شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

الحكومة في مواجهة تحديات اقتصادية صعبة

ارتفاع في نسبة التضخم وغلاء للمعيشة يضربان القدرة الشرائية للمغاربة

تواجه الحكومة تحديات اقتصادية واجتماعية صعبة، خلال هذه السنة، حيث يتوقع بنك المغرب أن يظل التضخم  في مستويات مرتفعة على المدى المتوسط. وسيصل خلال سنة 2023 إلى 5,5 في المائة في المتوسط، وبلغ معدل التضخم 6,6 في المائة في 2022، وهي أعلى نسبة يسجلها منذ سنة 1992، فيما تؤكد المندوبية السامية للتخطيط، أن أسعار المواد الاستهلاكية عرفت ارتفاعا صاروخيا في الأسابيع الماضية، رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للحد من ارتفاع الأسعار، من قبيل توقيف تصدير بعض المواد الأساسية، وحذف الرسوم الجمركية عن استيراد الأبقار المعدة لإنتاج اللحوم الحمراء، وهناك تخوفات كبيرة باستمرار التضخم وارتفاع الأسعار، ما سينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين.

مقالات ذات صلة

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

بنك المغرب يتوقع ارتفاع التضخم والمجلس الاقتصادي والاجتماعي يقترح وصفة للتخفيف من تداعياته

 

توقع بنك المغرب أن يصل التضخم سنة 2023 إلى 5,5 في المائة في المتوسط، قبل أن ينخفض إلى 2,3 في المائة سنة 2024.

وأوضح البنك المركزي، في بلاغ صادر عقب اجتماعه الفصلي الأول برسم سنة 2023، أنه «بعد بلوغ التضخم 6,6 في المائة في 2022، وهي أعلى نسبة يسجلها منذ سنة 1992، يتوقع أن يظل في مستويات مرتفعة على المدى المتوسط. وسيصل خلال سنة 2023 إلى 5,5 في المائة في المتوسط، فيما سيبلغ مكونه الأساسي 6,2 في المائة، بمراجعة نحو الارتفاع بواقع نقطتين مئويتين مقارنة بتوقعات شهر دجنبر الماضي، نتيجة بالأساس للارتفاع الحاد في أسعار بعض المنتجات الغذائية المدرجة فيه».

وأورد المصدر ذاته أن هذه التوقعات تفترض تلاشي الصدمات المسببة لهذا الارتفاع تدريجيا، خلال النصف الثاني من السنة، بفضل مختلف التدابير الحكومية المتخذة في هذا الشأن، مبرزا أنه في سنة 2024، ومع فرضية استمرار تقلص الضغوط التضخمية الداخلية كما الخارجية، يتوقع أن يبلغ التوجه الأساسي للأسعار 2,3 في المائة. وأضاف بنك المغرب أن الشروع المبرمج في رفع دعم أسعار المنتجات المدرجة في صندوق المقاصة من شأنه أن يبقي التضخم إجمالا في مستوى مرتفع، أي 3,9 في المائة.

وذكر المجلس أنه رغم التقلص النسبي للضغوط خارجية المنشأ، فإن أحدث المعطيات المتوفرة تشير إلى استمرار تسارع التضخم، نتيجة على الخصوص لصدمات العرض الداخلية على بعض المواد الغذائية، محيطا علما في هذا الإطار بالتدابير التي اتخذتها الحكومة لتحسين عرض هذه المنتجات وضمان السير الجيد لأسواقها.

من جهته، اقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عددا من التوصيات، على المديين القصير والمتوسط، من أجل التخفيف من تداعيات التضخم الذي تشهده المملكة.

وأوضح المجلس أنه على مستوى الإجراءات ذات الطابع الآني، يتعين التفكير في توزيع مساعدات تستهدف الفئات الأكثر هشاشة، والإبقاء على الرسوم الجمركية المفروضة على أسعار بعض المنتجات الأساسية المستوردة في مستوى منخفض، وتعزيز مراقبة مدى احترام قواعد المنافسة في مختلف القطاعات، سيما قطاعات السلع والمنتجات الأساسية، مع الحرص على أن تكون العقوبات في حال انتهاك هذه القواعد رادعة بما فيه الكفاية.

أما على المدى المتوسط، وبغية مواجهة أي ارتفاع محتمل للأسعار مستقبلا، يوصي المجلس بالإسراع في تنزيل السجل الاجتماعي الموحد، من أجل استهداف أمثل للدعم الموجه إلى الفئات الأكثر هشاشة؛ ودراسة إمكانية إحداث صندوق دائم للتصدي للصدمات الكبرى (Fonds de stabilisation)؛ والقيام بالمزيد من الاستثمارات في القدرات الوطنية في مجال تخزين المنتجات الطاقية، ودراسة السبل الممكنة لتعبئة قدرات التخزين المتوفرة لدى شركة «سامير».

كما يوصي المجلس بإصلاح وتنظيم فضاءات تسويق المنتجات الفلاحية، ودراسة جدوائية إحداث شركة وطنية للشحن البحري، فضلا عن إحداث مرصد للأسعار وهوامش الربح المتعلقة بالمواد الأساسية.

وفي هذا الصدد، أشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى أن المغرب يواجه على غرار بقية بلدان العالم، منذ سنة 2021 إلى غاية اليوم، تداعيات استمرار وتيرة ارتفاع معدل التضخم، مما أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.

وفي السياق نفسه، أبرز المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه خصص في تقريره السنوي الأخير نقطة يقظة تتناول هذا الموضوع في أبعاده الظرفية والاستشرافية، مقترحا جملة من التدابير الرامية إلى التخفيف من الانعكاسات السلبية لهذه الصدمة على الاقتصاد الوطني وعلى معيش المواطنين.

واعتبر المجلس أنه رغم أن الزيادات المهمة في الأسعار التي سجلت منذ 2021 تعزى بالأساس إلى عوامل خارجية، فإن هذه الوضعية لا تمنع من وجود عوامل داخلية لها تأثير على الأسعار، خاصة أن الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2022 شهدت توسع نطاق ارتفاع الأسعار ليشمل المنتجات غير التجارية.

ومن بين تلك العوامل، يشير المصدر ذاته إلى إشكالية ضعف تنظيم الأسواق الخاصة بالمنتجات الفلاحية وإلى تعدد الوسطاء، مضيفا بخصوص السوق الداخلية للمحروقات أنه من الأهمية بمكان تسريع وتيرة إجراء بحوث للتقصي بشأن وجود أو عدم وجود سلوك مناف للمنافسة من قبل الفاعلين في هذا القطاع.

وذكر المجلس أنه أخذا بعين الاعتبار طبيعة التضخم الذي تواجهه البلاد، وفي سياق تشير فيه مؤشرات النشاط الاقتصادي إلى عدم وجود ضغط قوي من قبل الطلب الداخلي على الأسعار، اتخذت السلطات العمومية جملة من التدابير على المدى القصير، من أجل التخفيف من تداعيات الضغوط الناجمة عن التضخم.

ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بتحمل ارتفاع أسعار المواد المدعمة من خلال آلية صندوق المقاصة، والتوقيع خلال شهر أبريل من سنة 2022 على اتفاق في إطار الحوار الاجتماعي ينص على تحسين دخل العاملين في القطاعين العام والخاص على مدى سنتين، فضلا عن الدعم المخصص للفاعلين في مجال النقل وعدم الزيادة في تسعيرة الكهرباء.

وأضاف أنه بالموازاة مع هذه الإجراءات، قرر بنك المغرب أخيرا رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس، وذلك لتفادي عدم تثبيت توقعات الفاعلين الاقتصاديين بشأن التطور المستقبلي للأسعار، وخلص المجلس إلى أنه على الرغم من ذلك، وفي ظل استمرار ارتفاع الأسعار، فإن الوضعية الراهنة تقتضي اتخاذ إجراءات مباشرة وذات تأثير أقوى.

المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا كبيرا في أسعار المواد الاستهلاكية

 

 

أفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك، سجل، خلال شهر فبراير 2023، ارتفاعا بـ7,1 بالمائة بالمقارنة مع الشهر السابق. ونتج هذا الارتفاع عن تزايد الرقم الاستدلالي للمواد الغذائية بـ9,3 بالمائة واستقرار الرقم الاستدلالي للمواد غير الغذائية.

وهمت ارتفاعات المواد الغذائية المسجلة ما بين شهري يناير وفبراير 2023، على الخصوص، أثمان «الخضر» بـ17,8 بالمائة و«الفواكه» بـ5,7 بالمائة و«اللحوم» بـ4,3 بالمائة و«الحليب والجبن والبيض» بـ2,3 بالمائة و«الزيوت والذهنيات» بـ1,3 بالمائة و«القهوة والشاي والكاكاو» بـ0,5 بالمائة و«المياه المعدنية والمشروبات المنعشة وعصير الفواكه والخضر» بـ0,3 بالمائة. وعلى العكس من ذلك، انخفضت أثمان «السمك وفواكه البحر» بـ1,0 بالمائة. وفي ما يخص المواد غير الغذائية، فإن الانخفاض هم، على الخصوص، أثمان «المحروقات» بـ1,3 بالمائة.

وسجل الرقم الاستدلالي أهم الارتفاعات في الحسيمة بـ2,6 بالمائة وفي آسفي وبني ملال بـ2,5 بالمائة وفي الرشيدية بـ2,4 بالمائة وفي سطات بـ2,3 بالمائة وفي القنيطرة بـ2,2 بالمائة وفي فاس بـ 2,1 بالمائة وفي وجدة بـ2,0 بالمائة وفي مراكش وطنجة بـ1,8 بالمائة وفي تطوان بـ1,6 بالمائة وفي أكادير والرباط ومكناس بـ1,4 بالمائة وفي كلميم بـ1,3 بالمائة وفي الدار البيضاء والعيون بـ 1,2 بالمائة.

وبالمقارنة مع الشهر نفسه من السنة السابقة، سجل الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك ارتفاعا بـ10,1 بالمائة خلال شهر فبراير 2023. ونتج هذا الارتفاع عن تزايد أثمان المواد الغذائية بـ20,1 بالمائة وأثمان المواد غير الغذائية بـ3,6 بالمائة. وتراوحت نسب التغير للمواد غير الغذائية ما بين ارتفاع قدره 0,4 بالمائة بالنسبة لـ «الصحة» و8,3 بالمائة بالنسبة لـ «النقل».

وهكذا، يكون مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية عرف، خلال شهر فبراير 2023، ارتفاعا بـ8,0 بالمائة بالمقارنة مع شهر يناير 2023 وبـ8,5 بالمائة بالمقارنة مع شهر فبراير 2022.

ومن جهتها، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن أسعار المواد الغذائية الأساسية «ستعود إلى الاستقرار خلال الأيام المقبلة»، تزامنا مع حلول شهر رمضان. وأوضحت فتاح، أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، خلال جلسة خصصت لمناقشة «التدابير الحكومية المتخذة لمواجهة ارتفاع أسعار المنتجات والمواد الاستهلاكية وحماية القدرة الشرائية للمواطنين»، أن أسعار بعض المواد الغذائية شهدت ارتفاعا في الأيام الأخيرة بسبب الظروف المناخية، مشددة على أنها «ستعود إلى الاستقرار أو الانخفاض لتكون في متناول جميع المواطنين، وذلك بفضل الارتفاع المرتقب في وتيرة الإنتاج في الأيام القادمة».

وكشفت الوزيرة، من خلال عرض قدمته أمام اللجنة البرلمانية، أن الأسعار الداخلية لمشتقات المواد المستوردة تأثرت، خلال النصف الأول من سنة 2022، بالارتفاعات المسجلة على صعيد السوق الدولية، بحيث سجلت ارتفاعات متتالية في دقيق القمح الصلب والقمح اللين والسميد والمعجنات. وأشارت الوزيرة إلى أن الأسعار عرفت استقرارا نسبيا خلال النصف الثاني من السنة وسجلت انخفاضات خلال الأسابيع الأولى من سنة 2023 إلا أن مستويات الأسعار تبقى مرتفعة مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2022.

وحسب الوزيرة، فقد عرفت أسعار زيت المائدة ارتفاعات متتالية منذ نهاية سنة 2021 فاقت 70 بالمائة لتستقر خلال النصف الثاني من 2022، مع تراجع خفيف في الأسعار، كما عرفت أسعار الحليب بعض الارتفاعات ارتباطا بالنقص الحاصل في القطيع والمرتبط بعدة عوامل متداخلة، غير أنها أصبحت مستقرة نسبيا بعد تدخل الحكومة من خلال تحمل خزينة الدولة للرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المطبقة على الواردات.

أما بخصوص الخضر والفواكه، فأوضحت الوزيرة أن هذه المواد تخضع لمنطق العرض والطلب والإنتاج الموسمي، وتتأثر بمستويات المحصول وبالظروف المناخية، وأكدت أن هذه المواد سجلت زيادات مهمة خلال مطلع هذه السنة وأخذت الأسعار في النزول خلال الأيام الأخيرة. وأرجعت الوزيرة أسباب الارتفاعات إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، والنقص في الموارد المائية خلال السنة الفارطة، بالإضافة إلى موجة البرد التي عرفها المغرب بداية السنة.

وبالنسبة للحوم الحمراء والبيضاء، أكدت الوزيرة، كذلك، أن أسعارها عرفت ارتفاعات مهمة خلال مطلع هذه السنة ثم عادت تدريجيا للنزول بعد تدخل

الحكومة، وأرجعت أسباب هذه الزيادة إلى عدة عوامل، أهمها ارتفاع أثمنة العلف، وعدم تلقيح القطيع خلال فترة «كوفيد، ما ساهم في تقليص عدد الأبقار والعجول، بالإضافة إلى الجفاف الذي دفع الفلاحين إلى توجيه الأبقار للذبيحة.

وأكدت نادية فتاح أن الأسواق الوطنية مزودة بكميات وافرة من المواد الأكثر استهلاكا خلال شهر رمضان، مشيرة إلى أن العرض من المواد الفلاحية من خضر وفواكه كاف ويسد الحاجيات الوطنية. وأبرزت الوزيرة، في السياق ذاته، أن مخزون القمح يتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر، فيما يفوق مخزون السكر أربعة أشهر ومخزون الزيوت والزبدة أكثر من شهرين، مضيفة أن العرض من التمور والحليب متوفر بكميات تفوق الطلب، والأمر نفسه بالنسبة للقطاني التي تم استيراد جزء مهم منها خلال الشهور الأولى من هذه السنة. وبالنسبة للمخزون المتوفر من البنزين والغازوال، أشارت وزيرة الاقتصاد والمالية إلى أنه يغطي الحاجيات الوطنية لـ 53 يوما و29 يوما على التوالي، بينما يغطي مخزون غاز البوطان 26 يوما.

وفي ما يخص اللحوم، خاصة الحمراء، أكدت المسؤولة الحكومية أن العرض المتوفر يغطي الحاجيات الوطنية، حيث تم استيراد ما يعادل 13 ألفا و642 رأسا من البقر إلى حدود 14 مارس الجاري، مضيفة أن الإنتاج الوطني من السمك، الذي يشهد تزايدا في الاستهلاك خلال شهر رمضان، عرف، خلال شهر فبراير الماضي، ارتفاعا ملحوظا سيمكن من تلبية حاجيات المواطنين من هذه المادة الحيوية.

على صعيد آخر، أكدت فتاح أن اللجان المختلطة لمراقبة الأسواق كثفت أعمالها، خلال سنة 2022 والأسابيع الأولى من 2023، موضحة أن عدد عمليات المراقبة ارتفع بأكثر من 55 في المائة سنة 2022، وأكثر من 76 في المائة خلال بداية 2023 مقارنة مع السنوات الفارطة، ولفتت إلى أن الحكومة تدخلت ولا تزال منذ بروز بوادر الأزمات التي طالت المنظومة الاقتصادية العالمية، من خلال مجموعة من التدابير والإجراءات الاستعجالية من أجل الحد من تداعيات التضخم المستورد على الأسعار الوطنية وتوفير المواد الأساسية للمستهلكين بأثمنة تتماشى مع قدراتهم الشرائية، من خلال تسقيف ودعم أسعار بعض المواد وتحمل التكاليف الإضافية لاستيراد بعض المواد.

لقجع يكشف إجراءات الحكومة لدعم القدرة الشرائية للمواطنين

 

أفاد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، بأنه في إطار مواجهة ارتفاع أسعار المواد الطاقية والمواد الأولية وأسعار الشحن والنقل، تزامنا مع ارتباك سلاسل الإمدادات العالمية، اعتمدت الحكومة مقاربة متعددة المداخل كان قاسمها المشترك الحفاظ على القدرة الشرائية لمختلف الفئات الاجتماعية، والحفاظ على أسعار المواد والخدمات الأساسية، موازاة مع الحرص على التزويد المنتظم للسوق الداخلي بالسلع.

وأوضح الوزير في جواب عن سؤال كتابي بمجلس النواب أنه علاوة على التدابير المتخذة في إطار نظام المقاصة، وعملا على استقرار تعريفة النقل وأسعار المنتوجات والسلع، بالرغم من الارتفاع الدولي للأسعار، وبغرض الحفاظ على استقرار تعريفة نقل الأشخاص والبضائع، فقد تم إطلاق عملية تقديم الدعم الاستثنائي المباشر لكل عربة المخصص لجميع مهنيي قطاع النقل الطرقي للأشخاص والبضائع، وفي هذا الشأن، وبالإضافة إلى الثماني دفعات التي تم صرفها والتي بلغ غلافها الإجمالي 4,236 ملايير درهم، قررت الحكومة خلال مجلسها المنعقد، بتاريخ 2 فبراير 2013، تخصيص دفعة تاسعة لفائدة مهنيي قطاع النقل.

أما بخصوص المنتجات الغذائية، يضيف لقجع فقد تم تفعيل إجراءات إضافية قصد ضمان الاستيراد، وبالتالي تأمين إمدادات منتظمة للبلاد في ظل أفضل الظروف، وفي هذا الصدد، قررت الحكومة تعليق الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية للتوريد، وذلك بهدف استيراد 200 ألف بقرة أليفة لدعم انتاج اللحوم، وتوفير العرض من أجل العودة إلى أسعار اللحوم التي كانت مطبقة قبل الأزمة الحالية.

وأضاف الوزير أنه تنزيلا لمخرجات الحوار الاجتماعي، تم على الخصوص رفع الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 10 في المائة، وفي القطاع الفلاحي بـ15  في المائة على مدى سنتين، ورفع الحد الأدنى للأجر بالوظيفة العمومية إلى 3500 درهم، ورفع حصيص الترقي في الدرجة من 3 إلى36  في المائة، فضلا عن جملة من التدابير القطاعية، وتبلغ الكلفة الإجمالية للحوار الاجتماعي 9.2 ملايير درهم تمت برمجة 6.7 ملايير درهم برسم سنة 2013، وموازاة مع ذلك خصصت الحكومة حوالي 6 ملايير درهم لتسوية ترقيات الموظفين.

وفي السياق نفسه، وفي إطار الحوار القطاعي أشار لقجع إلى أن رئيس الحكومة أشرف يوم 14 يناير الماضي بالرباط، على توقيع محضر اتفاق بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، ويندرج هذا الاتفاق، يضيف الوزير، في إطار الإرادة القوية المتواصلة لدى الحكومة من أجل تكريس آلية الحوار الاجتماعي البناء واعتماد المقاربة التشاركية مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين، والتي سبق وأثمرت الاتفاق الموقع بتاريخ 20 أكتوبر 2022 والذي يتوج المخرجات الإيجابية للحوار الاجتماعي في قطاع التعليم العالي، والرامي إلى تعزيز آليات الحكامة على مستوى مؤسسات التعليم العالي، وتحفيز الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي وتثمين مجهوداتهم، وتفعيل مخطط تسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. وأشار لقجع كذلك إلى الاتفاق الموقع بتاريخ 24 فبراير 2002 بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وجميع النقابات الممثلة في القطاع، والذي من شأنه تحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية لموظفي قطاع الصحة

وعملا على تخفيف العبء الضريبي عن أصحاب الأجور والدخول المعتبرة في حكمها والمتقاعدين، وفي إطار تنزيل التزامات الحكومة المنبثقة عن الحوار الاجتماعي، والهادفة إلى تحسين القدرة الشرائية للأجراء والمتقاعدين تمت مراجعة النظام الجبائي المطبق عليهم برسم الضريبة على الدخل، من خلال رفع نسبة الخصم الجزافي للمصاريف المرتبطة بالوظيفة أو العمل من 20 إلى 35 في المائة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يقل أو يساوي دخلهم الإجمالي السنوي المفروضة عليه الضريبة 78 ألف درهم، غير أنه تحدد هذه النسبة الجزافية في 25 في المائة بالنسبة للأشخاص الذين يفوق دخلهم الإجمالي السنوي المفروضة عليه الضريبة 78 ألف درهم، مع رفع سقف الخصم من 30 ألف درهم إلى 35 ألف درهم، بالإضافة إلى رفع نسبة الخصم الجزافي المطبق على المعاشات والإيرادات العمرية من 60 إلى 70 في المائة من المبلغ الإجمالي الخاضع للضريبة الذي لا يتجاوز 168,000 درهم.

وتطرق لقجع إلى أهم الإجراءات التي تضمنها اتفاق الحوار الاجتماعي الموقع في أبريل 2022، بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، لفائدة أجراء القطاع الخاص بالزيادة في الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 10 في المائة على دفعتين (5 في المائة ابتداء من فاتح شتنبر 2022 و5 في المائة ابتداء من فاتح شتنبر 2023)، على أن تدخل الدفعة الأولى بالنسبة إلى القطاع السياحي حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2023، بالإضافة إلى التوحيد التدريجي للحد الأدنى للأجر بين قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة والقطاع الفلاحي في أفق سنة 2028، وذلك من خلال الرفع من الحد الأدنى للأجر في القطاع الفلاحي بنسبة 10 في المائة ابتداء من فاتح شتنبر 2022 و5 في المائة ابتداء من فاتح شتنبر 2023.

ومن بين الإجراءات كذلك، الزيادة في معاشات الشيخوخة بـ5 في المائة بأثر رجعي، ابتداء من يناير 2020، وتوسيع شرط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3240 يوما إلى 1320 يوما، وتم تفعيل هذه التدابير عقب موافقة المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بتاريخ 9 شتنبر 2022، مع تمكين المؤمن لهم البالغين السن القانونية للإحالة على التقاعد والمتوفرين على أقل من 1320 يوما من الاشتراك من استرجاع حصة الاشتراكات الأجرية واشتراكات المشغل.

وأكد الوزير أنه من شأن كافة مكونات الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، والذي تبلغ كلفته السنوية 51 مليار درهم في أفق سنة 2025، توطيد القدرة الشرائية للأسر المغربية، سيما عبر تخفيف تكاليف العلاج واقتناء الأدوية والاستشفاء، وتعميم التعويضات العائلية، وتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل.

وأبرز لقجع أنه مواصلة لهذه الجهود والتدابير، ستعمل الحكومة في إطار قانون المالية لسنة 2023 على الوفاء بالتزاماتها المتوافق بشأنها في إطار الحوار الاجتماعي وعلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة عبر دعم أسعار بعض المواد الأساسية، ومراقبة الأسعار والأسواق، والتصدي للمضاربات، وتأمين إمداد الأسواق بهذه المواد.

تقوية الاستثمار ومواجهة التضخم.. التحديات الاقتصادية الكبرى للحكومة في 2023

 

يشكل ارتفاع معدل التضخم في السنوات الأخيرة، بارتباط بالأزمة الصحية العالمية المتمثلة في انتشار وباء «كورونا»، والحرب الروسية الأوكرانية، وما خلفته من تأثيرات مباشرة على الأسواق العالمية وحالة «اللا استقرار» لتلك الأسواق، وتأثيرها على السوق الداخلية، أحد أهم التحديات الكبرى التي تواجه الحكومة. وقد أكد أخنوش خلال المناظرة الوطنية حول مناخ الأعمال، بالرباط، أن الحكومة قامت بالكثير من الأمور المهمة منذ بدايتها، ووضعت ميزانيات واضحة وأهدافا لتحقيقها في الخمس سنوات المقبلة، مضيفا أنها تركز الآن على طريقة تنفيذها وتتبع وتقييمها، مشددا على أنه ملتزم بالوقوف شخصيا رفقة الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، محسن الجزولي على تنفيذ ميثاق الاستثمار، وما جاء به من تغييرات لصالح المستثمرين ورجال الأعمال، وذلك لمساعدتهم على المضي قدما وبشكل أسرع في تنفيذ مشاريعهم.

وأضاف أخنوش أنه لاحظ خلال حضوره رفقة بعض الوزراء لمنتدى «دافوس»، الاهتمام المتزايد للمستثمرين الأجانب للاستثمار بالمغرب، مؤكدا أن هذه إشارة يجب التقاطها من أجل دعمهم ومساعدتهم على تنفيذ استثماراتهم للمساهمة في النمو الاقتصادي، خصوصا في هذه الأوقات الصعبة، مبرزا أن حكومته تعتزم مواصلة دعم القدرة الشرائية للأسر سنة 2023، مع تعبئة استثمارات عمومية بقيمة 300 مليار درهم، وذلك في أفق تحقيق الهدف المتمثل في 4 في المئة كنسبة نمو، مشيرا إلى أن الحكومة عبأت موارد مالية هامة، وعملت على تنفيذ العديد من الإجراءات طيلة سنة 2022، بهدف الحد من وقع التضخم على القدرة الشرائية للأسر، لا سيما من خلال الحفاظ على أسعار الكهرباء ودعم قطاع النقل، وكذا دعم استيراد القمح والغاز والسكر، مضيفا أن هذه الإجراءات مكنت من احتواء مستويات التضخم في المملكة، إذ لولا هذه التدابير التي عبأت أكثر من 40 مليار درهم من ميزانية الدولة، كانت ستعاني الأسر والمقاولات من مستويات أكبر للتضخم تتراوح بين 10 و11 في المئة، بدلاً من 6.6 في المئة التي تم تسجيلها سنة 2022.

وأوضح المتحدث، أنه بالموازاة مع ذلك، «اتخذت الحكومة قرارا شجاعا تمثل في الحفاظ على مستوى المجهود الاستثماري العمومي، حيث بلغت إصدارات الميزانية العامة للدولة نحو 94 مليار درهم سنة 2022، بزيادة قدرها 16 مليار درهم مقارنة بعام 2021، وبنسبة تنفيذ قياسية بلغت 85 في المائة، و هذا المجهود الميزانياتي ساهم في إنعاش الدورة الاقتصادية، كما يتضح ذلك من خلال تعزيز واردات السلع التجهيزية، التي ارتفعت بنسبة 20 في متم سنة 2022، وزيادة عائدات الاستثمار الأجنبي المباشر التي سجلت ارتفاعا بنسبة 21 في لتبلغ 38 مليار درهم».

وفي هذا السياق، أشار رئيس الحكومة، إلى أن الاقتصاد الوطني حقق نموا بنسبة 1.3 في المائة سنة 2022، وهي نسبة مستحسنة بالنظر إلى السياق الدولي الصعب وإلى صعوبة الظروف المناخية التي شهدتها السنة الفلاحية، موضحا أن خروج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي من المؤشرات الاقتصادية المهمة، حيث قال إن «بلادنا تخطت مرحلة تاريخية جديدة تمثلت في الخروج من مسلسل المراقبة المعززة لمجموعة العمل المالي (GAFI)، والذي قررته بالإجماع هذه المؤسسة الدولية في فبراير الماضي».

وحسب أخنوش، فهذا القرار يعكس وفاء المغرب التام بالتزاماته، وكذا فعالية وشفافية نموذجه في ما يتعلق بمكافحة غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب. وبذلك، صار المغرب يتمتع بموقع مميز من شأنه الرفع من جاذبيته الدولية كقطب استثماري واعد في إفريقيا، كما أن «هذا الإنجاز، الذي يؤشر اليوم على سلامة نظامنا المالي الوطني، يجعلنا نستشرف آفاقا مُمَيَّزَةً لتحسين ظروف التمويل الخارجي، حيث توفقت بلادنا في جذب المستثمرين الدوليين بكثافة، أثناء طرحها بداية شهر مارس لخطة استدانتها الخارجية»، مشددا على أن «خارطة الطريق هاته، المعتمدة من قبل اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، تشكل نقطة تحول حاسمة في إدارة عمل هذه اللجنة منذ إحداثها سنة 2010. وتستند إلى مقاربة رائدة وبرمجة متعددة السنوات، كما تستند على 3 رافعات أساسية تضم 13 مشروعا هيكليا، بالإضافة إلى ركيزة رابعة أفقية».

في سياق متصل، أكد رئيس الحكومة، أنه «استجابة لانتظارات الفاعلين الاقتصاديين، شرعت الحكومة في إعداد خارطة طريق استراتيجية جديدة لتحسين بيئة الأعمال في أفق سنة 202»، وتتماشى خارطة الطريق هذه، يضيف أخنوش، «مع التوجيهات الملكية السامية، والخلاصات الأساسية للنموذج التنموي الجديد، والالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي، وكذا مقترحات الكتاب الأبيض للاتحاد العام لمقاولات المغرب. وهي نتيجة حوار وثيق مع القطاع الخاص من أجل تحديد اهتماماته وأولوياته الاستراتيجية».

ثلاثة أسئلة

 

نجيب الصومعي*: «الحكومة تواجه صعوبات اقتصادية مرتبطة بسياق عالمي»

 

ما الصعوبات المالية والاقتصادية التي تواجه الحكومة في الظرفية الحالية؟

أولا يجب أن نذكر بأن الاقتصاد، على المستوى العالمي، يواجه تحديات كبرى، وهي تلك التي ترتبط بشكل عام بتبعات مستمرة لسنوات جائحة «كوفيد 19»، على مستوى سلاسل الإنتاج وأيضا القدرات الإنتاجية، وبشكل أعم تدبير الأسواق، هذا في البعد الأول، أما البعد الثاني فمرتبط بالسياق العالمي المتأثر بشكل كبير بتبعات الحرب الروسية- الأوكرانية، والتي أثرت بشكل مباشر على الهيكلة الاقتصادية العالمية. فعند الحديث عن الاقتصاد العالمي، فالمغرب، بالضرورة، وهو المنفتح بنسبة تفوق 80 في المئة على بقية العالم، يتأثر من ناحية سلاسل الإمداد وأيضا من ناحية سلاسل القيمة الوطنية المرتبطة بالتموين وبالإنتاج الصناعي وبالتسويق أيضا. هذه الأمور جعلت الانعكاسات الكبرى لهذه الأزمات التي يعيشها العالم، إلى جانب الرفع من الفائدة في العديد من الدول، على رأسها الولايات المتحدة التي جعلت الوضعية الاقتصادية العالمية تتسم بعدم الاستقرار، على مستوى الأسواق التي تعرف تحولات كبرى جعلت التحكم فيها والتحكم أيضا في الإمداد منها، أمرا صعبا على مجموعة من الدول، وكذلك الصعوبات التي باتت تعترض آليات التمويل العالمية، خصوصا على مستوى أسعار الفائدة العالمية التي تعرف ارتفاعا، وأيضا الولوج للعملة الصعبة في هذا السياق.

 

ما الأبعاد الاقتصادية التي تشكل تحديا بالنسبة للحكومة؟

ما يجب التأكيد عليه أن المغرب، ونظرا لطبيعة الاقتصاد المنفتح وأيضا طبيعة العلاقات الاقتصادية مع الشركاء الدوليين، لا بد سيتأثر اقتصاديا، وهذا التأثر سيظهر من خلال ثلاثة أبعاد مباشرة، أولها مرتبط بتدبير التضخم، وكانت هناك إشارة، قبل أيام، من بنك المغرب الذي رفع من سعر الفائدة إلى 3 في المائة تفاعلا مع حالة التضخم التي تعرفها البلاد، وبالإضافة إلى هذا، فالحكومة مطالبة بمواجهة تحديات مرتبطة بالأسواق. ففي الجانب الاقتصادي، ليست الوضعية الدولية فقط هي التي تؤثر في السوق بشكل عام وحالة التضخم، بل أيضا بعض الفاعلين في السوق من المضاربين ومحتكري السلع، وهذا الأمر يتجلى، مثلا، في كثرة المتدخلين في الأسواق والسلع التي قد يتضاعف ثمنها لأكثر من عشر مرات بالمقارنة مع ثمن الإنتاج. هذا الأمر خطير، في تقديري، ويشكل تحديا يواجه الحكومة ويجب أن تقف في وجهه بقوة وتشتغل عليه، خاصة، حسب بنك المغرب، وأن هناك توجها في 2024 من أجل إعادة النظر في منظومة المقاصة، وهذا الأمر سيكون مؤثرا على مستوى الاستقرار الاجتماعي.

أما البعد الثاني فهو وجوب عمل الحكومة على تحقيق الانتعاشة الاقتصادية بعد التراجع الاقتصادي في 2022، وحالة الركود الاقتصادي الذي تراجع فيها الاقتصاد المغربي. وعلى امتداد ثلاثة فصول من سنة 2022 جرى الحديث عن المستويات الجيدة التي كانت في سنة 2021، والتي وصلت إلى معدل 8 في المئة من النمو، وبالتالي فهذا البعد المرتبط بتسريع النمو في المغرب هو من التحديات الكبرى لأن مواجهة التضخم تتطلب نسبة نمو مرتفعة تمكننا من الاستقرار الاقتصادي وتجنبنا من الركود التضخمي الذي يؤثر على الاقتصاد بشكل كبير، والحكومة، اليوم، مدعوة لتسريع الخطة التي أطلقها جلالة الملك، بالإضافة إلى تفعيل ميثاق الاستثمار لمواجهة التضخم بآليات قادرة على تحقيق نتائج إيجابية بغية بلوغ مستوى 4.5 في المئة من النمو الاقتصادي هذه السنة، والاستفادة من المحصول الزراعي الذي سيكون في مستوى مهم هذه السنة.

أما التحدي الثالث فهو تقوية التموقع المغربي في السلاسل التجارية الدولية، حيث إن هناك محددا أساسيا ومشروعا استراتيجيا هو منطقة التبادل الحر القارية، وهذا أمر استراتيجي بالنسبة للمغرب، وهو تحد بالنسبة للحكومة، من خلال تقوية التنافسية التجارية والمقاولاتية المغربية، مؤسساتيا وقانونيا، وأيضا على جانب الدعم حتى نتمكن من بلوغ مستويات أخرى. هذه هي التحديات الرئيسية التي تواجه الحكومة بشكل مباشر، دون الحديث عن تحدي ضرورة التعافي الاقتصادي وتراجع البطالة بمستويات مهمة وتحقيق مسارات الانتعاشة الاقتصادية، زيادة على تحدي تقوية الحكامة المالية والسيادة النقدية في تدبير أكثر ذكاء للمديونية الوطنية، بالإضافة إلى تقليص معدل البطالة والوصول إلى المعدل السابق في 2019 على الأقل. وأشارت الحكومة إلى هذا في برنامجها الانتخابي، وهي مطالبة بتسريع هذه المسارات. هنا وجب الوقوف على المؤشر الإيجابي المتمثل في خروج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل الدولية، وهذا الأمر سيمكننا من تطوير المؤشر الائتماني الوطني، وبالتالي الولوج إلى الأسواق النقدية والوصول بشكل ميسر إلى هذه الأسواق.

أما البعد الثالث فهو على مستوى تطوير الصورة الاقتصادية الإيجابية، خاصة أن سنوات 2023، 2024 و2025 ستعرف تحولات مهمة على الجانب المتعلق بالأسواق المالية، وخاصة على الجانب المرتبط بحركة الرساميل العالمية، ما يستوجب الاشتغال بشكل كبير من أجل تطوير الاقتصاد وولوج الأسواق الجديدة، خاصة أن دول الخليج ودولا إفريقية وضعت خططا لمواجهة المغرب في هذا السياق.

 

ماذا بخصوص تأثير القرار الأخير بخروج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولية؟

أولا يجب توضيح أن خروج المغرب من اللائحة الرمادية اعتراف رسمي من مجموعة العمل المالية بأن بلادنا تحترم المعايير الدولية ذات الصلة الخاصة بمكافحة الإرهاب ومحاربة غسيل الأموال، وهذا أمر مهم جدا سيكون له تأثير مباشر على أمرين أساسيين، منهما تقوية جاذبية المغرب للاستثمار، خاصة أن بعض الصناديق السيادية والمؤسسات المالية الدولية تشترط أن لا تكون الدولة في هذه اللائحة الرمادية من أجل تمويلها، زيادة على تقوية التصنيف الائتماني الوطني، والذي يعتبر أهم منظومة تصنيف ائتماني على المستوى القاري، حيث يحظى بدرجة الاستثمار، ما سيمكن التوجه للأسواق بسلاسة والحصول على أسعار فائدة معقولة جدا، ما يجعلنا تحت السند السيادي، بالإضافة إلى كون القطاع البنكي المغربي سيكون محترما لمعايير دولية صارمة، وهو الأمر الذي سيجعل مجموعة من المقاولات ستثق في المؤسسات المالية المغربية وأيضا في الوجهة الاستثمارية المغربية وشركائها، على اعتبار أن الأبناك المغربية حاضرة في عدد من الوجهات العالمية، وهذا ما سيقوي مكانة المغرب كممول قاري، وهو ما سيكون له تأثير على مسار ميثاق الاستثمار، زيادة على كون المغرب سيصبح أولوية استثمارية في القارة الإفريقية بالمقارنة مع باقي البلدان الإفريقية القليلة جدا التي تحترم هذه المعايير، كما هو الشأن بالنسبة لجنوب إفريقيا التي أدرجت في اللائحة الرمادية، وهو الأمر الذي سيجعل رؤوس أموال كان من الممكن أن تتجه لجنوب إفريقيا ستختار المغرب.

*خبير اقتصادي ومحلل مالي

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى