شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

الجامعات الأمريكية «المُحتلة»..

يونس جنوحي

مع اقتراب حسم السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض، في أشهر انتخابات يتابعها العالم أجمع، تفجر في الولايات المتحدة هذه الأيام نقاش أكاديمي، يتوقع الخبراء أن يعرف منحى أكثر خطورة، بعد الانتخابات. إذ إن أكاديميين أمريكيين حذروا هذه الأيام من اختراق ثقافي صيني في قلب الولايات المتحدة الأمريكية، بل وذهبوا بعيدا إلى القول إن بعض الكتب الأكاديمية والمقررات التي تعتمدها بعض الجامعات داخل الولايات المتحدة الأمريكية، مدعومة من طرف الحزب الشيوعي!

دونالد ترامب، الذي بنى ولايته السابقة على مهاجمة الصين وتطويق الاقتصاد الصيني، بلغ حد منع خدمات التكنولوجيا العالمية عن أشهر الهواتف الصينية، لحد انتشارها في السوق الأمريكية، سوف يكون أمام امتحان عسير، في حال نجاحه في الفوز بالانتخابات. والأمر نفسه يتوقعه المحللون أيضا بالنسبة إلى كمالا هاريس، إن هي وصلت إلى البيت الأبيض، إذ إن حزبها دعا خلال ولاية الرئيس الحالي، حليفها «بايدن»، إلى فرض مزيد من القيود على الشركات الصينية، وزيادة الضرائب على المنتجات الصينية التي تدخل تراب الولايات المتحدة.

هذا الخبر الذي فجرته صحف دولية، ونقلته صحف آسيوية من بينها «سينغافورة بوست»، أشار إلى مدى خطورة درجة اختراق أفكار الحزب الشيوعي الصيني للجامعات الأمريكية، من خلال الكتب التي يعتمدها بعض الأكاديميين في تدريس طلبة تخصصات عديدة.

ونقلت الصحافة الدولية ما نبهت إليه الباحثة في أحد مراكز المعلومات، السيدة «سينثيا صن». هذه الباحثة قالت إن الكتاب المدرسي الذي يحمل عنوانا يمكن ترجمته كالآتي: «مناقشة كل شيء صيني»، والذي يدخل في المناهج المقررة في دورات اللغة الصينية في مختلف الجامعات الأمريكية، يعزز بقوة الدعاية المناهضة لما يعرف في الصين بأتباع الـ«فالون غونغ». وهي ممارسة تأمل روحاني وطقوس متجذرة في الثقافة البوذية. عُرفت هذه الممارسة الجديدة في الصين سنة 1992، واكتسبت شعبية كبيرة، وبلغ عدد معتنقيها في الصين مع نهاية التسعينيات أكثر من 100 مليون ممارس. وهي في الأساس تدعو إلى التسامح ونبذ العنف.

لكن الحزب الشيوعي الصيني فرض عليها تطويقا غير مسبوق، وصادر الكتب التي تعرف بها وبأنشطة المنتسبين إليها.

والفضيحة أن الكتاب المعتمد حاليا في الجامعات الأمريكية، يدافع عن طرح الحزب الشيوعي الصيني ويبرر أسباب منع هذه الأنشطة «الروحية» ويهاجم المنتسبين إليها، ويدافع عن الحزب الصيني الحاكم.

بل إن التقارير التي فجرت هذا الموضوع تؤكد أن المنتسبين لهذا التيار في الصين، تعرضوا للتعذيب والاحتجاز، وهناك حالات اختفاء قسري منذ التسعينيات، ولم يظهر أثر للضحايا موضوع الاختفاء إلى اليوم.

كيف لم ينتبه المشرعون الأمريكيون إلى هذا المد الثقافي، في قلب الولايات المتحدة؟

في السنوات الأخيرة، دعا بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، في إطار المجهودات الحزبية، إلى الحد من تأثير المبادرات التعليمية المدعومة من الحكومة الصينية، داخل الجامعات الأمريكية.

لكن بدا واضحا الآن، أن المشرع الأمريكي والممسكين بزمام السلطة، قد انشغلوا أكثر بخوض المعارك الاقتصادية في مطارات الولايات المتحدة وبورصاتها وموانئها البحرية، ضد المنتجات الصينية، ونسوا «باب الجامعة» مفتوحا على مصراعيه.

أنفقت الولايات المتحدة ملايير الدولارات خلال العقود الماضية لمراقبة الأنشطة الشيوعية، حتى أن الحكومة أصدرت أحكاما قاسية بلغت الإعدام والسجن المؤبد في حق من ثبت أنهم يمارسون أنشطة شيوعية، فوق تراب الولايات المتحدة. وها هي اليوم تشاهد «مشلولة»، كيف أصبحت الأفكار الصينية تسبح بحرية بين أروقة الجامعات الأمريكية.

يعلق الخبراء، بنوع من السخرية السوداء، بالقول إن انتشار كتب الحزب الشيوعي الصيني في مناهج دورات اللغة الصينية، وغيرها من التخصصات الجامعية، داخل الولايات المتحدة، كان ليأخذ القائمين والمسؤولين الحكوميين على الجامعات الأمريكية إلى المشنقة مباشرة، لو أن ما وقع الآن قد حدث خلال مواجهة الحكومة الأمريكية بحزم للشيوعية، قبل ستين سنة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى