتي 2023 و2024، ثم توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل سنة 2025.
واعتبارا لما سبق، يؤكد المشروع على أن إدراج المبادئ والأهداف الأساسية لإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية في قانون – إطار، من شأنه أن يضمن التطبيق الأمثل والتنزيل الأسلم لهذا الإصلاح ويؤمن استمراريته وديمومته، مشيرا إلى أن تعميم الحماية الاجتماعية، وفق مدلول هذا القانون الإطار، الذي يجب أن يتم داخل أجل أقصاه خمس سنوات، لا يحول دون استمرار تطبيق السياسات العمومية الأخرى التي تعتمدها الدولة في هذا المجال.
ويرتكز تعميم الحماية الاجتماعية على آليتين للتمويل، وهما آلية قائمة على الاشتراك بالنسبة إلى الأشخاص القادرين على المساهمة في تمويل هذه الحماية الاجتماعية، وآلية قائمة على التضامن لفائدة الأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك. وترتكز الآلية القائمة على الاشتراك، على الأداء المسبق لمبالغ الاشتراك من طرف الأشخاص المؤمنين أو عن طريق الغير لحسابهم الخاص، ويتم تمويل الحماية الاجتماعية في إطار هذه الآلية عن طريق الاشتراكات المستحقة، تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، والواجبات التكميلية التي تفرضها الدولة على بعض الفئات المهنية، في إطار نظام المساهمة المهنية الموحدة، قصد أداء الاشتراكات الاجتماعية.
وتخول الآلية الثانية القائمة على التضامن، حق الاستفادة من الحماية الاجتماعية المتعلقة بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، ومن التعويضات المخصصة للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة أو من التعويضات الجزافية، وترتكز هذه الآلية على الأداء المسبق للاشتراكات من طرف الدولة لفائدة الأشخاص المعنيين، من خلال الموارد المحددة في المخصصات المالية من ميزانية الدولة، والعائدات الضريبية المخصصة لتمويل الحماية الاجتماعية، والموارد المتأتية من إصلاح نظام المقاصة، والهبات والوصايا، وجميع الموارد الأخرى التي يمكن أن ترصد بموجب نصوص تشريعية أو تنظيمية خاصة.
لانام.. 25 مليون مستفيد من التغطية الصحية
كشفت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي عن ارتفاع معدل التغطية الصحية الأساسية لسكان المغرب من 16 في المائة سنة 2005 إلى 70.2 في المائة سنة 2020، بما مجموعه 25.2 مليون مستفيد من كافة الأنظمة، ضمنهم ما يفوق 11.17 مليون مستفيد من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض و11 مليون مستفيد من نظام المساعدة الطبية، فيما يبقى الهدف هو بلوغ نسبة 100 في المائة من سكان
المغرب، حسب الوكالة التي أوضحت أن مرد هذا الارتفاع هو إدماج العمال المستقلين، الذين يشكلون 11 مليون مستفيد، وكذا إدراج المستفيدين، حاليا، من نظام المساعدة الطبية، أي ما يمثل 11 مليون مستفيد في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، (ما مجموعه 22 مليون مواطن)، وذلك بمتم 2022.
وأوضحت الوكالة، أن آليات الضبط و التحكم الطبي في النفقات، عرف تطورا ملموسا، حيث ارتفع عدد الأدوية المعوض عنها برسم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض من 1000 دواء خلال سنة 2006 إلى 4850 دواء خلال سنة 2020، تضم 3015 دواء جنيس (65 في المائة )، يضاف إلى ذلك عدد الأرقام الوطنية الاستدلالية الممنوحة لمهنيي الصحة والمؤسسات العلاجية بالقطاعين العام والخاص، الذي ارتفع من 5324 سنة 2007 إلى 50.000 كرقم استدلالي، حاليا، كما ارتفع عدد الشكايات، التي تمت معالجتها من طرف الوكالة، في إطار مهمتها المتعلقة بالتحكيم بين مختلف الفاعلين في النظام، من 328 شكاية سنة 2011 إلى 10255 شكاية إلى غاية اليوم.
وفي الوقت الذي كشفت فيه الوكالة، إحراز تقدم كبير وقطع خطوات مهمة للتفعيل التدريجي للتغطية الصحية، فإنها قالت في المقابل إن النظام لا يزال يعاني من بعض الإكراهات المتعلقة على وجه الخصوص بتعدد الأنظمة، والفوارق بين معايير هذه الأنظمة، إلى جانب حجم المصاريف، التي يتحملها المؤمن، والتي تصل إلى 31.5 في المائة بالقطاع العام و 37.6 في المائة بالقطاع العام، ونقص تمويل النظام الصحي.
وفي أفق تعميم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في أفق سنة 2022، تقول الوكالة الوطنية للتأمين الصحي إنها شرعت في تحيين استراتيجيتها للفترة الممتدة ما بين 2020 و2024، وساهمت بفاعلية في إعداد الاستراتيجية القطاعية للحماية الاجتماعية، وهي تشارك في عضوية اللجنة التقنية المحدثة لهذا الغرض من طرف رئيس الحكومة، معلنة قرب وضع مخطط جديد لإبرام الاتفاقيات الوطنية بهدف تطويرها، وجعلها أداة تعاقدية فعالة بين الهيئات المكلفة بالتدبير، ومهنيي الصحة، بناءً على أهداف متبادلة، ومحددة، رابطة بين تحقيق الأهداف المسطرة، ووضع نظام معلوماتي منفتح وفعال وقابل للتطوير.
3 أسئلة
عتيق السعيد*
*باحث أكاديمي ومحلل سياسي
«ورش الحماية الاجتماعية مبني على هندسة اجتماعية بأبعاد آنية واستباقية»
1- ما أهمية ورش الحماية الاجتماعية، لاسيما في السياق الحالي وآفاقه المستقبلية؟
عرفت بلادنا بقيادة جلالة الملك محمد السادس هندسة شاملة ومتعددة الأبعاد للمجال الاجتماعي، شهدت انطلاق سلسلة من الأوراش والمبادرات الاجتماعية التي عززت متانة مقومات الدولة الاجتماعية في التصدي الناجع والفعال لجائحة كوفيد-19، وبالتالي المساهمة في ترميم تصدعات الجائحة من جهة والحد من آثارها وتداعياتها المستقبلية، من جهة أخرى، كحافز وصانع للتغيير التدبيري المبني على إعادة نظام اجتماعي متجدد مساير لتطلعات المرحلة يحقق الانتقال السريع من مرحلة معالجة آثار الجائحة إلى مرحلة صيانة وتأمين الازدهار والرفاه المستدام لمكونات المجتمع، رغم كل المتغيرات الدولية وإكراهاتها المتسارعة.
ويعتبر ورش تعميم الحماية الاجتماعية من الأوراش الكبرى التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، وهو لبنة أساس لتقوية المجال الاجتماعي، تهدف إلى تقليص الفقر ومحاربة كل أشكال الهشاشة ودعم القدرة الشرائية للأسر وتعميم التأمين الصحي الإجباري على جميع المواطنات والمواطنين، وتعميم التعويضات العائلية والتعويض عن فقدان الشغل، وتوسيع نظام التقاعد.
ورش تعميم الحماية الاجتماعية يعد ثورة اجتماعية حقيقية يقودها جلالته للنهوض بترسيخ العدالة الاجتماعية، ذلك أن الحماية الاجتماعية تركز حول جميع آليات الاحتياط الجماعي التي تمكن الأفراد أو الأسر من مجابهة الآثار المالية المترتبة عن المخاطر الاجتماعية، وترتكز، في السياق ذاته، على آليتين هما التأمين الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية، ما يجعله ورشا ينبني على هندسة اجتماعية بأبعاد آنية واستباقية أفقيا وعموديا تعزز من مقومات الدولة الاجتماعية.
وهو ورش كبير أعلن عنه جلالة الملك في خضم الأزمة الصحية المرتبطة بالجائحة، حيث يؤسس لتحول نوعي في مسار الإصلاحات الاجتماعية بالمملكة، يهدف بشكل مباشر وملموس إلى تحسين ظروف عيش المواطنين، وصيانة كرامتهم، وتحصين الفئات الهشة في مواجهة التقلبات الاقتصادية والمخاطر الصحية.
