قبل يومين، وجهت البرلمانية، فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالا كتابيا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، حول تذمر الأسر المغربية من جشع أرباب التعليم الخصوصي. ومع كل دخول مدرسي، يثور الجدل السياسي والإعلامي حول ارتفاع رسوم التسجيل وارتفاع أسعار الواجب الشهري، بالإضافة إلى فرض المؤسسات التعليمية الحرة على الأولياء شراء الكتب المدرسية منها دون مراعاة وظيفتها التربوية، ومع ذلك يبقى الوضع على حاله، بل يزداد جشع لوبيات المدارس الخاصة، والسبب هو عدم قدرة القطاع الوزاري المعني على فرض الانضباط والحكامة في سوق المدارس الحرة.
وما يبعث، حقيقة، على التذمر أن وزارة التربية الوطنية تملك كل الآليات القانونية لدفع أرباب التعليم الخصوصي نحو التوقف عن هذا الجشع المفرط لكنها لا تفعل، سيما أن الأسر من الطبقة المتوسطة، التي تضطر لتعليم أبنائها بالقطاع الخاص، تواجه أزمة مالية حقيقية في تحقيق طموحاتها في التعليم والصحة.
والغريب في الأمر أن وزارة التعليم تدفن رأسها في الرمل بحجة الاختباء وراء قانون حرية الأسعار والمنافسة وما تفرضه الأنشطة الربحية، وكأن الأمر يتعلق ببيع الفواكه والخضر أو الاتجار في الملابس الجاهزة، بينما يتعلق الأمر برسالة التعليم وبواجب دستوري موكول ضمانه للدولة حتى لو تعلق الأمر بمدارس خاصة. ثم لا ننسى أن قانون المنافسة نفسه يشتمل على آليات تدخلية لضمان توازن الأسعار في لحظة صعودها الصاروخي، دون أن نتجاهل قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين الذي ينص على تنظيم قطاع التعليم الخاص، بحيث يُمكن الوزارة الوصية من الآليات القانونية والتشريعية لإعادة هيكلته وتنظيم خدماته وتحديد أسعاره، وهو الدور الذي لم يتم تفعيله إلى يومنا هذا .
ووسط قلب معاناة الأسر مع جشع لوبيات التعليم العالي ولامبالاة الوزارة المعنية، ننسى أنه، خلال العشرين سنة الأخيرة تقريباً، ازداد لجوء الأسر المغربية إلى تعليم أبنائها في المدارس الخاصة، والسبب هو مسار فقدان الثقة في المدرسة العمومية وجودة التعليم الذي تقدمه بسبب السياسات الفاشلة، ولذلك فتوجه الأسر إلى المدارس الخصوصية ليس قرارا مرتبطا بالترف، بل هو قرار «مضطر أخاك لا بطل». لو كنا نملك مدرسة عمومية بمواصفات الجودة والحداثة لما كنا في حاجة إلى مثل هاته النقاشات أصلا، ولا نبالغ إذا قلنا إن نية مبيتة سادت لسنوات لضرب التعليم العمومي لفائدة التعليم الخصوصي وجعله الوجهة الوحيدة لتدريس أبناء المغاربة.