الحكومة تتحرك تجاه الوزرة البيضاء
أخيرا تم تحقيق جزء من الإنصاف للهيئة الصحية، حيث ظل الآلاف من الأطباء والممرضين لأكثر من عقد ونصف العقد، ينتظرون إنصافهم من قبل العديد من الحكومات والاعتراف بمطالبهم في رفع الأجور، رغم العديد من المعارك النضالية العابرة للحكومات.
واليوم يمكن الحديث عن نوع من الاعتراف في ظل الممكن، من خلال الاتفاق الذي تم توقيعه، بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية في قطاع الصحة، دون أن يحظى بالتسويق السياسي المناسب. فأن تخصص الحكومة في قلب الأزمة الاجتماعية غلافا ماليا يفوق 200 مليار سنتيم على مدى سنتين، لرفع الرقم الاستدلالي للطبيب والممرض، فهذا في حد ذاته إنجاز، فمن باب المواطنة الحقة أن نوجه النقد البناء إزاء نواقص الحكومة، مقابل تثمين كل خطواتها وقراراتها التي تصب في تحسين وضعية العاملين بالقطاع العام والخاص.
فلم يكن معقولا ولا مستساغا أن يتقاضى حوالي 5000 طبيب في أعالي الجبال والمداشر والقرى 8000 درهم، بعد سبع سنوات من التكوين العلمي الشاق، فيما يحصل البعض في وظائف ثانوية على أضعاف ذلك، ويكفي أن ينظر المرء إلى السلالم الإدارية لموظفي الأمانة العامة للحكومة، ورجال السلطة، والقضاء وكتاب الضبط، والبرلمان والمالية، ليقف عند فوارق مرعبة بين ما يحصل عليه الطبيب الدكتور، وما يخصص لموظفين عاديين بالإدارات والمؤسسات العمومية.
لذلك كان لزاما على الحكومة أن تتحرك لتحسين وضعية الأطباء، قبل ارتفاع وتيرة نزيف هجرتهم، من خلال تغيير الشبكة الاستدلالية للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان، وبدايتها بالرقم الاستدلالي 509 بكامل تعويضاته، في معادلة مع الأستاذ الجامعي، وضمان استفادة الممرضين من الترقية في الرتبة والدرجة؛ والرفع من قيمة التعويض عن الأخطار المهنية، لفائدة الأطر الإدارية وتقنيي الصحة.
طبعا ما قامت به الحكومة ليس إنهاء شاملا لملف الشغيلة الصحية، التي عانت الأمرين طيلة جائحة «كوفيد- 19»، حيث وقفت الأطقم الطبية في الصفوف الأولى لمواجهة الفيروس التاجي بكل متحوراته، بالرغم من الإمكانات الضعيفة وبعض الحقوق المهدورة، لكن القرار الحكومي من شأنه أن يشكل فرصة حقيقية لإصلاح جذري، لضمان الانخراط التام والشامل لكل مهنيي قطاع الصحة في الورش الملكي الكبير، المتعلق بالتغطية الصحية الشاملة.