التوظيف بـ”الكونترا “.. قنبلة اجتماعية موقوتة
زرع عبد الإله بنكيران العديد من القنابل الاجتماعية الموقوتة، القابلة للانفجار في أية لحظة، وترك جمرة الاحتقان الاجتماعي ملتهبة بين يدي حكومة سعد العثماني، حيث تعرف العديد من المدن والمناطق تنظيم مسيرات احتجاجية واعتصامات، فيما أعلنت العديد من المنظمات النقابية بمختلف القطاعات عن خوض احتجاجات وإضرابات، نتيجة تراكم العديد من الملفات والمطالب التي بقيت عالقة، ولاحظنا، خلال الأسابيع الماضية، نزول الآلاف من الأساتذة المتعاقدين إلى الشارع، وكيف حاولوا اقتحام باب القصر الملكي للوصول إلى مقر رئاسة الحكومة المتواجد بالمشور داخل أسوار القصر، لأن في عهد حكومته السابقة، تم تمرير قرار التوظيف المؤقت عن طريق التعاقد، أو ما يصطلح عليه التوظيف بـ”الكونترا”، الذي يهدف إلى ضرب الوظيفة العمومة.
وخلال الولاية الحكومية السابقة، نجح بنكيران في تمرير قرارات حكومية ملتوية، تهدف إلى ضرب الوظيفة العمومية، وبالتالي حرمان أبناء الشعب من حقهم في التوظيف من خلال فرض التوظيف عن طريق التعاقد، وتصفية الأساتذة المتدربين بطريقة انتقامية بسبب فضحهم لمراسيم فصل التكوين عن التوظيف. وفي منتصف عام 2014، وعد بنكيران بتكوين 10 آلاف إطار تربوي وتوظيفهم في القطاع الخاص أساتذة في المدارس الخصوصية، على أن يتم إدماجهم باتفاق مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب في هذه الوظيفة وفق شروط مجزية. غير أنه، إلى حدود نهاية 2016، تنكر لوعوده وللاتفاق الموقع، وأخلت المقاولات مسؤوليتها من توظيف آلاف الشباب الذين ربطوا الأمل بانتهاء تكوينهم وولوجهم مجال التربية والتعليم ولو مدرسين في القطاع الخاص.
احتجاجات المتعاقدين
من بين التدابير التي اتخذت في الولاية الحكومية السابقة، والتي أضحت مجال احتجاج ووقفات مستمرة وتجاذبات سياسية واحتقان متعدد الأشكال، مسألة تعاقد الأساتذة في إطار برنامج إصلاح منظومة التربية والتكوين، والتي تعرف أزمة لم يشهد المغرب مثيلا لها منذ الاستقلال، وخاصة التعليم العمومي. فالاكتظاظ وضعف البنية التحتية للاستيعاب وأزمة الموارد البشرية وضعف مناصب التشغيل ومشكل المناهج والبرامج المتجاوزة، مشاكل أدخلت القطاع في أزمة هيكلية مستمرة. ولتدارك ما يمكن تداركه، شرعت الحكومة السابقة منذ 2015 في التوظيف بالتعاقد، حيث ناهز العدد خلال السنة الحالية حوالي 70 ألف أستاذ متعاقد. ويرى المهتمون بهذا الملف الحارق، أن المشكل ليس في الصيغة التعاقدية في حد ذاتها، ولكن في الأجرأة سواء تعلق الأمر بالمتعاقدين من حيث حقوقهم وظروف عملهم وتكوينهم المستمر وتأهيلهم، أو من حيث اندماج العملية برمتها في مشروع الإصلاح في شموليته، والتي اتضح أنها غير واضحة المعالم وتميزت بكثير من التسرع. وخير دليل على ذلك الوقفات الاحتجاجية والمسيرات والاعتصامات التي يخوضها الأساتذة المتعاقدون.
