محمد اليوبي
بعد تسجيل ارتفاع كبير في عدد الجرائم المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، خلال السنوات الأخيرة، صادق مجلس الحكومة، الذي انعقد، أول أمس الاثنين بالرباط، برئاسة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، على مشروع مرسوم قدمه وزير العدل، محمد بنعبد القادر، يتعلق بتحديد دوائر نفوذ المحاكم المختصة في جرائم غسل الأموال، وينص على إحداث ثلاث محاكم جديدة إلى جانب محكمة الرباط، التي كان لها الاختصاص الحصري في معالجة هذه الجرائم.
وأوضح بلاغ صدر عقب المجلس الذي انعقد عبر تقنية التناظر المرئي، أن مشروع هذا المرسوم المتعلق بتحديد دوائر نفوذ المحاكم المختصة في جرائم غسل الأموال، يأتي في إطار تنزيل مقتضيات المادة 38 من القانون 12.18 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي عممت الاختصاص القضائي في جرائم غسل الاموال على محاكم الدار البيضاء وفاس ومراكش إلى جانب محكمة الرباط.
وأضاف البلاغ أن ذلك يروم تخفيف الضغط على محاكم الرباط التي كان لها الاختصاص الوطني، بالإضافة كذلك لتحسين وتيرة البت في الملفات، وتحقيق النجاعة القضائية في معالجة القضايا المتعلقة بغسل الأموال، ومسايرة الجهود المبذولة في مجال تقوية آليات البحث والتحري في هذا النوع من الجرائم خاصة على مستوى إحداث أربع فرق جهوية للشرطة القضائية متخصصة في الجرائم المالية والاقتصادية بكل من مدن الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش.
وعلاقة بالموضوع، صادق مجلس الحكومة، على مشروع مرسوم يتعلق بتنظيم الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المثارة بشأنه، ويهدف المشروع إلى إحداث هيئة وطنية ستعوض وحدة معالجة المعلومات المالية، التي تتولى رصد جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتلقي التصريحات بالاشتباه وإحالتها على المحاكم المختصة، وذكر بلاغ صدر عقب انعقاد المجلس أنه طبقا لمقتضيات المادة 14 من القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم 12.18 ؛ التي تنص بإحداث “الهيئة الوطنية للمعلومات المالية” لدى رئاسة الحكومة، يأتي إحداث هذه الهيئة استجابة للتوصيات المضمنة في تقرير التقييم المتبادل للمنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال والإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما الصادر عن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي تدعو إلى تأهيل وحدة معالجة المعلومات المالية وتعزيز قدرتها وتزويدها بالموارد البشرية والمالية اللازمة، وهو ما جاء به مشروع هذا المرسوم المتعلق بتنظيم الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، المتضمن لاختصاصات هذه الهيئة ومهام وصلاحيات رئيسها ومدة ولايته، بالإضافة إلى تحديد مهام مجلس الهيئة وكذا تحديد كيفيات تدبيرها ماليا وإداريا.
هذا، وأفاد التقرير السنوي لوحدة معالجة المعلومات المالية، أن الوحدة تلقت خلال السنة الماضية، ما مجموعه 1737 تصريحا بالاشتباه تتعلق بحالات مرتبطة بجريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأحالت الوحدة 29 ملفا على أنظار النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية بالرباط.
وأكد التقرير، أن عدد التصريحات بالاشتباه في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ارتفع سنة 2019 بنسبة ٪60 مقارنة مع سنة 2018، وأوضح التقرير أن عدد التصريحات تميز بالحفاظ على منحى تصاعدي شبه ثابت أو مستقر، خاصة منذ سنة 2016، ويرجع هذا التطور، حسب التقرير، إلى حملات التوعية، لفائدة الأشخاص الخاضعين، التي تم القيام بها من خلال أوراش العمل التدريبية والمؤتمرات التي تنظمها الوحدة وسلطات الإشراف والمراقبة الشريكة، وكذا الاجتماعات الثنائية.
وأشار التقرير إلى أن الوحدة تلقت خلال سنة 2019 ما مجموعه 1674 تصريحا مرتبطا بغسل الأموال و63 تصريحا يتعلق بتمويل الإرهاب، مما يرفع إجمالي عدد التصريحات المستلمة منذ عام 2009 تاريخ إحداث الوحدة، إلى 5004 تصريح مرتبط بغسل الأموال و165 تصريحا متعلقا بتمويل الإرهاب، وأبرز التقرير أن الوحدة عقدت في شهر دجنبر 2018 اجتماًعا مع مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها بتعاون مع سلطة الإشراف والمراقبة، وخلال هذا الاجتماع، استعرض رئيس الوحدة مؤشرات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما أسفر عن ارتفاع كبير في عدد التصريحات بالاشتباه.
وذكر التقرير، أنه بناء على تحليل المعلومات التي تتوصل بها الوحدة والتي تم إثراؤها بمعلومات إضافية مرسلة من طرف الأشخاص الخاضعين والشركاء الوطنيين والدوليين، تقوم الوحدة بإحالة الملف على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط عندما يتعلق الأمر بوقائع يشتبه في ارتباطها بغسل الأموال أو الجرائم الأصلية، وعلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط عندما يتعلق الأمر بوقائع يشتبه بارتباطها بتمويل الإرهاب، وفي هذا الإطار، وجهت الوحدة، منذ إحداثها وإلى نهاية سنة 2019، ما مجموعه 136 مذكرة إحالة على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، وعلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، وقد بلغ عدد المذكرات المحالة سنة 2019 ما مجموعه 29 مذكرة، مقابل 15 مذكرة إحالة سنة 2018.