الحسين العمراني.. زوج أسمهان عمور الذي تقاسم معها الميكروفون في «دار البريهي»
بعد مرور سنة واحدة على التحاقه بالإذاعة الوطنية، شاءت الصدف أن تجمع في أروقة «دار البريهي» بين الحسين العمراني وصحافية تفيض نشاطا، وتحديدا في أحد أيام خريف سنة 1987. حصل الانجذاب سريعا بين شابين حديثي العهد بالإذاعة الوطنية، كانا يتلمسان طريقهما نحو النجومية في زمن كانت الإذاعة والتلفزة تتحرك فتلد كل يوم صحافيا متألقا.
ولد الحسين العمراني في مدينة إيموزار مرموشة التابعة لإقليم صفرو، وتابع دراسته في هذه المدينة قبل أن ينتقل إلى فاس لاستكمال دراسته الجامعية، حيث حصل على الإجازة في شعبة الأدب العربي سنة 1985. بدأ مشواره محررا قبل أن يصبح مقدما ثم معدا ومقدما للعديد من البرامج الإذاعية، ابتداء من أكتوبر 1986.
اندمج الشاب الحسين سريعا في مهنة المتاعب، وبعد ثلاث سنوات أصبح نقابيا داخل النقابة الوطنية للصحافة المغربية، لينتهي به المطاف كاتبا عاما للجمعية المغربية لمهنيي الإذاعة والتلفزة.
بدأت أولى خيوط العلاقة المهنية بين الحسين العمراني وأسمهان عمور، داخل الأستوديو، حيث كانا في حكم الصحفيين المبتدئين، وظلا يتعاونان من أجل ضمان موقع قدم في دار الإذاعة التي كانت تحت سيطرة رموز الميكرفون.. لكن التعاون المهني تطور إلى إعجاب وموعد ولقاء وعرض بالزواج.
كان الحسين يكبر أسمهان بثلاث سنوات، وهو حينها في عقده الثالث، لذا اتفق الطرفان على تحويل التعاون المهني إلى تعاون أسري وبناء مؤسسة للزواج بغرض الإخصاب والتربية والعيش تحت سقف آخر غير سقف الإذاعة، وهو ما أثمر مولودين هما «أسامة» و«عبير».
انشغل الزوجان بقضية الابن أسامة والابنة عبير، وأصبح هاجس التربية يقتحم انشغالاتهما المهنية، إذ كان من الصعب تدبير أسرة مكونة من أربعة أفراد، في ظل إكراهات العمل الإذاعي، إذ كان الزوج يغادر البيت فجرا نحو مقر الإذاعة لالتزامه بإعداد وتقديم برنامج صباحي يبدأ أحيانا على الساعة الخامسة، كما كان يغيب عن البيت لفترة معينة بسبب أسفاره إلى الخارج، في ما ظلت أسمهان حريصة على تقديم البرامج الثقافية والبقاء في الرباط، واضعة نصب عينيها رهان التوفيق بين الانشغالين المهني والأسري. بل إنها لجأت، في كثير من الأحيان، إلى والدتها حين كانت قيد الحياة، وإلى شقيقاتها لرعاية عبير وأسامة، وسط زحمة انشغالات الأبوين.
لكن كلما اقترب شهر رمضان كانت معاناة الأسرة الإذاعية تزداد، خاصة أمام ضغط العمل حيث يرتفع إيقاع الإنتاج وتتوسع شبكة البرامج، مقابل ضغط الطقوس الغذائية الرمضانية، وهي الفترة التي يضطر فيها الحسين إلى مساعدة زوجته بشكل استثنائي، وفي هذا الصدد يعترف الزوج بأنه كان يرفض شرب «الحريرة»، لكن بعد أن هيأتها زوجته أصبح شغوفا بها.
اختارت عمور الشق الأدبي مع ما تطلبه منها ذلك الأمر من بحث غالبا ما يفرض عليها الانعزال لدراسة مستجدات الصالون الأدبي، قبل أن تدخل التلفزيون بكل إكراهاته، خاصة بعد أن اشتغلت مراسلة لقناة «إم بي سي»، ثم إذاعة «بي بي سي» في ما بعد، وتجربة أخرى في القسم العربي لقناة «دوتشي فيلله» الألمانية، من خلال تقديم برنامج «الصالون الثقافي». فيما كان زوجها الحسين سباقا إلى دخول التلفزيون، من خلال تقديم سهرات الأسبوع من سنة 1996 إلى 1998، حيث أعد السهرات العشر الأولى لـ«نغموتاي»، وأعد برامج لقناة «السادسة»، مما قلص هامش التفرغ الأسري.
في يوم الجمعة 2 أكتوبر 2015، فاجأ الحسين العمراني المستمعين بكلمة وداع جد مؤثرة، قال فيها بنبرة حزينة: «خوتي المستمعين، داخل وخارج أرض الوطن، في المدينة والبادية، راكم عزاز وصعيب أننا نتفراقو.. بسلامة عليكم..».. كانت هذه آخر عبارة ختم بها الإعلامي المتميز برنامجه الصباحي، واختار استدراك ما فاته داخل أسرته الصغيرة.