تحقيق لوزارة الصناعة والتجارة أثبت وجود إغراق للأسواق المغربية
محمد اليوبي
بعد فرض رسوم مضادة للإغراق على منتوجات النسيج ذات المنشأ التركي، فرضت الحكومة رسما نهائيا مضادا للإغراق على واردات الخشب المتعاكس اللاطي ذات منشأ جمهورية مصر العربية، يقدر ب 28,13 بالمئة تنضاف إلى رسم الاستيراد على هذه الواردات، إلى غاية 21 دجنبر 2025، وذلك بموجب قرار مشترك وقعه وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، ووزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح.
وجاء القرار على إثر تحقيق فتحته مصالح وزارة التجارة والصناعة، بناء على شكاية تقدمت بها شركة «سيما بوا الأطلس»، حيث قامت الوزارة بدراسة دقيقة لكافة المعلومات والبيانات المتوفرة، وخلصت إلى وجود إغراق من واردات الخشب المتعاكس اللاطي ذات منشأ جمهورية مصر العربية وإلحاق ضرر بقطاع الإنتاج الوطني، حيث توصلت الوزارة إلى أن التزايد المهم في حجم الواردات المغرقة من الخشب المصري، وكذا ارتفاع حصتها السوقية بالإضافة إلى أهمية التخفيض السعري بفعل تزامنها مع ما عرفه قطاع الإنتاج الوطني من ضرر تجسد في تراجع وانكماش حصته السوقية بشكل غير عادي وانخفاض مهم لمبيعاته وتدهور عام لوضعيته التجارية والمالية.
ويتم التحقق من وجود مخطط الإغراق عن طريق مقارنة أسعار نفس المنتوج في أسواق البلدين المصدر والمستورد، وهناك ثلاثة شروط يجب أن تتحقق للتأكد من أن هنالك إغراقا يحدث لأحد الأسواق من قِبَل دولة ما مصدرة، وإذا سقط أحد تلك الشروط فلا يمكن التأكد من وقوع الإغراق، وتلك الشروط هي أن يتم التأكد من وجود منتجات بكميات هائلة في الأسواق مستوردة من دول أخرى بأسعار أقل من أسواق الدول المصدرة، وأن يتم التأكد من حدوث أضرار مادية بالصناعة المحلية التي تصنع نفس المنتوج الذي أغرق السوق المحلي، وأن تكون هنالك علاقة وثيقة من حدوث الضرر على المنتج المحلي وبين عملية إغراق السوق بمنتجات أخرى رخيصة.
وهناك عدة طرق يتم من خلالها كشف استعمال دولة للإغراق التجاري في أسواق دولة أخرى، ويتم التحقق من ذلك إذا كان سعر تصدير المنتج أقل من قيمته العادية، ويكون الفرق بينهما هو هامش الإغراق، وحينها يمكن معرفة القيمة العادية للمنتج بكل بساطة عن طريق اللجوء لمعرفة سعره في الأسواق التجارية العادية الأخرى عندما يخصص للاستهلاك في سوق البلد المصدر للمنتج، وفي حالة ثبوت ضلوع إحدى الدول في عملية الإغراق فإنه في تلك الحالة يجب اتخاذ قرارات صارمة لمنع ذلك، وتتم المواجهة بأن يتم فرض رسوم معينة من أجل مكافحة الإغراق، وهذه الرسوم يتم فرضها على المنتجات المستوردة بحيث تقلل من هامش الإغراق، ورسوم مكافحة الإغراق تلك عادة ما يتم تطبيقها لمدة خمس سنوات.
وتسمح اتفاقية منظمة التجارة العالمية للحكومات باتخاذ الإجراءات المضادة للإغراق، عندما يثبت حدوث ضرر «مادي» قد لحق بالصناعة المحلية المتنافسة، ولكي يتم ذلك فإنه يجب على الحكومة أن تكون قادرة على إثبات أن هناك إغراقا حدث وحساب مدى هذا الإغراق (كم مقدار الانخفاض الذي حدث في سعر المنتج المستورد بالمقارنة مع سعر السوق المحلية لمصدر المنتوج)، وإثبات أن الإغراق تسبب في حدوث ضرر مادي للمقاولات الوطنية التي تنتج نفس المنتوج، وأن هناك علاقة سببية بين ارتفاع الواردات وتعرض المقاولات المنتجة للأضرار نتيجة ذلك.
وبدوره وضع المغرب ترسانة قانونية لحماية الاقتصاد الوطني من الإغراق والمنافسة غير الشريفة، من خلال القانون رقم 15.09 المتعلق بتدابير الحماية التجارية وكذا مرسومه التطبيقي رقم 645-12-2 وهو النص القانوني الذي عملت وزارة التجارة والصناعة على إخراجه للوجود ما بين 2012 و2013، ويعتبر بمثابة صمام أمان لمواجهة وبكل ثقة تحديات التبادل الحر، بحيث يضع نظاما فعالا للحماية التجارية دون المس بالتزامات المغرب الدولية.
وجاء هذا القانون لإرساء مقتضيات تتوخى تصحيح أو إزالة الاختلالات الناجمة عن بعض ممارسات المنافسة غير المشروعة عند الاستيراد، ولوضع الآليات التي يمكن وفقها اتخاذ تدابير الحماية التجارية، وذلك في إطار احترام التزامات المغرب الدولية، وتتمثل هذه الآليات في اتخاذ تدابير مضادة للإغراق، تطبق بعد إجراء تحقيق على الواردات التي يتم استيرادها بأثمنة منخفضة بكيفية غير عادية، وكذلك تدابير تعويضية، تطبق بعد إجراء تحقيق على الواردات التي تستفيد من دعم سلطات البلد المصدر، وتدابير وقائية وتطبق على الواردات بعد إجراء تحقيق يثبت وجود تزايد مكثف للواردات يلحق أو يهدد بإلحاق ضرر جسيم لقطاع إنتاج وطني، كما أن جميع اتفاقيات التبادل الحر التي أبرمها المغرب تنص من الناحية القانونية على إمكانية تطبيق هذه الآليات في حالة وجود واردات موضوع إغراق أو دعم أو تتم بشكل مكثف.
وتوصلت وزارة التجارة والصناعة، خلال السنوات الأخيرة، بالعديد من الشكايات من قطاعات إنتاجية وطنية مختلفة تطالب من خلالها بتطبيق تدابير الحماية التجارية على بعض الواردات، وتماشيا مع مقتضيات القانون رقم 09-15 السالف الذكر، تمت دراسة هذه الشكايات وفتحت تحقيقات حولها وطبقت عليها التدابير الملائمة.