شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

الحرس القديم

أثار القرار المفاجئ للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بإقالة منفذ أوامر قصره وزير الخارجية رمطان العمامرة، الكثير من التساؤلات حول صراع الأجنحة الذي يعيشه بيت الكابرانات. ومهما تضاربت القراءات والأسباب في تفسير عزل لعمامرة، فالنتيجة واحدة مفادها أن وزير الخارجية السابق، الذي جيء به لدفع العلاقات المغربية الجزائرية إلى أقصى مراحل التأزيم، فشل فشلا ذريعا في مسعاه، فالهدف من تحقيق انتصارات ديبلوماسية جزائرية لم يتحقّق، وظلت السياسة الخارجية لقصر المرادية عنيفة وكاريكاتورية لكنها مشلولة. ولم يستطع العمامرة، بمساره الطويل وعلاقاته المتشعبة، أن يبعث الحياة في ديبلوماسية العسكر، فجيء بأحمد عطاف الذي عرف بكونه مهندس قرار غلق الحدود بين البلدين سنة 1994، عندما كان وزيرا مكلفا بالشؤون الإفريقية والمغاربية.

مقالات ذات صلة

بلا أدنى شك، تشكل عودة عطاف إلى الواجهة الدبلوماسية للجزائر مؤشرا واضحا على نية التصعيد الديبلوماسي من الجانب الجزائري، فالمعروف عن الجارة الشرقية أن تكليف شخص ما بحقيبة سيادية، مثل الخارجية، لا يخضع لمعايير مرتبطة بالكفاءة الديبلوماسية أو المسار المهني بل بمدى مناهضة الوزير للعلاقات مع المغرب، وقدرته على الدفع بالتأزيم إلى أقصى مستوياته، كما كان من قبل مع صبري بوقادوم، وعبد القادر مساهل ومراد مدلسي وغيرهم.

لقد أظهر تعيين عطاف أن الجزائر تلعب آخر أوراقها العدائية تجاه قضيتنا الوطنية، فهذا التعيين، في هذا التوقيت بالذات، يؤشر على أن المؤسسة العسكرية في الجزائر خسرت كل مناوراتها الديبلوماسية، وهي تستبق الزمن لإعادة ترتيب بيت السياسة الخارجية بالشكل الذي يسمح بارتكاب مغامرات غير محسوبة العواقب في شمال إفريقيا. والأمر الذي يقوي فرضية التأزيم الديبلوماسي هو مسار وزير الخارجية الجديد الذي يعدّ من الحرس القديم، الذي كان مكلفا بالعلاقات المغاربية منذ أكثر من 20 سنة.

لذلك، فإن التعيين الجديد لوزير خارجية مشبع بعقيدة الحقد والفوبيا تجاه المغرب يعكس، في نهاية الأمر، أن نظام «الكابرانات» لا يزال عاجزا وغير قادر على تبني خيار سياسة اليد الممدودة التي أعلنها ملك المغرب، والتي يتم الاحتكام فيها إلى الحوار البناء والمفاوضات التي تحترم سيادة الشعوب وتلتزم حسن الجوار، وهو ما زال مصرا، بشكل يستعصي على الفهم والاستيعاب، على إدخال المنطقة في متاهات التوترات والصراعات والدسائس المعطلة لمسار التنمية في البلدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى