شوف تشوف

الرأيالرئيسية

الجزائر والحق المغربي

 

 

خالد فتحي

 

لم لا تجعل الجزائر من موقف إسبانيا الجديد خلاصا تاريخيا لها من ورطتها، وتعلن على الملأ تأييدها للسيادة المغربية على الصحراء، فتصحح بهذا الإعلان سلوكا تدل كل القرائن والتحولات أنه يسير بها نحو طريق مسدود.

لست أفهم فعلا، لم كل هذه المكابرة.. ولم كل هذا العناد.. وهذه العزة بالفرقة والخصام.. أنملك أن نمنع الحق من أن يصدح؟ أو أن نمسك الشرعية عن أن ترشح؟

لماذا تتأخر الجزائر إذن كل هذا الوقت عن نقطة الوصول؟ ولماذا يستمرئ نظامها أن يناطح بإصرار الحجر والصندل؟ لماذا تبقي الانفصاليين بسجل حالتها المدنية ولا تتحلل؟ فوطنهم قد قال لهم، منذ زمن، إنه رحيم ويغفر. ليست الجزائر بالبلد الذي ينبغي أن يغيب عنه الحق المغربي في صحرائه، وما هي بالبلد الذي يجهل أن الصحراء هي لب الوجود المغربي، وأنها هي الجوهر.

 فقد آن لهذا الصراع أن يذوب وكفى أن يجتر.. ولشعوبنا أن تعتز بالوحدة وتفخر..

 أليست ترى الجزائر أن مدريد حين وضعت نقطة النهاية، قد بددت وهما قد طال كثيرا وعمر..

 أبدا لم تصبأ إسبانيا أو تتنصل، وإنما هي الآن ترشد وتتعقل.

 ومع كل السبق الإسباني، يقول المنطق ومعه التاريخ إن الجزائر أولى أن لا تتردد، وأجدر أن تعترف قبل الآخرين بسيادتنا على الصحراء المغربية.

المستقبل أيضا يفرض أن تقلب الجزائر الطاولة على نفسها، وأن تنتصر على ظلمها بأن تكف عنه، وتترك للأجيال المغاربية الحالية والقادمة حق الحلم في التنمية.. في الرفاه، وفي الوصول معا إلى القمة .

إلى متى نعيش اللامغرب عوض بناء المغرب الكبير؟ وحتى متى ننعش بفرقتنا بطالة الشباب، ونعمق يأسهم؟ وحتى متى تبحر قوارب الموت نحو الضفة الأخرى؟ حتى متى يفضل البعض منا مواجهة الحراكات، على أن يواجه أحقاده وضغائنه وثاراته القديمة المتوهمة؟

الآن قد حصحص الحق وسطعت شمس الحقيقة، فهل للجزائر أن تنخرط في هذه الديناميكية التي أطلقها الاعتراف الإسباني، فأطلق معها رصاصة الرحمة على هذا الصراع المفتعل، إنه الاعتراف الذي جعل إسبانيا تغتسل من الخطيئة الأولى حين ولادة ما سميت بالبوليساريو، وهو ما يثبت أن الدول أيضا كما الأفراد، لا تطيق عذاب الضمير وكتمان الشهادة إلى ما لا نهاية. فلماذا يترك ضمير الشعب الجزائري ليتعذب؟

إسبانيا دليل أوروبا في هذا الملف، لأنها الخبيرة العارفة بكواليس ومجاهل الصراع، وهي أيضا الصانعة الرئيسة لمواقف أمريكا الجنوبية بخصوص الصحراء المغربية، لأسباب تاريخية وثقافية، وبالتالي ليس للمغرب مستقبلا إلا الانتصارات يحصدها، فهلا كانت الجزائر معنا قبل كل المؤيدين لمغربية الصحراء، وسبقت كل من تبقى من الدول إلى الاعتراف بحقنا التاريخي؟

لا نسعى أبدا لجزائر مهزومة، وإنما لجزائر منتصرة برزانتها… جزائر تضع يدها في يد المغرب لبناء المغرب الكبير، الذي لا فرق فيه بين مغربي وجزائري وليبي وموريتاني وتونسي، مغرب لا حدود فيه.. أليست الحدود من صنع الاستعمار؟ ثم أنقسم بلداننا أكثر مما قسمها لنا المحتلون؟

ألا يمكننا أن نكتب معا التاريخ، ونثبت للعالم أننا أمة واحدة، وملة واحدة، ومصير مشترك؟

توجد الكرة مرة أخرى بملعب الجزائر، وهي تملك أن تضع حدا لكل هذا الشتات، وهذا التنابز الذي لا يليق، فتونس تختنق، وديمقراطيتها تئن وتترنح، بسبب ضعف الاقتصاد وضيق العمق الترابي، وليبيا تتفتت لغياب مشروع مغاربي طموح يتجاوز فرقتها، ويسفه احترابها حتى يصير غير ذي موضوع، وموريتانيا الفتية قد أعياها خلاف الشقيقين، وتتطلع إلى الانصهار الكبير حيث نتقدم جميعا، والجزائر نفسها لا حل لأدوائها إلا في الالتحام مع المغرب، وفي ركوبها القطار السريع الذي يربط نواكشوط والرباط والجزائر وتونس وطرابلس، والمغرب يبقى دائما البلد الذي لا تتحقق هويته الكاملة الحقة إلا في الاتحاد المغاربي.

نتمنى أن تزيل الجزائر الدولة نظارتها السوداء، وتنظر إلى المستقبل الباسم، وتبارك القرار الإسباني، وتنسج على منواله، فهو يزودها بالحيثيات ويهيئ لها سياق التحول إلى مساندة الحق المغربي في الصحراء المغربية. هي بذلك سوف تحقق أولا أمنية الشعب الجزائري، الذي قد فهم قبل حكامه أن لا ناقة له ولا جمل في افتعال مشكل جنوب المغرب. وتجيب عن الحراك المكتوم بالقرارات الصائبة الشافية. وتلبي أيضا رغبة كل المغاربة وكل المغاربيين، الذين سيحتفون بالقرار الجزائري كتحول وكمنعطف تاريخي يحيي لدى مغربنا العربي الآمال الذابلة، ويدفعه دفعا إلى استعادة ألق الأمجاد الغابرة.

نتمنى للجزائر أن تثبت للعالم أن الدم المغاربي مهما طال الزمن لا يتحول إلى ماء، وأن العروبة باقية، وأنها الأجدر بأن تقر بسيادة المغرب على صحرائه قبل إسبانيا، وألمانيا، فرنسا، وروسيا، وأمريكا، ودول العالم جمعاء. فأنا أمني النفس بأن أرى اليوم قبل الغد حكومتنا الفيدرالية، وبرلماننا المغاربي الموحد. لماذا نظل نتفرق… لماذا لا نتكتل، والكل حولنا يتكتل؟

نحن باختصار نريد من الجزائر.. جزائرنا.. أن لا تكون أول من خذلنا… وتكون فوق ذلك آخر من ينصرنا.

نافذة:

مع كل السبق الإسباني يقول المنطق ومعه التاريخ إن الجزائر أولى أن لا تتردد وأجدر أن تعترف قبل الآخرين بسيادتنا على الصحراء المغربية

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى