شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

الحراك التعليمي وسؤال الوسائط 

إبراهيم أقنسوس

مقالات ذات صلة

يطرح الحراك الأخير الذي شهده قطاع التربية والتعليم، بمختلف تجلياته، الكثير من الأسئلة التي تبدو أساسية وذات بعد استراتيجي، ومن جملة هذه الأسئلة وأهمها، سؤال الوسائط السياسية والنقابية التي يفترض بداهة أنها تمثل مصالح مختلف فئات وأوساط الشغيلة، وتتحمل موضوعيا مسؤولية الدفاع عنها، بما يضمن لكل شرائحها الاجتماعية الحد المعقول من شروط الحياة الكريمة من جهة، وبما يضمن بالمقابل، السير العادي للخدمات ومناشط المرافق العمومية، المعنية بهذا التمثيل السياسي أو النقابي، أو هما معا، من مدارس ومعامل ومستشفيات وإدارات وغيرها؛ غير أن الملاحظة المثيرة للانتباه، والتي رافقت الحراك التعليمي الأخير، هي تعرض صورة مختلف هذه الوسائط، السياسية والنقابية بخاصة، للكثير من التشويش، وظهورها بمظهر باهت يطعن في قيمتها الرمزية، ويطرح الكثير من الأسئلة حول جدواها وما تبقى منها، وكيف حدث كل هذا التحول الذي جعل الكثير من الأوساط التعليمية تدعو علانية إلى تجاوز كل النقابات، بما هي مؤسسات منتخبة ودستورية، ومواجهتها بسيل من النقد، المفعم بقاموس من العنف اللفظي، وأحيانا غير اللائق، ما يعني طرح سؤال التكوين والتأطير بالنسبة إلى الكثير، أو لبعض الناشطين في هذا الحراك التعليمي، والذين هبوا للانتصار لتجمعات عفوية تتبنى مطالب فئوية، تنتظم في تنسيقيات بعناوين مختلفة ومتعددة. إن بعض التأمل في سيرورة هذا الحراك التعليمي، يدلنا على وجود مشكل حقيقي على مستويين على الأقل:

الأول، على مستوى الوسائط التي وجدت لتمثل الشغيلة في بلادنا؛ ففي عز الأزمة التي شهدها الإضراب، لوحظ غياب جل الوسائط الممثلة للشغيلة التعليمية، والحاضرة منها لم تكن مقنعة ولا ناجعة، ما جعل الأحداث تتجه إلى ما يشبه الانفلات، ولم تأت مبادرة الحزب الاشتراكي الموحد إلا متأخرة، وفي نهاية الأزمة.

الثاني، على مستوى التأطير السياسي، الذي بدا واضحا لدى بعض الفئات التعليمية، هذا التأطير الذي تتحمل مسؤوليته الجهات المعنية به، من جمعيات وأحزاب سياسية وغيرها من المؤسسات المدنية، وتتلقى بصدده دعما سنويا، ثم لا تقوم به، حتى أصبحنا نجد من يتحدث عن نهاية النقابات، أو وصفها بما لا يليق، دون استحضار تاريخها وأدوارها ومساراتها النضالية، ودون التفكير في كون هذه التنسيقيات الحالية ليست في النهاية إلا مشاريع نقابات جديدة، أو هكذا ستكون، حين تختار المسار القانوني والدستوري. إن تراجع قيمة الوسائط السياسية والنقابية والجمعوية، والتشكيك في جدواها، وإفراغها من مضمونها النضالي، وتحولها إلى هياكل بلا معنى، رغم طابعها القانوني والدستوري، يعني مباشرة اهتزاز المضمون الديمقراطي للدولة، إذ لا ديمقراطية بلا أحزاب ولا نقابات ولا جمعيات ولا وسائط، جادة وفاعلة وذات مصداقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى