تُمثل الحرب الشرسة، التي تقودها المديرية العامة للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني، على «البوفا»، منذ ما يفوق الثلاثة أشهر، معركة حقيقية وفعالة في مسار محاربة آفة هذا المخدر الرهيب الذي أصبح يشكل خطراً كبيرا على توازن المجتمع وأمنه وسلامة المواطنين، بسبب الانتشار المهول لتعاطي هذا الجيل الجديد من المخدرات، سيما في أوساط الطبقة الشعبية.
وقد تستغرق الحملة الأمنية لمكافحة المخدرات وقتاً طويلاً، لأن العمليات الأمنية جد معقدة ولأن تجار «البوفا» وغيرها من المخدرات والمواد المهلوسة قد طوروا من أنفسهم وأدائهم وأساليب المتاجرة والترويج والاستعمال، كما أنهم استفادوا من بعض المهن والفضاءات في الترويج الآمن وغير المراقب، لكنها مع ذلك معركة شرسة تستحق الاحتضان المجتمعي لاجتثاث جذور هاته السموم ورمي المتاجرين فيها وحماتها وراء القضبان.
ولئن كانت المقاربة الأمنية ضرورية بل مطلوبة وناجعة إلى حد بعيد لاستئصال هذه الآفة من مجتمعنا ووطننا، إضافة إلى ملاحقة المروجين ومداهمة أوكارهم بنفس الصرامة التي يحارب بها أوكار الإرهاب، فإن الحرب الشاملة لابد أن تتم كذلك عبر آليات التنشئة والتوعية والتأطير التي تقوم بها مؤسسات الوساطة ووسائل الإعلام لتعزيز مستوى التوعية بأضرار «البوفا»، بحيث نكفل بنهاية المطاف حماية المجتمع المغربي بجميع فئاته العمرية من أضرار تعاطي المخدرات فما من طرفٍ معفى من المشاركة وفق موقعه ودوره في هاته المعركة. نعم، نحن في حاجة إلى هاته الحرب بلا هوادة حتى نحافظ على شبابنا وأسرنا ومجتمعنا، والمهم أن تتكامل الأدوار والجهود فلا تبقى رؤوس كبيرة خارج دائرة المحاسبة، وألا يهيمن منطق الحملة الظرفي على هاته الحرب لأن تجار المخدرات قد يختفون لبعض الوقت لكنهم لن ينتهوا من مهامهم المدمرة للمجتمع، والأكثر من ذلك، على هذه الحرب أن تتشابك مفاصلها وتتقاطع مع الحرب على الإرهاب والفساد.