شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

الحسن الثاني والسينما نجوم السينما العالمية في حضرة الملك

 

بدأت علاقة الحسن الثاني بالسينما من فرنسا، حيث كان يتردد على القاعات السينمائية سواء في باريس أو كان أو بوردو التي كان يتابع فيها دراسته. لكن أولى خيوط العلاقة بالفن السابع بدأت بالقصر الملكي العامر حيث كان يرتاد قاعة السينما بشكل مكثف.

منذ أن كان وليا للعهد، أعجب الأمير بأفلام الرعب والمغامرات وكان يفضل ألان دولون وكاترين دونوف ولويس دو فينيس وسين كونري وأفلام التاريخ القديم المصورة خلال سنوات الستينات المدبلجة بالفرنسية.

تشير كثير من الكتابات إلى وجود قاعة عرض سينمائية في القصر، قيل إنها مصبوغة باللونين البني والبرتقالي «تم إعدادها في صالون قديم بالطابق السفلي، حيث يستطيع الحسن الثاني أن يدلف إليها عبر مصعد مخصص له، في القاعة المذكورة نحو خمسين مقعدا يوجد في وسطها كرسي الملك بلون مختلف وأمامه طاولة وضع فوقها جهاز هاتف ومطفأة سجائر ومسبحات».

كانت ملاعب الغولف تجمع الحسن الثاني بكبار نجوم السينما العالمية، كما كانت حفلات عيد العرش وعيد الشباب تستقطب أبرز نجوم السينما العربية والمصرية بالخصوص، لقد كان الملك يراهن على الفن السابع ليس كفرجة وتسلية، بل كان يدرك جيدا قيمة السينما باعتبارها قوة ناعمة عالميا، حولت المغرب إلى قبلة لكل السينمائيين الراغبين في تصوير أعمالهم الفنية، من خلال حرصه على دعم البنية التحتية والموارد البشرية، وإزالة جميع العراقيل الإدارية، كما قال أحد سيناريست مصر.

في الملف الأسبوعي لـ «الأخبار» إعادة لترتيب العلاقة الوجدانية بين الحسن الثاني والسينما، التي كانت تسعى إلى انتشال ملك من ملاعب الكرة.

 

 

 

حين قال ألان دولون للصحافة: أنا أعتبر نفسي من رعايا الملك

تعرف ألان دولون الممثل السينمائي على المغرب حين زاره رفقة زوجته الممثلة الفرنسية ناتالي المولودة في المغرب وتحديدا في مدينة وجدة، قبل أن تصبح مراكش قبلتهما السنوية بعد أن اشترى رياضا في أحد أحيائها العتيقة. وفي مذكراتها التي نشرتها سنة 2006، تحدثت نتالي دولون عن المغرب الذي لطالما جمعها بألان الذي كانت له مكانة خاصة عند المغاربة. صرح ألان دولون لوكالة «فرانس بريس»، عقب وفاة زوجته ناتالي: «أنا حزين جدا، يؤلمني رحيل من أحببتهم، واليوم أفقد زوجتي التي ولدت في المغرب وجعلتني أكثر عشقا لهذا البلد الذي غمرني ملكه بكل العطف والمحبة والرضا».

في آخر حواراته الصحفية، وقبل رحيله في 18 غشت الجاري، ظل المغرب حاضرا بقوة، خاصة وأنه البلد العربي الذي سكن وجدانه، إذ يتذكر حفلات التكريم التي حظي بها. يقول ألان: «كنت أسعد بالتكريم لأنه من بلد أحبه وأحترم عاهله بشكل كبير». وفي آخر حضور له بمهرجان مراكش للسينما عقد الممثل الفرنسي لقاءات صحفية مع الصحافة المغربية رافضا التحدث مع الصحافة الفرنسية، وأكد خلال لقائه معها أنه يعتبر نفسه أحد رعايا جلالة الملك. «كنت دوما وأكثر من أي وقت مضى أحد رعايا جلالة الملك محمد السادس كما كنت أحد رعايا والده جلالة المغفور له الحسن الثاني، وكنت أحظى بعطف خاص من المرحوم الذي لم يكن مجرد عاشق للسينما بل خبيرا في مجال الفنون».

اعتزل ألان السينما ممثلا، ولكنه لم يعتزل حب مدينة مراكش، وقال في ندوة على هامش مهرجان مراكش للسينما، إنه غير نادم على اعتزال السينما مؤكدا التزامه بهذا القرار رغم ما ساور الملاحظين ورجال الإعلام ومحبيه من شك بهذا الخصوص، قبل أن يضيف بأن الاعتزال لا يعني غيابه عن مهرجان مراكش.

حظي دولون بمكانة خاصة في القصر الملكي، وحصل على تكريم مولوي بعد توشيحه بوسام ملكي من الدرجة الرفيعة، كما حصل على النجمة الذهبية في المهرجان الدولي للسينما وظلت علاقته بالقصر قوية.

منذ 1980 ظل ألان يتردد على مدينة مراكش بعد أن اشترى رياضا، بغد أن دله على هذا الفضاء الساحر المهندس المعماري الأمريكي بيل ويليس، عاشق مراكش والمروج السياحي لها وهو من أقنع ألان باقتناء إقامة في مراكش.

في سنواته الأخيرة وبالرغم من وضعه تحت الوصاية المشددة من قبل المحكمة، ولم يعد لديه الحق في إدارة أمواله وممتلكاته لم يتخذ الفنان أي قرار بهذا الشأن، خاصة في رياضه المراكشي، حيث أعلن من خلال محاميه أنه لن يطعن في الحكم الذي أصدرته المحكمة بحقه، لاسيما بعد إصابته بمرض الزهايمر.

 

الحسن الثاني ينهي تصوير فيلم «الرسالة» بالمغرب

خاطب الملك الحسن الثاني المخرج السوري مصطفى العقاد، الذي كان يتواجد حينها في المغرب منهمكا في تصوير فيلم الرسالة: «عذرا مصطفى لا يمكنكم البقاء في المغرب أرجو مغادرتك أنت وطاقم العمل».

بدأت الحكاية بالترحيب وانتهت بقرار المغادرة، إذ رحب الملك في بداية الأمر بالمخرج وطاقمه ومنحه كل التسهيلات لإنجاز عمله، وأعطيت تعليمات للعمال بمد يد المساعدة لفريق العمل الذي حط الرحال بورزازات والرشيدية، قبل أن يتوصل الحسن الثاني بمكالمة من العاهل السعودي دار جزء منها حول فيلم «الرسالة»، فقد عبرت السعودية عن قلقها من المخرج الذي أصر على تجسيد دور حمزة بن عبد المطلب باعتباره أحد محاور الفيلم، لكن الملك بحث عن مبرر آخر، إذ سأل المخرج عما إذا كان يتوفر على موافقة الأزهر على السيناريو، سيما بعد أن علم أن كتابه سنيون وشيعة وأرتودوكس، وهم عبد الحميد جودة السحار وتوفيق الحكيم وعلي أحمد ماهر وعبد الرحمن الشرقاوي ثم هاري كريج، لكن العقاد كشف عن وجود مواقفة مكتوبة من الأزهر الشريف ومن المجلس الشيعي.

أصر الحسن الثاني على توقيف التصوير، مطالبا فريق العمل بمغادرة البلاد، حينها صرح العقاد بأن الرسالة لم يكتب لها الإنجاز بسبب ضغوطات سعودية.

يقول المخرج السوري: «عند منتصف الليل حصل اتصال مفاجئ من العقيد معمر القذافي يطلب مني نقل كل التجهيزات إلى ليبيا، مؤكدا تحمل الجماهيرية كافة تكاليف النقل والتصوير»، وفي اليوم التالي قال القذافي كلمة مشهورة: «لئن كانت الكعبة في السعودية إلا أنهم ليس لهم الحق في مصادرة الأعمال الفنية».

أنجز الفيلم بعد سبع سنوات، بمشاركة مجموعة من كبار النجوم العالمين والعرب، على غرار «أنطوني كوين، أريين باباس وعبد الله غيث ومنى واصف، منير المعاصري، أحمد مرعي، بينما اشترط القذافي مشاركة الفنان الليبي حبيب العجيلي، كما تعهد بإنتاج فيلم «عمر المختار»، ووعده الزعيم الليبي بتمويل فيلم عن صلاح الدين الأيوبي الذي حال رحيله دون تنفيذه..

عثر العقيد على فرصة لمواجهة السعودية والمغرب في عز خلافه معهما، وقرر تصفية الحسابات مع خصومه السياسيين، علما أن المخرج أدى ثمن دخوله لمعترك السياسيين غاليا، إذ قتل في تفجيرات عمان عام 2005، ما دفع بعض المخرجين إلى التفكير في إنجاز فيلم حول الفقيد، تحت عنوان: «هل تستمر الرسالة؟».

الفيلم يروي حياة المخرج العالمي السوري مصطفى العقاد ورحلته من مسقط رأسه في مدينة حلب السورية، مطلع خمسينيات القرن الماضي إلى عاصمة السينما العالمية مدينة هوليوود الأمريكية.

 

 

دونهام الأمريكية مصممة الرقصات السينمائية تسقط في حب رقصة أحيدوس

اسمها الكامل كاترين ماري دونهام، من مواليد يونيو 1909 في الولايات المتحدة الأمريكية، وتوفيت في نيويورك سنة 2006، اشتغلت راقصة ومصممة رقصات وكاتبة وعالمة أنثروبولوجيا وناشطة اجتماعية. تعتبر مسيرتها المهنية في الرقص من أنجح المسيرات في المسرح والسينما الأمريكية.

ذاع صيتها حين كانت في أوج مسيرتها المهنية خلال أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، وحظيت بشعبية واسعة في الولايات المتحدة، ووصفتها صحيفة واشنطن بوست بـ»الراقصة كاثرين العظيمة».

حلت كاثرين دونهام بالمغرب سنة 1953، أشهرا قبل نفي العائلة الملكية إلى مدغشقر. لم تكن هذه الممثلة الاستعراضية الشهيرة في أمريكا مدعوة إلى المغرب بشكل رسمي، وإنما رافقت زوجها الذي كان يعمل بدوره في المجال الفني، والذي تلقى دعوة غير رسمية لشرب الشاي مع الأمير مولاي الحسن في إقامته الخاصة بالرباط، رفقة ثلاثة من أعضاء الفرقة الفنية التي كان يديرها الزوج.

كاثرين التي جاءت إلى المغرب بدون دعوة، وإنما مرافقة فقط لزوجها، كانت تنوي البقاء في الفندق بالرباط، لولا أن ولي العهد الأمير مولاي الحسن أصر على ضيفه لكي يحضر زوجته، لتشاهد الحفل المقام على شرفه. وهناك بدأت علاقة الممثلة كاترين دونهام، أيقونة الشاشة في هوليوود، برقصة أحيدوس.

تقول مارفين هاو، الصحافية الأمريكية التي عملت في المغرب ما بين سنوات 1950 و1954، والتي كانت حاضرة خلال الحفل بدعوة من الأمير ولي العهد، إن كاترين أعربت لولي العهد عن إعجابها الكبير بفرقة أحيدوس، التي كان أعضاؤها يؤدون رقصة على إيقاع الدف ويطوفون في ساحة داخل حديقة إقامة الأمير.

أظهرت الممثلة الأمريكية اهتمامها بإيقاع الرقص والأداء، فعرض عليها الملك الراحل الحسن الثاني المشاركة. ووافقت على الفور، حسب ما نقلته الصحافية الأمريكية في مقالها الذي نشر في الصحافة الأمريكية في السنة نفسها، والذي كان بمثابة استطلاع عن الحفل.

تؤكد مارفين هاو أن ولي العهد الأمير مولاي الحسن حمل الدف بنفسه، وشرع يضرب وفق الإيقاع الذي تلعب به فرقة أحيدوس، وأمر نسوة من الفرقة أن يسايرن الإيقاع وتقليدهن الممثلة الأمريكية الشهيرة.

وكانت المفاجأة التي حضرتها لولي العهد أنها عرضت أن تصمم رقصة من رقصاتها الشهيرة في السينما، وتدخل عليها تعديلات لفن أحيدوس المغربي، لتصنع مزيجا تقدمه هدية لولي العهد وضيوفه.

 

الملك الراحل يدعم فيلم «أموك» وينقذ مخرجه بن بركة من الموت

ظل المخرج والمنتج المغربي سهيل بن بركة حريصا على مد جسور التعاون بين إفريقيا جنوب الصحراء والمغرب، فقد ولد سنة 1942 في تمبكتو بدولة مالي، وحصل على دبلوم الصحافة في المعهد العالي للصحافة سنة 1964، كما درس السينما، وحصل على شهادة  في الإخراج السينمائي من المعهد التجريبي بروما، لكنه ارتبط وجدانيا بالمغرب بسبب أصوله وقام بإنجاز العديد من الأعمال الفنية حيث ساهم إلى جانب آخرين في إرساء دعائم السينما المغربية وبلوغها مرحلة النضج والتطور، متأثرا بالسينما الأوربية.

تابع الملك الحسن الثاني مسار ابن تمبكتو، الحامل للجنسية المغربية ونالت أعماله إعجاب القصر والنقاد أيضا منها: «ألف يد ويد» و«حرب البترول لن تقع» و«عرس الدم» و«معركة الملوك الثلاثة» و«ظل الفرعون» و«عشاق موغادور» و«أسد الصحراء» و«أموك»، الذي أخرجه في سنة 1982، واعتبر حدثا مهما في مساره المهني، بعدما حقق انتشارا سينمائيا مهما وحصل على العديد من الجوائز، من بينها جائزة الفاتيكان في سنة 1984، كما فاز في السنة ذاتها بالجائزة الأولى للمهرجان الدولي للسينما بموسكو.

قدم الملك الحسن الثاني دعما خاصا لفيلم «أموك»، إذ يعترف سهيل بن بركة بدور الملك في خروج المشروع إلى حيز الوجود، وقال في تصريح تضمنه كتاب «أيام زمان» لمحمد الصديق معنينو، «بأن لقاء جمعه بسهيل في موسكو خلال مهرجان عالمي للفيلم حيث طلب منه الحضور بصفته ممثلا عن وزارة الإعلام بعد أن لاحظ وجود وزراء دول أخرى تشارك أفلامها في المسابقة، فوافق محمد الصديق معنينو على مضض». ومن محاسن الصدف أن يتوج الفيلم المغربي بالجائزة الأولى للمسابقة ويحقق المغرب مكسبا كبيرا في ظرفية تميزت باحتقان سوفياتي مغربي، على المستوى السياسي.

كشف سهيل بن بركة للمسؤول الإعلامي المغربي، عن الدعم الملكي للفيلم الذي صور في غينيا كوناكري، بمساهمة مالية من الحسن الثاني ومساعدة لوجستيكية من أحمد سيكوتوري رئيس غينيا، «أثناء التصوير انفجرت حافلة كان سهيل بداخلها نجا الرجل من الموت بأعجوبة، فأوفد الحسن الثاني طائرة خاصة أقلته إلى المستشفى العسكري قضى شهورا هناك بين الحياة والموت، ولازالت آثار هذا الحادث بادية على جسمه».

كان الملك يتصل شخصيا ببن بركة، حيث يطمأن على حالته الصحية، وحين تماثل إلى الشفاء ساعده على اقتناء فضاءات في مدينة ورزازات للتصوير، مكنته من إنجاز العديد من الأعمال دون التنقل إلى دول أخرى. كما أن مسار الرجل السينمائي منحه الفرصة لإدارة المركز السينمائي المغربي في الفترة الممتدة ما بين سنتي 1986 و2003.

 

 

مصور سينمائي فيتنامي في النواة الإعلامية للقصر

يرجع الفضل لأحمد العلوي في تأسيس أول نواة إعلامية بالقصر الملكي، وكان أول من تولى مهمة ناطق غير رسمي، باسم البلاط بعد الاستقلال. وكان يحرص على الاجتماع بالمصورين في المؤتمرات الصحافية.

عين المصور الفيتنامي بوي لينه في القصر الملكي وانضم إلى قسم التصوير، وكان تابعا على المستوى الوظيفي للمركز السينمائي المغربي، عرف عنه إبداعه في رسم تفاصيل الوجوه إلى أن لقب بملك الفوتوشوب، حيث تتحول المشاهد إلى مزيج من المشاعر المتضاربة.

عاش بوي لينه عن قرب حرب الفيتنام وانخرط في عالم السينما خاصة حين انتدب لتصوير أشهر أفلام الحروب. قبل أن ينتدبه الملك الحسن الثاني مصورا للقصر، ويقال إن المهندس المعماري الفيتنامي إيريك فان تاون، الذي صمم ضريح محمد الخامس في حسان، هو الذي كان وراء استقدام لينه إلى المغرب عبر بوابة المعرض الدولي للدار البيضاء حيث كان حاضرا بقوة في رواق الفيتنام.

ولكن ما يسجل في تاريخ هذا المصور الأسيوي الأصول، إصراره على القيام بعمله كمصور وهو على متن الطائرة الملكية «بوينغ 727» التي تعرضت للهجوم أثناء المحاولة الانقلابية لـ 16 غشت 1972،  حين كان يرافق الملك الحسن الثاني في رحلة العودة من فرنسا إلى المغرب، حيث عاش رعب قصف الطائرة من طرف مقاتلات. «كان مصور الملك «لينه» الفيتنامي الأصل يقوم بالتقاط صور الفاجعة.. إلى جانب الأمير مولاي عبد الله شقيق الملك، والأمير مولاي علي ابن عمه، والعقيد أحمد الدليمي وأحمد العلوي ومجموعة من أصدقاء الملك والمقربين. كل هؤلاء عاينوا جو الرعب والخوف داخل الطائرة الملكية.. آنذاك كان عددهم 60 نفرا.. فنزلت بمطار الرباط ـ سلا، حيث واصل المصور التقاط صور الرعب في الوقت الذي هرع فيه الجميع نحو أقرب مخبئ»، يقول سكرتير الملك عبد الفتاح فرج في شهادته على النكبة الجوية.

 

 

الحسن الثاني يجتمع بسينمائيين مصريين في سينما «ريفولي»

بعد الزيارة التاريخية التي قام بها الملك الراحل محمد الخامس في شهر مارس 1960 إلى مكة المكرمة، كانت الأخيرة للأراضي المقدسة قبل وفاته، قرر أن يعرج على القاهرة حيث سيستقبل محمد عبد الكريم الخطابي رمز المقاومة المغربية، وسيتسلم كذلك دكتوراه فخرية بحضور الرئيس المصري جمال عبد الناصر. وشهدت الزيارة أيضا لقاء مع كوكب الشرق أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب.

خلال جلسة رتبها الرئيس المصري، جمعت أم كلثوم بمحمد الخامس بحضور جمال عبد الناصر، تم تداول نكبة زلزال أكادير فأعلنت كوكب الشرق دعمها للضحايا بإقامة حفل ساهر في سينما «ريفولي» قلب القاهرة، لقيت الفكرة ترحيبا من العاهل المغربي بعد أن أعلنت المطربة المصرية تخصيص جميع المداخيل لفائدة منكوبي زلزال أكادير.

في سينما «ريفولي» العريقة والتي يرجع تأسيسها إلى 1950، وتعد من أملاك الأمير طلال بن عبد العزيز، تقرر إقامة الحفل التضامني خاصة وأن مالكها تخلى عن نفقات كراء القاعة انسجاما مع الحدث وتكريسا للتآزر العربي.

في جلسة سبقت الحفل تدارس ديوان الملك محمد الخامس مع المنظمين، إمكانية تنظيم حفلين خاصة وأن سينما «ريفولي» كانت تضم 5 قاعات بطاقة استيعابية قدرها 2350 مقعدا.

حسب صحيفة المصور المصرية فإن محمد الخامس وعبد الناصر وقادة الجيش المصري وولي العهد مولاي الحسن، قد حضروا السهرة، التي قال منشطها في مستهلها: «بقيمة هذه الحفلة وبقيمة الحضور إليها، وبقيمة المساهمة فيها، حفلة تجمع بين سهرة فنية خالصة وبين مساهمة كريمة يقوم بها شعبنا العربي لإخوة لنا في مدينة أكادير»..رفع الستار فأعقبه تصفيق حاد، طغى على صوت مقدم الحفل عندما أطلت أم كلثوم على الجمهور.

كانت ليلة 31 مارس 1960، خالدة بكل المقاييس «الحدث فني بصبغة سياسية، والمناسبة حفل غنائي لكوكب الشرق، يذهب ريعه لمنكوبي زلزال مدينة أكادير المغربية. وأبرز حضوره ملك المغرب محمد الخامس». تضيف ذات المجلة.

بعد أن غنت أم كلثوم أغاني عدة، التقى ولي العهد مولاي الحسن بسيد الحنفاوي، مدير القاعة، الذي قدم لمحة تاريخية عن السينما، كما اجتمع بنجوم السينما المصرية وتحدث مع أم كلثوم عن فيلمها «وداد» الذي استلهم منه نادي الوداد اسمه.

 

الحسن الثاني ينهي توقيف الممثل السينمائي حسن الجندي من وظيفته

ولد الفنان المغربي محمد حسن الجندي سنة 1938 بمدينة مراكش، وتحديدا في بيت بحي القصور، كان الحي يضم موظفي المخزن وبعض الأعيان، نشأ الفتى في بيت صوفي، والده كان من شيوخ الزاوية «التيجانية».

في طفولته عاش محمد حسن الجندي، أجواء روحانية، حين كان يرافق والده في ليالي صوفية، في زمن كانت الزاوية تحت رعاية الحكام وعلى رأسهم الباشا التهامي الكلاوي، الذي كان الراعي الرسمي للزوايا. لكن رغم ذلك التحق الفتى بالمدرسة الحسنية سنة 1946، وتعرف على المسرح للمرة الأولى في هذه المدرسة، لم يكمل محمد دراسته واكتفى باجتياز المرحلة الابتدائية فقط، وتعثر في المرحلة الثانوية.

سيصبح حسن من أعمدة المسرح والتمثيل في المغرب، أمثال عبد العزيز موهوب وأحمد العماري وعبد الجبار لوزير ومحمد بلقاس وعبد الله العمراني، قبل أن يلتحق سنة 1958 بالإذاعة الوطنية بالرباط، ومع مرور الوقت سيصبح مؤلفا إذاعيا ومسرحيا ومخرجا وممثلا في السينما والتلفزيون.

رغم أن محمد حسن الجندي نشأ في وسط أسري محافظ متشبع بالدين، إلا أنه عاش نبض الثورة من خلال أفكار ابن عمته عبد الله إبراهيم، الوزير الأول اليساري والذي كان يقطن في حي مجاور يدعى درب لمواسين، وهي القرابة العائلية التي جعلت الفتى يتأثر بالفكر الثوري اليساري الذي يحمله عبد الله أول رئيس حكومة وطنية. والغريب في الأمر أنه عندما طرد الجندي للمرة الأولى من الإذاعة كان ابن عمته عبد الله ابراهيم قد عين وزيرا للإعلام ولم يلجأ إليه قط.

بعد عودته إلى الإذاعة حصل انقسام بين أعضاء فرقة التمثيل الإذاعي بسبب اختلاف الانتماءات السياسية، وكان النقاش محتدما بينهم، بين تيار محافظ وتيار ينادي بالتطور، وكان من الطبيعي أن يكون في صف عبد الله إبراهيم، ونتيجة لهذا الخلاف، ومن أجل أبعاده عن الجدل السياسي الذي كان محتدما داخل الفرقة، تم نقله الى القسم الأمازيغي، باعتباره أمازيغي الأصول إلى أن يتدخل المدير العام الدكتور المهدي المنجرة، وأعاد الجندي إلى صف فرقة التمثيل.

ظل شبح التوقيف يطارد الجندي، لماذا صدر قرار بتوقيف الجندي؟، كيف تعاملون المواهب بهذه الطريقة؟

ولتوقيف الجندي عن العمل، حكاية لا تخلو من الطرافة، وتتلخص في حوار نشر في إحدى الصحف الوطنية، بعد أن سئل الفنان المغربي من طرف الصحافي:

كيف تسير السينما في المغرب؟

فأجاب: «إنها تسير عرجاء»

ومن سوء حظ الجندي أنه لم يكن يعرف أن الوزير أعرج، ورأت الإدارة أنه كان يسخر من مسؤول حكومي، الشيء الذي أدى إلى إيقافه عن العمل، قبل أن يطلب منه، بعد استفسار الراحل الحسن الثاني عنه، أن يعود ليشتغل على «الأزلية» بأمر من الملك، الذي سيطلب منه لاحقا أن يعد له تسجيلا خاصا لحكايات «ألف ليلة وليلة» بصوته.

 

تعيين قويدر مديرا للمركز السينمائي وخلق صندوق لدعم الأفلام

عندما التحق قويدر بناني بالمديرية التقنية لدار الإذاعة والتلفزة المغربية، فور تخرجه سنة 1971 كمهندس دولة من المدرسة الوطنية العليا للاتصالات بباريس. كان يراهن على توسيع شبكات الإذاعة والتلفزيون والآليات التقنية للإنتاج، قبل أن يقدم للملك الحسن الثاني مشروعا لإدخال تلفزة الألوان إلى المغرب.

عهد إليه بإنجاز دراسة تهم إصلاح الفضاء السمعي البصري المغربي وتوسيع آفاقه المستقبلية، كما نوه الحسن الثاني بجهوده في إحداث محطة للإذاعة والتلفزة بطرفاية استعدادا لانطلاق المسيرة الخضراء، مع إنجاز العديد من الربورتاجات حول هذا الحدث التاريخي الهام إلى لحظة الدخول الرسمي لمدينة العيون.

وحسب الإعلامي عبد القادر الإدريسي، الذي عايش المرحلة، فإن قويدر اعتمد في إنجاز مهامه خلال فترة المسيرة الخضراء، وساعد على دقة التنظيم وسير التعاون بين التلفزة ومصالح الجيش، بفضل شقيقه الجنرال عبد العزيز بناني، لأن هذا الأخير كان من بين الضباط الكبار الذين اختارهم الملك الحسن الثاني لينفذوا تعليماته حول المسيرة الخضراء، إلى جانب الجنرال الدليمي وزياتي وآخرين.

حين انتقل قويدر إلى عوالم السينما بعد تعيينه من طرف الملك الحسن الثاني مديرا للمركز السينمائي المغربي، لم يكن أحد يعتقد أنه سيقضي عشرة أعوام في هذه المؤسسة، فقد أصبح مديرا عاما للمركز مباشرة بعد انتهاء المسيرة الخضراء وظل في منصبه إلى غاية 1986.

يقول الباحث أحمد سيجلماسي: «لم يكن قويدر بناني إداريا فحسب، بل أشرف على إنتاج وإخراج بعض الأفلام السينمائية الوثائقية، من بينها فيلم حول المسيرة الخضراء وفيلمان تاريخيان طويلان، الأول حول الملك الراحل محمد الخامس والثاني حول الملك الراحل الحسن الثاني رحمهما الله «.

وعلى الرغم من الجدل الذي ميز شريط محمد الخامس، إلا أن قويدر ظل يرفع لواء المفهوم الجديد للتواصل السمعي البصري في أبعاده الإدارية والقانونية، في فترة بسط فيها إدريس البصري هيمنته على الإعلام، حيث كان يرسل تقارير إلى القصر في شأن الأعمال التي يقوم بها المركز، لكن كلما أتيحت له فرصة لقاء الملك إلا وتلقى الثناء لاسيما بعد أن نال موافقة الحسن الثاني على إنشاء صندوق لدعم الإنتاج السينمائي الوطني وإصلاح القاعات السينمائية المتواجدة والتحفيز على بناء قاعات جديدة.

يذكر أن قويدر بناني، المزداد بتازة يوم فاتح يناير 1945، كان وراء تنظيم أول مهرجان للسينما في بداية الثمانينات بالعاصمة الرباط، والنسخة الثانية في منتصفها بالدار البيضاء.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى