الثروة الخضراء
أفرجت وزارة الداخلية عن تفاصيل دراسة الجدوى، التي أعدتها حول تقنين القنب الهندي لاستخدامه لأغراض طبية. الدراسة تقول إنه بحلول عام 2028 ستجني ميزانية الدولة 25 ألف مليار سنتيم مداخيل القنب الهندي، وإن الموارد السنوية بعد تقنين عشبة الكيف ستتراوح بين 4200 و6300 مليار سنتيم، وأكثر من ذلك أن عائدات الفلاح سترتفع لتصل إلى 11 مليون سنتيم للهكتار الواحد، بالإضافة إلى أن قانون الكيف لن يتجاوز دائرة شرعنة الزراعة والاستعمال الطبي، ولن يمس بالقوانين الأخرى ذات الطابع الجنائي أو الفلاحي أو الاستثماري.
سيكون إذن من العبث بعد ظهور خلاصات دراسة الجدوى، أن يستمر النقاش السياسوي حول تأييد أو رفض القانون، فبغض النظر عن تداعياته الحقوقية الإيجابية التي ستوقف الملاحقة القضائية لحوالي 60 مواطنا متابعين بتهم زراعة الكيف ويعيشون في ظروف مأساوية، فإن القانون يوفر فرصا استثمارية بالمناطق الشمالية، لا يمكن لأي دولة أن ترفضها بحجج سياسية واهية، كما يحدث لدينا مع الحزب الحاكم، الذي وافق رئيسه ووزراؤه على القانون بمجلس الحكومة، ويحرضون على رفضه بالبرلمان، بسبب توازنات تنظيمية لا علاقة لها بمصلحة الوطن.
الجميع يدرك أن مواقف الحزب الحاكم لا تعدو أن تكون شعارات صوتية، يحاول من خلالها التعويض عن تآكل شرعيته السياسية، بعد عشر سنوات حافلة بالفشل، حيث يتراءى له أن الركوب على رفض القانون سيعيد رتق بكارته السياسية والإيديولوجية المفقودتين. وفي سعيه المهووس بالحسابات السياسية الضيقة، يتناسى أنه بقراره الرافض أو حتى الممتنع، يقف بمزايداته المتهورة ضد المصالح العليا للدولة والمواطن.
سيكون إذن من العبث وقلة مسؤولية وكذلك ضربا من العبث السياسي أن يصوت الحزب الذي يقود الحكومة، الأسبوع المقبل، ضد القانون الذي وافق عليه وزراء الحزب، والخروج عن منطق الإجماع في قضية مصيرية، فقط لأن هناك حسابات داخلية حول التيار الذي سيقود الحزب خلال الولاية المقبلة. وبطبيعة الحال فإن سوابق الحزب تجعل كل الخيارات ممكنة، فهو اعتاد على ممارسة الشيء ونقيضه دون أدنى حرج.