شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

الحاجة لـ«ركركة» الكرة

غيرت انتصارات المنتخب المغربي المفاهيم، تبين لكثير من الأسر المغربية أن ابنا موهوبا في لعبة الكرة خير من تلميذ نجيب.

أكبر مستفيد من وصول المنتخب المغربي للمربع الذهبي في المونديال هي مدارس تعليم كرة القدم الخصوصية، التي وضعت لوحة على أبوابها تحمل عبارة: «نهاية التسجيل»، بعد أن امتلأت ملاعب المدرسة كما تمتلئ حقينة السدود في موسم ممطر.

انتهت صلاحية القول المأثور الذي تبناه الكسالى لسنوات : «إلا ماجابها القلم يجيبها القدم»، أو لنقل إن هذه المقولة خضعت لتعديل اضطراري، غير ملامحها وأضحت معكوسة حتى تساير الوضع الحالي «إلا مجابها القدم يجيبها القلم».

 هذه القولة وجدت في المدربين والسماسرة سندا لها، نشروا دعوتها أقنعوا الآباء والأمهات والمدرسين بتبنيها، فرسخوا في أذهان النشء صورة لعبة تقطر مالا، ورسموا  في مخيلتهم ملامح منظومة تعليمية خصوصية مكلفة لا تفتح أبوابها إلا لمن استطاع إليها سبيلا.

المظهر المشرف للمنتخب المغربي في مونديال قطر جعلنا نعيد النظر في مضامين سطور التقرير التنموي، حين ربط الرياضة بالتربية، فتبين أن القران بينهما مسألة وقت، وأن تعيين بن موسى سيضعه أمام امتحان تنزيل ما أوصى به فريق عمله. صحيح أن بن موسى لا يملك عصا موسى، لكنه مطالب اليوم بإخضاع توصياته لتعديلات اضطرارية، وربط الرياضة بالدراسة وتنزيل برنامج «رياضة ودراسة» في جميع المؤسسات التعليمية.

اليوم يسترق الكثير من الآباء النظر في أبنائهم، ليروا ما إذا كانت لهم القدرة على أن يصبحوا نجوما للكرة وينتشلوا أسرهم من الخصاص، يتراقص أمام عيون الأمهات حلم المثول بين يدي ملك البلاد، يمنين النفس بموهبة تدخلهن إلى القصر.

في زمن مضى كانت الأم تنهر ابنها حين يمضى وقتا طويلا في ممارسة الكرة، اليوم تغيرت المفاهيم إذ كلما قضى وقتا طويلا في مراجعة دروسه تنهره وتدعوه للاهتمام بواجباته الكروية، «حيد الدفاتر وديها شوية في الكرة».

في عز الطفرة الكروية سنعيش تحولا جذريا في المنظومة التعليمية، وقد لا نستغرب إذا استدعى مدير مدرسة ولي أمر تلميذ وأشعر بغياب ابنه عن حصص الرياضة ونبهه لخطورة تخلفه عن الانضمام لفريق المؤسسة.

من وراء هذا التحول؟ إنه مدرب من طينة أخرى اسمه وليد، لقد سخر موهبته لإقناعنا بشخصية المنتخب وقدرته على تحطيم الأصنام القديمة، علمنا كيف نسعى لهزم خصومنا نفسيا، وكيف نجعل من رضا الوالدين نوعا من «الدوباج» الحلال. هذا الرجل ألغى الكثير من الألسنة بل وأعادها إلى الأفواه، تصدى للكائنات التي كانت تنتظر فوز المنتخب لتخرج إلى العلن وتنشد قصائد المديح، وتنتظر هزيمته لتخرج سياط الجلد.

وليد كان مدربا وناطقا رسميا باسم الفريق الوطني و«بارشوكا» أماميا ضد الكدمات التي تتسلل للاعبي المنتخب، لقد قلص من اختصاصات المنتفعين واختزل عمل الناطق الرسمي في التنسيق مع المؤثرين وتوزيع التذاكر على الصحافيين رغم أنهم مدججون بـ«بادجات» تيسر لهم العبور إلى المدرجات.

نحن اليوم نعيش زمن «ركركة» الرياضة المغربية، نحن في أمس الحاجة لأكثر من ركراكي يؤمن بحظوظه ويقاتل من أجل مبادئه، لكن هناك من أساء فهم الفكر الركراكي، فتسلح بالنية لبيع التذاكر في السوق السوداء، وحين سمع «سير سير» اعتقد أنه الطريق السيار نحو الثراء السريع، فانطبق عليه القول المأثور «راه راه والغوت وراه».

نجح وليد في جعل لاعبيه بعيدا عن رجال السياسة، وكلما اقترب من المعسكر عضو يهوى جمع الصور والتذاكر، وضع في ممرات الفندق لوحات التشوير وأعلن حالة طوارئ في بهو الاسترخاء. كان وليد يفهم نوايا عشاق ركوب الأمواج لذا احتفظ لهم دوما بمخرج طوارئ.

حسن البصري 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى