نافذة:
كانت وزارة المالية تمارس رقابة مالية على الأكاديميات بصفتها مؤسسات عمومية وتدرج رواتب الأساتذة ضمن سطر ميزانياتي يهم اقتناء المعدات
بعد سبع سنوات، كانت تُصرف فيها رواتب «المتعاقدين» من سطر «المعدات» في الميزانيات السنوية للأكاديميات، قررت الوزارة الوصية، ومن خلفها الحكومة، تسوية الوضعية الإدارية لأكثر من 100 ألف أستاذ/ة وملحق/ة، لتصبح رواتبهم رسمية لدى وزارة المالية، بعد سبع سنوات كانت هذه الرواتب مُدرجة ضمن السطر الميزانياتي الذي تقتني به الأكاديميات المعدات والأدوات التي تدبر بها مختلف المرافق المنضوية تحت سلطتها. هذه الخطوة، التي لطالما طالب بها كثيرون، جاءت استعدادا لإصدار النظام الأساسي الجديد الذي يتخذ من «توحيد كافة الأطر» شعارا رئيسيا له.
أطر لا معدات
أقدمت الحكومة على إصدار مرسوم جديد بمثابة تعديل للمرسوم المحدث للأكاديميات الجهوية، والمعروف برقم «007». المرسوم الجديد يتضمن مادتين، الأولى منهما رئيسية، تُعدّل المادة 11 من نظام الأكاديميات، وفيها «تتكون الموارد البشرية الخاصة بالأكاديميات من أطر نظامية يسري عليها النظام الأساسي المطبق على موظفي قطاع التربية الوطنية»، أي بخلاف ما كان معمولا به طيلة سبع سنوات، عندما كانت وزارة المالية تمارس رقابة مالية وإدارية على الأكاديميات بصفتها مؤسسات عمومية، وتدرج رواتب الأساتذة، الذين تم توظيفهم ابتداء من 2016 إلى اليوم، ضمن سطر ميزانياتي يهم اقتناء المعدات التي تتطلبها عملية تسيير مختلف المرافق المنضوية تحت سلطة الأكاديميات.
المرسوم الجديد حمل جديدا ستكون له تبعات نقابية مستقبلا، وهو اعتبار «المتعاقدين» بمثابة «أطر يتم توظيفها وفق الأنشطة المطبقة على الهيئات المشتركة بين الوزارات»، وهذه الهيئات مؤطرة بظهير شريف يعود لسنة 1958، ينص على أنه «يمكن إعادة تعيين الأطر المشتركة من إدارة عمومية إلى أخرى أو جماعة محلية، وذلك في إطار برنامج إعادة انتشار الموظفين الذي تعده الإدارة في هذا الشأن»، وأيضا «أن تدبير وتعيين الأطر المشتركة تتم بنفس الكيفية التي يتم بموجبها تعيين باقي الأطر». وما يمكن أن يثير جدلا نقابيا مستقبلا هو مسألة إعادة الانتشار، التي لم يصدر إلى اليوم نص قانوني ينظمها. والسؤال الذي يطرحه الجميع هو هل سيتضمن النظام الأساسي المقبل باقي موظفي الوزارة، وخصوصا الذين يعملون ضمن نظام 2003، مسألة إعادة الانتشار.
المرسوم نفسه حسم في السلطة للأكاديميات على كل ما يتعلق بتسيير أطر الأكاديميات، بحيث تم استثناؤها من مراقبة «مراقب الدولة». وجاء في المرسوم الجديد باستثناء أطر الأكاديميات من فقرة ترد في المادة 9 من القانون 69.00، والتي تقول «يجوز له الحصول (مراقب الدولة) تحت إشراف الوزير المكلف بالمالية على جميع المعلومات المفيدة لمزاولة مهمته لدى الأغيار الذين أنجزوا عمليات مع الهيئة». وهو ما يعني أن المرسوم الجديد يمنح سلطة كاملة، إدارية ومالية وتربوية، على هذه الأطر.
استعدادا للنظام الأساسي المرتقب
هذا المرسوم، الذي وضع حدا لإشكالية تدبيرية كبيرة في الوضعية الإدارية والمالية لأطر الأكاديميات، يعني الاعتراف القانوني بالطبيعة النظامية للوظيفة التي يشغلها «المتعاقدون». وهو الأمر نفسه الذي أكده وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، خلال اجتماع عقدته لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، بأن «مشروع المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الجديد والموحد سيخضع لمقتضياته، بالإضافة إلى موظفي الوزارة السارية عليهم مقتضيات المرسوم رقم 2.02.854 الصادر في 10 فبراير 2003 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية، الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، التي يطبق عليها حاليا اثنا عشر نظاما أساسيا خاصا متخذا طبقا للمادة 7 من القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى».
الصبغة الاستعجالية لمشروع المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي سيعمل به ابتداء من فاتح شتنبر 2023، كان من الضروري، حسب بنموسى، أن تبادر الوزارة إلى مراجعة الأحكام المتعلقة بالموارد البشرية المنصوص عليها في القانون الحالي للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بشكل يسمح بخضوع الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين للنظام الأساسي الجديد.
المرسوم الجديد، الذي تمت المصادقة عليه خلال هذا الاجتماع، يأتي تطبيقا لمخرجات الاتفاق الموقع شهر يناير الماضي بين الوزارة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، وينص، كما تمت الإشارة، على أن الموارد البشرية الخاصة بالأكاديمية تتألف «من أطر نظامية يسري عليها»، خلافا لأحكام المادة 7 من القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، النظام الأساسي المطبق على موظفي قطاع التربية الوطنية، وأطر يتم توظيفها وفق الأنظمة المطبقة على الهيئات المشتركة بين الوزارات، وموظفين في وضعية إلحاق».
وجدد بنموسى، في هذا السياق، التأكيد على التزام الوزارة «بإخراج النظام الأساسي الجديد لموظفي التربية الوطنية داخل الآجال المحددة لذلك»، مبرزا أن هذا النظام «سيكون له الأثر الإيجابي على مختلف مكونات الموارد البشرية التي تعتبر محور عملية تنزيل أوراش الإصلاح»؛ وذكر بأن مشروع النظام الأساسي الجديد تم إعداده تفعيلا للتوجهات الواردة في النموذج التنموي الجديد للمملكة، «الذي دعا إلى نهضة تربوية حقيقية لتحسين جـودة التعليـم بشكل جوهري وإعادة وضع المدرسة العمومية في صلب المشروع المجتمعي للمغرب».