علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط أدانت، أخيرا، مهندسا سابقا بولاية طنجة تطوان الحسيمة بثلاث سنوات حبسا نافذا، على خلفية اتهامه في قضية رشوة وابتزاز مقاول في مبلغ مالي قدره الأخير بعشرة ملايين درهم.
وحسب مصادر «الأخبار»، فإن المتهم أصيب بإغماء فور سماعه منطوق الحكم، حيث تم نقله إلى المستعجلات لتلقي العلاج، في الوقت الذي أكد مقربون منه أنه كان ينتظر البراءة من التهمة والعقوبة الحبسية الصادرة في حقه ابتدائيا، وهي سنتين حبسا في حدود سنة نافذة وأخرى موقوفة التنفيذ.
المحاكمة التي احتضنتها قاعة الجلسات رقم 1 بمحكمة الاستئناف بالرباط، حضرها المتهم رفقة دفاعه الذي التمس تمتيعه بالبراءة التامة، بدعوى حصوله على تنازل رسمي، ومشددا في الآن نفسه على أنه كان ضحية مؤامرة، إلا أن هيئة الحكم كان لها رأي آخر، حيث ضاعفت العقوبة.
وكانت فضيحة المهندس قد تفجرت سنة 2017 على عهد الوالي محمد اليعقوبي، بعد أن تورط في المشاركة في جناية الارتشاء وطلب وتسلم مبالغ مالية للقيام بعمل من أعمال وظيفته واستغلال النفوذ، رفقة مقاول يتابع في حالة سراح بتهمة الارتشاء.
وأجرت الهيئة القضائية بغرفة الأموال الابتدائية، في وقت سابق، مواجهات ساخنة تابعت «الأخبار» تفاصيلها الكاملة بين مقاولين ومهندسين ومسؤولين وتقنيين بعمالة طنجة، تبادل خلالها كل الأطراف التي استمعت إليها المحكمة، الاتهامات بتلقي رشاو، فيما نفى المتهم الرئيسي وهو مهندس دولة ممتاز من مواليد فاس سنة 1958، وأب لستة أبناء كل التهم المنسوبة إليه والمرتبطة أساسا بالابتزاز وتلقي رشاوى من مقاولين من أجل تمكينهم من مستحقاتهم المالية.
وكان أحد المقاولين الذي فجر الفضيحة سنة 2017، قد أكد أنه ظل يتعرض للابتزاز المتكرر من طرف المهندس المسؤول بولاية طنجة تطوان الحسيمة، وتحديدا بقسم التجهيز، وتحولت فرحته بنيل أربع صفقات متعلقة ببناء أسواق نموذجية مغطاة بأحياء مدينة طنجة تبلغ قيمتها الملايير، إلى جحيم بسبب المضايقات المتوالية لشركته وعدم التجاوب مع كشوفات الحسابات المتعلقة بالأشغال المنجزة، التي كانت تواجه بالطعن بهدف الابتزاز.
وأفاد المقاول المشتكي أمام الهيئة القضائية، بأنه اضطر من أجل رفع الحظر على ملفات الأداء الخاصة بكشوفات الحساب، إلى دفع مبالغ مالية للمهندس المتهم الذي رفض التوقيع عليها، رغم توقيع باقي المتدخلين بالولاية والوكالة ومكتب الدراسات. وبسط المقاول كرونولوجيا الفضائح التي طالت مشاريع مهمة بجهة الشمال، قبل سنوات، على عهد الوالي اليعقوبي، انطلاقا من تسلم المهندس مبلغا ماليا بمدينة الفنيدق قدره بحوالي 50000 درهم من أجل قضاء عطلة بسبتة، ثم مبلغ 10 ملايين سنتيم، بأحد مطاعم المدينة رفقة شخص ثالث، مما مكنه من الحصول على رضا المهندس الذي سارع إلى توقيع الكشوفات التي كانت موضوع اعتراض. وفجر المقاول فضيحة من العيار الثقيل، عندما أكد أن المهندس اتصل به هاتفيا وطلب منه مبلغ 200000 درهم كرشوة، مقابل غض الطرف عن تجاوز الشركة للآجال المحددة في دفاتر التحملات والأشغال، وإسقاط ذعائر التأخير عن شركته، مدعيا حسب تصريح المقاول المشتكي، أنه سيسلم مبلغ الرشوة إلى الكاتب العام السابق لولاية طنجة تطوان الحسيمة، مضيفا أنه سلم نصف المبلغ إلى المهندس، قبل أن يتفاجأ بالإبقاء على ذعيرة التأخير.