الحكومة تعلن التعجيل لإصلاح أنظمة التقاعد و اقتطاعات جديدة تنتظر الموظفين
محمد اليوبي
كشفت المعطيات والأرقام المقدمة خلال أشغال المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، المنعقد أول أمس الأربعاء، أن نظام تقاعد الموظفين مازال يعاني من أزمة مالية خانقة، رغم الإصلاحات التي باشرتها الحكومة السابقة، من خلال الرفع من نسبة الاقتطاعات من أجور الموظفين والزيادة في سن الحصول على التقاعد.
وشدد محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، على أهمية إيجاد الحلول الناجعة لضمان ديمومة الأنظمة التي يسيرها الصندوق على المدى البعيد، مذكرا بالآثار الإيجابية للإصلاح المعلوماتي لنظام المعاشات المدنية الذي تم اعتماده في غشت 2016، غير أنه أكد، في الوقت ذاته، على أن هذه الإجراءات تظل غير كافية لحل إشكالية العجز الذي يشكو منه هذا النظام، ما يستدعي التعجيل بمباشرة المرحلة الثانية من إصلاح أنظمة التقاعد الوطنية. وفي هذا الصدد، كشف الوزير عن عزم الحكومة مواصلة هذا الورش في أفق بلورة منظومة للتقاعد على الصعيد الوطني بقطبيها العام والخاص.
وأشار الوزير، في كلمة خلال افتتاح أشغال اجتماع مجلس إدارة الصندوق المغربي للتقاعد، إلى أن عقد البرنامج الجديد المزمع إبرامه بين الدولة والصندوق للفترة 2018- 2020 سيتم التوقيع عليه قريبا، مؤكدا على ضرورة بذل الجهود اللازمة لإنجاح كل الأوراش المدرجة في هذا العقد، وعلى دعم الوزارة الوصية وسهرها على توفير الظروف الملائمة لإنجاحه.
وقال بوسعيد إن الإصلاحات المعلوماتية لنظام المعاشات المدنية كان له أثر إيجابي على موارد الصندوق المغربي للتقاعد، والتي تحسنت بما يزيد عن 2,3 مليار درهم، مؤكدا أن هذه الإصلاحات مكنت، أيضا، من تقليص العجز المالي لنظام المعاشات المدنية بما يناهز 4,6 مليارات درهم ليستقر في حدود 1,79 مليار درهم، والذي تم تمويله من الاحتياطات المالية للنظام، مضيفا أن هذه الإجراءات تظل «غير كافية»، وأنه «يظل من الضروري، لضمان ديمومة نظام المعاشات المدنية على المدى البعيد، التعجيل في مباشرة المرحلة الثانية من إصلاح أنظمة التقاعد الوطنية».
وأكد الوزير، في هذا السياق، أن «مصالح وزارة الاقتصاد والمالية تعمل حاليا على إتمام صياغة دفتر التحملات المتعلق بدراسة تفعيل توصيات اللجنة الوطنية حول الإصلاح الشمولي بهدف أجرأة منظومة التقاعد بقطبيها العام والخاص»، مذكرا بأن سنة 2017 تميزت باستمرار تنزيل مضامين الإصلاح المعلوماتي لنظام المعاشات المدنية، حيث تم الرفع من الحد الأدنى للمعاش ليصل إلى 1350 درهما مع الزيادة في نسبة الاقتطاعات بنقطتين إلى 24 في المائة، وتمديد الإحالة على التقاعد بستة أشهر واحتساب معاشات المتقاعدين الجدد على أساس متوسط الأجر للسنتين الأخيرتين من العمل، مع احتساب معاش التقاعد على أساس 2 في المائة بالنسبة لمدة الخدمة المنجزة بعد فاتح يناير 2017. وفي ما يتعلق بنظام المعاشات العسكرية، سجل الوزير تفاقم عجز هذا النظام، ما يستدعي استشفاف كل السبل الكفيلة بتحسين توازنه المالي.
من جهته، أشار لطفي بوجندار، مدير الصندوق المغربي للتقاعد، لدى تقديمه أهم مؤشرات الصندوق برسم سنة 2017، إلى أنه موازاة مع التحسن الملموس الذي عرفته موارد الصندوق (زائد 2,3 مليار درهم)، فإن النفقات سجلت زيادة بوتيرة أعلى بلغت 3,7 مليارات درهم لتستقر في حدود 33,7 مليار درهم، موضحا أن هذا الارتفاع يعزى إلى التكاليف الناجمة عن تصفية ملفات معاشات المتقاعدين الجدد (48 ألفا و236) إضافة إلى مراجعة أزيد من 69 ألفا و338 معاشا.
وأبرز بوجندار أن عدد المنخرطين النشيطين في نظامي المعاشات المدنية والعسكرية بلغ ما يناهز 967 ألفا و358 منخرطا، بتطور طفيف ظل في حدود 0,56 في المائة مقارنة مع سنة 2016. مقابل ذلك، يضيف بوجندار، تزايد عدد المتقاعدين بوتيرة أسرع ليصل إلى 358 ألفا و438 متقاعدا بالنسبة لنظام المعاشات المدنية، بمعدل ارتفاع بلغ 6,9 في المائة وإلى 258 ألفا و341 متقاعدا بالنسبة لنظام المعاشات العسكرية، بمعدل 4,4 في المائة.
يذكر أنه سبق لرئيس المجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، أن كشف معطيات خطيرة تتعلق بإفلاس الصندوق المغربي للتقاعد في أفق سنة 2028، رغم الإصلاحات المقترحة من طرف الحكومة. وأكد تقرير للمجلس أن هذه الإصلاحات لا يمكن أن تشكل سوى مرحلة أولية في إطار إصلاح شمولي لمنظومة التقاعد، كما أن هذه الإصلاحات المدرجة، وإن كانت ضرورية، تبقى غير كافية، لأن الإصلاح المقياسي المقترح لا يشمل مجموع أنظمة التقاعد، بل يقتصر على الشق المدني للصندوق المغربي للتقاعد، ولن يمكن سوى من تقليص العجز الحالي، إذ ستظل المساهمات غير كافية لتغطية الالتزامات وسداد رواتب التقاعد، وسيظل العجز قائما، بل سيأخذ منحى تصاعديا خلال السنوات المقبلة.