إعداد: مونية الدلحي
يتسم اضطراب الميل الجنسي للأطفال، المعروف علميا باسم البيدوفيليا، بالإثارة والتخيلات الجنسية الشديدة المتكررة أو الحوافز أو السلوكيات التي تشمل المراهقين قبل سن البلوغ أو المراهقين الصغار عادة أقل من 13 سنة. ويتم تشخيصه فقط إذا كان عمر الأشخاص المضطربين يفوق الست عشرة سنة.
البيدوفيليا، أو اضطراب الميل الجنسي للأطفال، هو شكل من أشكال الاضطرابات التي تسبب ضررا للآخرين، وبالتالي يعتبر اضطرابا خبيثا.
تمثل الاعتداءات الجنسية على الأطفال نسبة كبيرة من الجرائم الجنسية المبلغ عنها، بالنسبة للمراهقين الأكبر سنا، أي من سبعة عشر إلى ثمانية عشر عاما، قد لا يستوفي الاهتمام الجنسي بالأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين اثنتي عشرة وثلاث عشرة سنة المعايير السريرية للاضطراب. ومع ذلك، قد تختلف المعايير القانونية عن معايير الطب النفسي. فعلى سبيل المثال، قد يكون النشاط الجنسي بين شخص يبلغ من العمر 19 سنة و16 سنة جريمة وليس اضطرابا في ممارسة الجنس مع الأطفال.
الفئة المتحرشة
معظم المتحرشين بالأطفال هم من الذكور، قد ينجذب هؤلاء المضطربون إلى الفتيان أو الفتيات على حد سواء، وعادة ما يفضل مشتهو الأطفال الأطفال من الجنس الآخر على الأطفال من الجنس نفسه في بعض الحالات. وفي معظم الحالات، يكون الشخص البالغ المعتدي معروفا للطفل وقد يكون أحد أفراد العائلة أو زوج الأم مثلا أو شخصا في السلطة مثلا، مدرسا أو مدربا. وفي هذه الحلات عادة ما يلاحظ حدوث التلامس أكثر من الاتصال الجنسي المباشر، وقد ينجذب أصحاب هذا الاضطراب إلى الأطفال فقط ومنهم من قد ينجذب للأطفال وحتى البالغين، وهناك حالات من المرضى الذين ينجذبون للأطفال الذين لديهم معهم صلة قرابة.
شخصيات معادية للمجتمع
قد يستخدم مشتهو الأطفال المفترسون، وكثير منهم من المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، القوة والتهديد لإلحاق الأذى الجسدي بالطفل أو حيواناتهم الأليفة إذا تم اكتشاف أمرهم.
الحالة النفسية للمضطربين
إن الأشخاص المصابين بهذا النوع من الاضطراب الذي يسيء بشكل خاص للأطفال، هم أشخاص غالبا ما يتعاطون المخدرات بشكل كبير ويصابون بحالات من الاكتئاب، وعادة ما تكون لديهم مشاكل كثيرة في الأسرة وعانوا منها مع آبائهم في المنزل، أو لديهم تاريخ مع الاعتداء الجنسي، بحيث يكونون قد تعرضوا للاعتداء في الصغر، أو كانوا ضحية للعنف الأسري أو نتيجة زواج فاشل ومنزل يكثر فيه الصراخ والصداع. كما تشمل الاضطرابات المرضية المشتركة الأخرى اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط واضطرابات القلق واضطراب ما بعد الصدمة.
التشخيص
يعد الاستخدام المكثف للمواد الإباحية المتعلقة بالأطفال علامة موثوقة على الانجذاب الجنسي للأطفال وربما المؤشر الوحيد على الاضطراب. ومع ذلك، فإن استهلاك المواد الإباحية للأطفال، في حد ذاته، لا يفي بمعايير اضطراب التحرش الجنسي بالأطفال، على الرغم من أنه غير قانوني بشكل عام.
إذا نفى المريض أي انجذاب جنسي للأطفال، لكن الظروف تشير إلى خلاف ذلك، فيمكن استخدام أدوات تشخيص معينة لتأكيد هذا الانجذاب. وتشمل الأدوات تخطيط حجم القضيب للرجال، وتخطيط الدم الضوئي المهبلي (للنساء) ووقت استشارة المواد المثيرة، ومع ذلك، فإن امتلاك مثل هذه المواد، حتى لأغراض التشخيص، قد يكون غير قانوني في بعض الدول.
التقييم السريري
معايير التشخيص السريري، استنادا إلى الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، لاضطراب الميل الجنسي للأطفال، هي:
في حالة كانت التخيلات أو السلوكيات الجنسية المتكررة والمكثفة التي تنطوي على طفل أو أطفال قبل سن البلوغ أو قبل سنة الثالثة عشرة، موجودة لمدة ستة أشهر.
تصرف الشخص بدافع أو بضيق شديد أو تمت إعاقته بسبب الاندفاعات والتخيلات. إن الشعور بالضيق، بسبب هذه الحوافز أو السلوكيات، ليس شرطا للتشخيص.
إذا كان عمر الشخص يفوق ست عشرة سنة، وأكبر من الطفل الذي يكون هدفا للتخيلات أو السلوكيات بأكثر من خمس سنوات، ولكن باستثناء إذا كان هناك مراهق أكبر سنا في علاقة مستمرة مع طفل يبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة.
غالبا ما يثير تحديد جنس الأطفال أسئلة أخلاقية لأخصائي الرعاية الصحية. ومع ذلك، يتحمل مقدمو الرعاية مسؤولية حماية المجتمع من الأطفال. ويجب أن يعرف الأطباء شروط الإبلاغ عن حالة الاعتداء الجنسي على الأطفال التي تتطلبها الدولة. وإذا كان لدى الممارسين شك مشروع في الاعتداء الجنسي أو الجسدي على الأطفال، فإن القانون يتطلب إبلاغ السلطات، وتختلف متطلبات الإبلاغ حسب كل بلد.
العلاج
يخضع المصاب بهذا الاضطراب، عادة، لعلاج نفسي وعلاج الأمراض المصاحبة، كما يخضع لعلاج دوائي.
العلاج الدوائي قد يحتوي مثلا على مضادات الأندروجين ومثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية.
عادة ما يكون العلاج النفسي طويل الأمد، فرديا أو جماعيا، ضروريا ويمكن أن يكون مفيدا بشكل خاص عندما يكون جزءا من نهج علاجي متعدد الوسائط، يتضمن التدريب في العلاقات الاجتماعية، وعلاج الاضطرابات النفسية والجسدية المرضية، والعلاج بالعقاقير.
ويكون علاج الاعتداء الجنسي على الأطفال أقل فعالية عندما يتم فرضه، وفي بعض الدول الأوروبية فإن مرتكبي الجرائم الجنسية استفادوا من علاجات، مثل العلاج النفسي الجماعي، بالإضافة إلى مضادات الأندروجين. والنتيجة أنه في بعض الدول الأوروبية قد ينجح العلاج ويمتنع بعض المتحرشين بالأطفال الذين التزموا بالعلاج والمتابعة عن أي نشاط ميول للأطفال وقد تتم إعادة دمجهم في المجتمع. ومن المرجح أن يتم الحصول على هذه النتائج في حال عدم وجود اضطرابات نفسية أخرى، وخاصة اضطرابات الشخصية.
العلاجات بالأدوية المتاحة للمصابين بالاضطراب
في الولايات المتحدة، العلاج المفضل للاعتداء الجنسي على الأطفال هو «الميدروكسي بروجستيرون أسيتات» الذي يعمل عن طريق منع إنتاج الغدة النخامية للهرمون الملوتن «LH» وهرمون تحفيز الجريب «FSH»، يقلل «الميدروكسي بروجستيرون» من إنتاج هرمون التستوستيرون، وبالتالي يقلل من الرغبة الجنسية. فضلا عن أن هرمون الغدد التناسلية المطلق لهرمون «ليوبروليد»، الذي يقلل من إنتاج الغدة النخامية لـ (LH) و (FSH)، وبالتالي يقلل من إنتاج هرمون التستوستيرون، هو أيضا خيار ويتطلب حقنا عضلية أقل تكرارا عن «الميدروكسي بروجستيرون». ومع ذلك، فإن التكلفة عادة ما تكون أعلى من ذلك بكثير، ويستخدم «الأسيتات سيبروتيرون»، الذي يحجب مستقبلات التستوستيرون.
في أوروبا تجب مراقبة مستويات هرمون التستوستيرون في الدم والاحتفاظ بها في نطاق يتوافق مع المستويات الطبيعية، عند الإناث عادة ما يكون العلاج طويل الأمد، حيث تتكرر التخيلات المنحرفة لبضعة أسابيع أو أشهر بعد التوقف عن العلاج. ويجب إجراء اختبارات الكبد ومراقبة ضغط الدم وكثافة المعادن في العظام وتعداد الدم الكامل حسب الحاجة. إن فائدة مضادات الأندروجين في ميول الأطفال للإناث أقل حاجة.
كيف نحمي أطفالنا من التحرش الجنسي؟
بالرغم من أن أطباء النفس يعرفون الأشخاص المعتدين على الأطفال بأنهم أشخاص يعانون من اضطراب نفسي ويجب علاجهم، إلا أنه في الكثير من الحالات لا يمكن أبدا التعرف على هؤلاء المضطربين المتواجدين في المجتمع وينتشرون هنا وهناك، وقد لا يتم التعرف عليهم إلا بعد أن يتسببوا في جرائم تستهدف الأطفال.
هنا يأتي دور الأسرة في حماية أطفالها والمجتمع ككل، وهنا يظهر دور التربية الذكية، فمن المهم جدا على الآباء تعليم أبنائهم، منذ سنواتهم الأولى، الابتعاد عن الغرباء وعدم الحديث معهم أو مرافقتهم بالرغم من كل المغريات التي قد يقدمونها لهم، كما يجب إرشاد الطفل وتنبيهه إلى أن عليه منع أي شخص مهما كان أن يتلمس جسده أو يلمس جهازه التناسلي أو مناطقه الحساسة أو ينزع عنه ملابسه، ويجب تعليمه أن عليه القيام برد فعل في حال طلب منه أحد مرافقته أو شعر بالخطر، وذلك عبر الصراخ بصوت عال أو الهرب إذا أمكن ذلك.