الجزائر.. حقيقة كورونا وحقيقتنا
بومقورة زين الدين
مع غزو فيروس كورونا للعالم، والجزائر جزء من هذا العالم، أردنا أن نوضح رأينا من بعض النقاط حول الداء وحول تعامل الجزائريين دولة وشعبا مع تطورات أوضاعه. أولا في الغالب سيصيبنا كورونا جميعا إن آجلا أم عاجلا وهذا في صالح وضعنا الصحي والحياتي أيضا. فحسب ما تتبعناه من ملاحظات الصينيين ونتائجهم أن أكثر من ثمانين بالمئة من المصابين كانوا بلا أعراض وأكثرهم الأطفال والشباب وهذا جيد. الباقي هم فئة كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مستعصية أو أمراض متعددة، وهؤلاء هم من يستحقون كل الجهود المبذولة للحفاظ على حياتهم.
الفيروس سيدخل أجسامنا وسيعمل جهازنا المناعي على مواجهته وقراءة تركيبته وإنتاج مضاد له وهذه العملية تتطلب وقتا وتحتم في بعض الحالات مضاعفات كارتفاع الحرارة والسعال وأحيانا مضاعفات خطيرة كإصابة الجهاز التنفسي مما يحتم وضع المريض في قسم الإنعاش.
الكثير من الدول ومراكز البحث تعمل جاهدة لإنتاج تطعيم وهو الهدف الأول لضمان حماية أكيدة وإنتاج دواء يقلل من المضاعفات وخاصة الخطيرة التي تستلزم الإنعاش وما دواء الملاريا إلا محاولة من هذه المحاولات.
وأثناء متابعتنا لتطورات الفيروس في العالم استوقفنا حديث مسؤول نيويورك وحال المدينة، والذي شرح لمواطنيه وبلغة واضحة وصريحة الأوضاع وطلب المساعدة من الولايات الأخرى ومن الحكومة الفدرالية والرئيس ترامب وأكد حاجة نيويورك وحدها والآن إلى ثلاثين ألف جهاز تنفسي، وأكد أنه لا يطلب المساعدة لإيقاف الفيروس أو الوقاية منه وإنما للحفاظ على حياة مواطنيه من كبار السن وأعطى مثالا بأمه وأم كل واحد من الأمريكيين.
رئيس وزراء بريطانيا اختار المناعة الجماعية أولا ولكن لما رفعت له تقارير تتحدث عن أكثر من مئتين وستين ألفا سيموتون غير رأيه وفرض الحظر لمدة ثلاثة أسابيع. وحتى الهند قررت بقاء أكثر من مليار شخص ببيوتهم. كل العالم يحاول الحفاظ على آبائنا وأمهاتنا ولو أدى ذلك إلى انهيار العالم.
في مقابل ذلك لاحظنا وبأسف تصرف بعض أشباه الجزائريين كاستمرار التجمهر والتقاتل من أجل السميد والاستمرار في الأعراس وغيرها من السلوكيات التي تدل على قلة الوعي وأكدت لنا مقولة أن الجاهل يفعل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه.
لكن حمدا لله نسبة الوعي والسلوكيات الصحيحة ارتفعت الآن وستكون الغالبة إن شاء الله.
اما مواجهة الدولة للفيروس فرغم اننا لا نراها مثالية إلا أنها مقبولة على العموم وستجنبنا الحالة الإيطالية ولكن نرى ضرورة التعجيل بإقحام قدرات الجيش الطبية الميدانية وخبراته في تسيير الجموع وفرض الحظر والأمن أيضا.
ولا نريد جلد أنفسنا من الأن بسرد غياب العلم ومكانة العلم والعلماء في مجتمعنا على حساب لاعب الكرة ونجم الغناء والمال وسنترك ذلك بعد انتهاء الأزمة العالمية .
وسنشير فقط إلى بعض النقاط التي ساهمت وتساهم إن استمرت في إضعاف تسيير الدولة الجزائرية للأزمة ومنها غياب مصادر إعلامية موثوقة تعطينا الإحصاءات أو تستضيف خبراء حقيقيين يشرحون ويطمئنون الشعب.
غياب مرجعية فكرية وعلمية تبعث الأمل والطمأنينة في نفوسنا وتؤكد لنا على الأقل أننا لن نموت دون قتال هذا الفيروس. كذلك غياب مرجعية دينية تتحمل عبء غلق المساجد أو طرق دفن الميت بسبب كورونا وتبين للناس سبيل الدعاء والاستنجاد برب العباد.
أما الرئيس تبون فرغم حداثة عهده وهشاشة وضعه إلا أنه لعب دورا مقبولا ولكن عليه الظهور كرجل قرارات أكثر حزما، خاصة أن الوضع سيطول وسيتطلب صبرا وجهدا وأموالا لا نملكها أساسا، خاصة مع تدهور أسعار النفط، ولإعطاء صورة بسيطة عن الأموال اللازمة ألمانيا خصصت ثمان مئة واثنين وعشرين مليارا لدعم اقتصادها ومواطنيها، وبلجيكا خمسين مليارا لأزمة كورونا فقط، أما كندا فاثنين وثمانين مليارا لتغطية تداعيات كورونا.
في الأخير نرجو الله العلي القدير أن يسدد خطانا وأن يمنح أصحاب خط المواجهة الأول من أطباء وممرضين وغيرهم الشجاعة والصبر والثبات.