الحفيظ الله
حسن البصري
كلما رمى الإعلامي الجزائري حفيظ دراجي شظايا قنابله صوب المغرب، إلا وازداد خجل زملائنا الصحافيين المغاربة الذين كانوا رعاته الرسميين خلال زيارته السياحية إلى المغرب. كلما وجه الواصف الرياضي بقنوات «بي إن سبورت» سهامه وجهة المغرب وقيادته الكروية، إلا وضرب مستشهروه المغاربة كفا بكف ورددوا في قرارة أنفسهم «ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا». كلما صوب حفيظ فوهة قلمه تجاه بلدنا، إلا وسارع كثير من زملائنا إلى صفحاتهم الفايسبوكية للتخلص من صور مع الصحافي المغوار، الذي لا يخشي في قول الحق «نومة نائم».
في تدوينة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، اتهم حفيظ الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بمخالفة قوانين الاتحاد الدولي للعبة، عندما صادقت في مؤتمر الرباط، على تعديل قانون يفرض على الدول الانخراط ضمن منظمة الأمم المتحدة لنيل عضوية داخل «الكاف». ووجه لوما لجياني إنفانتينو، رئيس «الفيفا»، الذي صفق للقانون الجديد، ولخير الدين زطشي، رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، الذي سجل حضوره وتحول إلى فزاعة في حقل، كما وجه لوما لرئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، واصفا إياه بمهندس القرار.
تناسى دراجي أعضاء الكونفدرالية الإفريقية الذين صوتوا بالإجماع على القانون، فنجوا من لومه وعتابه، وابتلع مقولة لطالما رددها «الجمع سيد نفسه»، وهي المقولة التي تصبح باطلة حين يصبح مروجها صوت سيده.
كتب دراجي في تدوينته: «قرار الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بحرمان كل بلد غير منخرط في هيئة الأمم المتحدة من الانضمام إلى «الكاف» هو مخالف للقوانين والأعراف الدولية، ومخالف حتى للوائح «الفيفا» الذي يفوق عدد المنخرطين فيه (211)، فيما عدد البلدان المعترف بها في هيئة الأمم المتحدة (193)»، مستدلا بنموذج دولة كوسوفو التي ليست عضوا في هيئة الأمم المتحدة، لكنها عضو في «الفيفا» وتشارك في مسابقات الاتحاد الأوروبي.
لكن ما لم يكتبه حفيظ وتركه ينساب بين السطور، هو دعمه اللامشروط لكيان انفصالي اسمه البوليساريو، وإصراره على إقحامه في منظومة كروية، فقط لزعزعة استقرار المغرب ونيل تعبئة مضاعفة من رضى جنرالات الجزائر.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فلا بأس من التذكير بأن الحصول على عضوية الأمم المتحدة يشترط التوفر على دعم ثلثي الدول الأعضاء (أي 129 من أصل 193)، وموافقة مجلس الأمن، الأمر الذي يقتضي عدم استخدام إحدى الدول الخمس دائمة العضوية فيه حق النقض، لمنع قبول عضوية هذا البلد في المنظمة الدولية.
هات بلدا بهذه المواصفات ومرحبا به في ملاعبنا، لأنه من غير المقبول أن ينضم منتخب كيان انفصالي إلى المنظومة الكروية العالمية ومساحته لا تسع موقف سيارات ملعب أولمبي. لو كانت كل الدول المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة تملك منتخبات لكرة القدم، لخاض منتخب دولة الفاتيكان إقصائيات كأس أوروبا.
لقد حاولت البوليساريو في أكثر من مناسبة ركوب صهوة الدبلوماسية الكروية، وحرضتها راعيتها الرسمية على المشاركة في بطولة تسمى «مونديال الأقليات»، تجمع فرقا تدعي أنها ممنوعة من دخول قلعة «الفيفا»، اقتنى لها حكام الجزائر قمصانا واستنفروا لاعبين وكلفوا خطيبا بالإشراف على الفريق، وفي حفل إجراء القرعة استعدادا لمونديال مقدونيا فوجئ ممثل البوليساريو بوجود فريق يحمل اسم «القبايل الجزائري»، تحركت الهواتف بين العاصمة سكوبي والجزائر، فجاء قرار الانسحاب من التظاهرة، لأنه إذا التقى كيانان انفصاليان فاحذف ما سبق، وفي رواية أخرى «من سرق».
أحيلك عزيزي حفيظ على كتاب «ملحمة الرياضة الجزائرية» لمؤلفه فيصل شحات، وأدعوك للتوقف عند الدور الذي لعبه المغرب حين استضاف في وجدة والرباط فريقا باسم جبهة التحرير الوطني ضدا على قرار «الفيفا»، الذي أصدر تحذيرا للاتحادات يمنعها من خوض مباريات ضد فريق مكون من لاعبين جزائريين هربوا من أوروبا وروجوا عبر الكرة لمطلب استقلال الجزائر. قبل المغرب على مضض عقوبات الاتحاد الدولي لكرة القدم، وكسب تعاطف شعب الجزائر ولاعبيه الذين فضل بعضهم أن يدفن في تربة المغرب.
رحمك الله يا عبد الله السطاتي.