هذا الورش حددت له مجموعة من الأهداف الدقيقة والواضحة رامية بشكل آني واستباقي إلى تعميم الحماية الاجتماعية لفائدة كل المغاربة خلال السنوات الخمس المقبلة، وهي أهداف رهينة بالانخراط القوي والفاعل لكل المتدخلين. ولتحقيق هذه الغاية تسعى الحكومة لاتخاذ عدد من الإجراءات والمحطات الهامة في مسار تنزيل هذا الورش الذي انطلق مباشرة بعد الخطب الملكية السامية، حيث ينصب التركيز على إنجاح تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة 22 مليون مغربي من العمال المستقلين والفئات المعوزة، إلى جانب الشروع في الإعداد التدريجي لباقي مراحل الإصلاح. وتتمثل أهم المحطات في مسار التنزيل في التوقيع، بين يدي جلالة الملك، على ثلاث اتفاقيات – إطار تهم تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة 3 ملايين منخرط وأسرهم، منهم 1,6 مليون فلاح و800 ألف من التجار، والمهنيين، ومقدمي الخدمات المستقلين الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة أو لنظام المقاول الذاتي، و500 ألف من الحرفيين ومهنيي الصناعة التقليدية، وهو ما يعني أن عدد المواطنين المعنيين بهذه الاتفاقيات يناهز 9 ملايين مواطن، وهو ما يمثل حوالي 83 في المائة من الفئات المستهدفة لدى فئات المستقلين، وبالتالي فالمغرب مقبل على أكبر ورش اجتماعي سيضمن التأمين الصحي وتوفير المعاش لفائدة ما يناهز 9 ملايين مغربي ومغربية، والعدد الإجمالي للمستفيدات والمستفيدين الذين سيتمتعون بالخدمات وسلة العلاجات التي يستفيد منها أجراء القطاع الخاص وموظفو القطاع العام سيصل إلى 11 مليون مواطنة ومواطن، مما سيضمن تحصين النسيج المجتمعي بما يشمل جميع القطاعات، وفي مقدمتها القطاع غير المهيكل، بغية ضمان الحد من آثار وتداعيات الجائحة على حيوية المجتمع.
إن الحكومة تباشر عملية تفعيل الورش بحيث قطع المشروع في هذا المسار التأمين الأساسي عن المرض لفائدة العمال المستقلين، سواء من خلال إعداد الإطار القانوني أو من خلال تأهيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتسجيل وتقديم الخدمات للمنخرطين الجدد، وعبر وضع الركائز الأساسية لتأهيل المنظومة الصحية، أو عن طريق تكثيف عمليات التحسيس والتواصل، لاسيما تمكين الفئات الفقيرة والهشة المنخرطة حاليا في نظام المساعدة الطبية «راميد» من الشروع في الاستفادة من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، ابتداء من سنة 2022.
2 – كيف ستواجه الحكومة رهان إصلاح وحكامة منظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب؟
ورش تعميم الحماية الاجتماعية يساهم في تعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي، وبالتالي فبلادنا، من خلال إصلاح وحكامة منظومة الحماية الاجتماعية، ستكون أمام ورش يساير التحولات المجتمعية ويتأقلم مع المتغيرات المتسارعة للجائحة، حيث ترتكز الحماية الاجتماعية على إدارة المخاطر الاجتماعية، وبالتالي فهي توفر دورة فعالة من التنمية والنمو، كما تمكن من الحد من فقر الأسر، وتعزيز التماسك والاستقرار الاجتماعي، والمساهمة في التنمية الشاملة، وبالتالي تشكل الحماية الاجتماعية اليوم أداة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث توفر آليات الحماية الاجتماعية للأسر مزايا اجتماعية تمكنها من العيش بكرامة.
إن إصلاح وحكامة منظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب ورش يدعم معالجة الاختلالات المجتمعية كما يقوي صلابة ومتانة النسيج المجتمعي، وبالتالي يحفز على ديمومة حيوية المجتمع وتفاعلاته بالعملية التنموية ككل.
3 – ما دور تعميم الحماية الاجتماعية في تحصين النسيج المجتمعي من آثار الجائحة وتداعياتها؟
جلالة الملك يعطي اهتماما كبيرا للعنصر البشري، بل أكثر من ذلك جعله أولوية كبرى في دينامية الإصلاحات بشكل عام، وفي تدبير فترة الجائحة بشكل خاص، من منطلق حماية صحة المواطن وجعله قادرا على الخروج من هاته الفترة العصيبة، حيث تتعدد الأوراش التي قام بهندستها جلالته برؤية متبصرة للمرحلة تنتظر من الحكومة تفعيلها على أرض الواقع، وبالتالي يتعين عليها أن تضع خارطة طريق دقيقة وواضحة سواء متوسطة أو بعيدة المدى في ما يخص الاهتمام بهاته الأوراش، وعلى رأسها الطبقة الوسطى التي هي مصدر الاستقرار والازدهار الاقتصادي.
إن تعزيز آليات الحماية الاجتماعية من خلال تعميم التغطية الاجتماعية التي تطرق لها جلالته في خطاب العرش، سيتيح هذا الورش تغطية اجتماعية شاملة تتمثل في تعميم التأمين الإجباري على الأمراض والتعويضات العائلية لفائدة جميع الأسر ابتداء من يناير 2021. وبذلك يكون هذا المشروع غير مسبوق، ويعد من الإصلاحات الاجتماعية الكبرى التي تستلزم اعتماد تغييرات جذرية في تدبير نظام الحماية الاجتماعية ببلادنا، خصوصا أن تنزيل هذا الإصلاح محدد بشكل تدريجي خلال خمس سنوات 2021-2025.
المغرب شهد منذ بداية الجائحة-أي بشكل مساير لتقلباتها- سيلا من الأوراش الاجتماعية والاقتصادية أكدت اليقظة العالية والقدرة المستمرة على التفاعل الاستباقي والاستشرافي للوضع، معززا صلابة الدولة الاجتماعية كأولوية كبرى لبناء مغرب ما بعد كورونا، ومن جهة ثانية مرسخة لمبادئ التضامن الدولي في ظل الأزمات والجوائح، ما ترجم في العديد من المبادرات التضامنية مع دول القارة الإفريقية والعربية الشقيقة ساهمت في خلق دينامية من المبادرات الإنسانية التطوعية، وستبقى محفورة في ذاكرة المغرب ملكا وشعبا.
إن حرص جلالته على تعزيز قوة الدولة الاجتماعية يشكل دعامة أساسية ثابتة تروم المحافظة على المكتسبات والتركيز على الأولويات الاجتماعية، وبالتالي رفع رهان سقف المبادرات الاجتماعية والاقتصادية، كإطار مؤمن من كل التحولات كيفما كان حجمها، ومرسخ لمبادئ التضامن والتكافل والتآزر المجتمعي بمفهومه الواسع الذي يعكس صرح المجتمع وبناءه التضامني المتين والمنيع ضد الأزمات والجوائح، ومحفزا على الاستقرار التنموي والنماء البشري المستدام.
إن استحضار أهمية حضور الدولة الاجتماعية كحصن رادع من الآثار الآنية للأزمات أو تداعياتها المستقبلية، يؤكد أن بلادنا استطاعت بحكمة جلالته الخروج من الجائحة بشكل ضمن لها الانتقال من تعدد المشاريع الاجتماعية في إطار تقويمي، إلى اعتماد خطة اجتماعية تقييمية شاملة بأبعاد متعددة ترتكز في المقام الأول على تنمية العنصر البشري.
لقد شهدت بلادنا العام الماضي، في قلب الأزمة الوبائية، واستجابة لمتغيراتها المتسارعة، تدشين حزمة من الأوراش والمبادرات مترابطة في ما بينها، قام بهندستها جلالته برؤية متبصرة للمرحلة بإحداث صندوق كورونا للدعم المالي، وصرف تعويضات مالية للمواطنين بالقطاعات غير المهيكلة، ثم تحولت بلادنا مباشرة بعد ذلك إلى وضع مشروع تعزيز آليات الحماية الاجتماعية من خلال تعميم التغطية الاجتماعية من أجل تغطية شاملة تتمثل في تعميم التأمين الإجباري على الأمراض والتعويضات العائلية لفائدة جميع الأسر، وأيضا، وتكملة لتقوية المجال الاجتماعي، قدم جلالة الملك ورش إحداث السجل الاجتماعي الموحد بأبعاد متعددة تساعد على تحديد الآليات الكفيلة بتنظيم وضبط عملية الاستهداف لبرامج الدعم الاجتماعي، بالإضافة إلى توحيد وتجميع منابع برامج الحماية الاجتماعية في إطار واحد دقيق وشامل، وهي كلها أوراش اجتماعية مكملة لبعضها البعض في حلقات اجتماعية مترابطة في ما بينها تبرهن عن أن النموذج المغربي يتميز بقوة الدولة الاجتماعية في حماية العنصر البشري وقدرتها على التأقلم مع جميع المتغيرات.