وعاد أصحاب الوزرات البيضاء لاكتسح شوارع الرباط، حين نظم آلاف الأساتذة المتعاقدين من مختلف مناطق المغرب بالرباط، مسيرة وطنية دعت إليها التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد وثلاث نقابات تعليمية، وهي «الجامعة الوطنية لموظفي التعليم (ا و ش م)، والجامعة الحرة للتعليم (ا ع ش م) والجامعة الوطنية للتعليم (ا م ش)»، من أجل مواجهة ما يصفونه بسياسة «الآذان الصماء» التي تقابل بها الوزارة الوصية مطالبهم، حسب الداعين للمسيرة التي قالت النقابات الثلاث إن عدد المشاركين فيها تجاوز خمسة آلاف محتج، انطلقوا من باب العلو واتجهوا نحو شارع محمد الخامس حيث مقر البرلمان، ثم إلى مقر وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بباب الرواح، رافعين شعارات تطالب الوزارة بالتراجع عن «التعاقد» وإدماج الأساتذة في الوظيفة العمومية وفق الشروط والحقوق الاجتماعية في التقاعد والترقية والضمان الاجتماعي.
ورفع المتظاهرون لافتات ضد نظام «التعاقد» بصيغته الحالية في قطاع التعليم، واستنكروا إصدار الوزارة لـ«مشروع النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين»، بدون إشراك النقابات، الممثل الشرعي للشغيلة التعليمية، ورددوا شعارات تطالب الوزارة الوصية بـ«إدماج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في الوظيفة العمومية، مع ضرورة التوفير الآني للضمانات الحقوقية».
وطالب المحتجون بـ«إعادة النظر في كل الحالات التي تم إعفاؤها وفتح تحقيق لإنصاف المعنيين وضمان حقهم في الشغل إسوة بزملائهم»، وكذا مطالبة الوزارة بـ«التعجيل بصرف منحة الأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين فوج 2018». ولاحت في الأفق أزمة خانقة تضرب قطاع التعليم بعد إعلان الأساتذة المتعاقدين والذين تجاوز عددهم في القطاع 80 ألف أستاذ الخروج للتظاهر، في شبح يهدد بعودة اضطراب شبيه بأزمة الأساتذة المتدربين التي كانت قد ثارت بعد إعلان الحكومة السابقة لعبد الإله بنكيران عن مرسومين يقضيان بالتقليص من منحة التكوين وفصل التكوين عن التوظيف.
بنكيران زرع القنبلة
مشاكل وإضرابات قطاع التعليم والمرتبطة بالاحتجاجات الأخيرة، سواء للأساتذة المتدربين أو للمتعاقدين، تجد موضعها في القرارات الأخيرة لرئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران. فقد كان قرار فتح باب التعليم أمام التشغيل بالعقود من إقرار الحكومة السابقة يوما قبل نهاية ولايتها، حيث أصدرت الوزارة الوصية مرسوما للتوظيف بالتعاقد، وقالت إن هذا المرسوم كفيل بحل المشاكل الكبرى التي يعانيها القطاع، وعلى رأسها مشكل قلة الموارد البشرية، في وقت اعتبرت نقابات التعليم، حينها، أن المرسوم المتعلق بالتشغيل بالعقدة المصادق عليه من طرف المجلس الحكومي في يونيو 2016، يشكل «هجوما جديدا خطيرا وعدوانيا على مكاسب القطاع العمومي بهدف تفكيكه وتصفيته وخوصصته»، حسب بيان مشترك صادر عن نقابتين، قال إن المرسوم يمثل «استمرارا للعدوان الذي قادته الحكومة، والمتمثل في المرسوم المتعلق بفصل التكوين عن التوظيف، ومرسوم تقليص منحة الأستاذ المتدرب إلى النصف، ومرسوم تمديد العمل قسريا وجبريا بعد سن التقاعد لنساء ورجال التعليم، وحرمان الموظفين المستقيلين أو المشطب عليهم من الاستفادة من معاش نسبي أو مبكر، ومرسوم نقل الموظفين».
وبعد أزيد من عامين على توقيع العقود التي أقرتها الحكومة السابقة، تفجرت أزمة تهدد بخلخلة الأوضاع في قطاع التعليم، كانت مسيرة 20 فبراير أولى فصولها، وقد لا تكون الأخيرة بعد تهديد الأساتذة المتعاقدين الذين شكلوا تنسيقية لهم بالتصعيد في الاحتجاج وعقدهم العزم على «خوض العديد من الخطوات النضالية، على غرار مقاطعة التكوينات وحمل الشارة الحمراء، وإضراب أساتذة بعض الجهات، وعدد من الخطوات التصعيدية الأكبر والأشمل». فيما انتقد المحتجون عدم مبادرة الوزارة إلى «القيام بأي خطوة في اتجاه «حلحلة» الوضع؛ اللهم بعض مدراء الأكاديميات الذين اتخذوا مبادرات للتواصل وتسوية وضعية بعض الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد». فيما شدد المحتجون على مواصلة الإضرابات مهددين بـ«اتخاذ خطوات تصعيدية بالتزامن مع قرب الامتحانات في المستويات الإشهادية».
ضرب الوظيفة العمومية
أشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول البرنامج الاستعجالي إلى التوظيف بالتعاقد لتغطية الخصاص من المدرسين، مشيرا إلى تجاوز التوظيفات الفعلية التي تمت خلال فترة تنفيذ المخطط الاستعجالي الحاجيات الأصلية التي حددتها الوزارة، وبالتالي فإن الخصاص في هيأة التدريس يعد ظاهرة بنيوية في نظام التعليم. وقصد سد هذا الخصاص، تم توظيف 54927 مدرسا بالتعاقد خلال الفترة الممتدة من 2016 إلى 2018، وإلحاقهم مباشرة بالأقسام الدراسية، دون الاستفادة من التكوين المطلوب مما قد يؤثر سلبا على جودة التعليم. كما حذرت العديد من الفرق البرلمانية من الانعكاسات الاجتماعية لهذا القرار الحكومي الخطير الذي أشعل بؤر التوتر والاحتجاج بالعديد من المدن. ومن جهته، أبدى الاتحاد الوطني للأطر العليا المعطلة، كما النقابات، رفضه المطلق للمشروع المذكور، بعد اطلاعه على الشروط التي يتطلبها التعاقد بين الإدارة العمومية والخريجين حاملي الشهادات، عبر عقود قابلة للتجديد دون أن يترتب عنها إدماج المتعاقد معه في أسلاك الوظيفة العمومية إثر نهاية الفترة المحددة، وعبروا عن رأيهم حيال المشروع، عبر بيان يؤكدون فيه أن الصيغة المقترحة لن تكفل الشفافية المطلوبة في التوظيف، حتى وإن تم قبولها.
وخلافا لذلك، تنفي الحكومة أن يكون اعتماد التوظيف عن طريق التعاقد، يشكل أي خطورة على نظام الوظيفة العمومية القائم على المسار المهني، والمعمول به في المغرب منذ سنة 1958، والذي أصبح مضمونا دستوريا منذ 1962، علما أن دستور 2011 كرس هذه الضمانات من خلال مجموعة من المقتضيات المخصصة للمرفق العمومي. ويهدف اعتماد نظام التعاقد إلى استقطاب الكفاءات والخبرات في بعض المجالات بالإدارات العمومية، لاسيما قيادة المشاريع المهيكلة والأوراش الكبرى، وسد الحاجيات المؤقتة للإدارات العمومية من الموارد البشرية في بعض الوظائف، وتأهيل الأعوان المتعاقدين وتمكينهم من اكتساب خبرة وتكوين عمليين، بما ييسر لهم ولوج مختلف الوظائف العمومية.
ويرتكز نظام التوظيف في المناصب العمومية المعتمد حاليا، على التوظيف النظامي وفق مسطرة المباراة، وترسيم الموظف في درجة نظامية، وضمان تطور مساره المهني. وبالموازاة مع التوظيف النظامي، تم إعداد مرسوم بتحديد شروط وكيفيات التشغيل بموجب عقود بالإدارات العمومية، وذلك تطبيقا للفصل 6 المكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، يؤسس لنوعين من التعاقد، وهما التعاقد مع خبراء لإنجاز مشاريع أو دراسات أو تقديم استشارات أو القيام بمهام محددة، يتعذر القيام بها من قبل الإدارة بإمكاناتها الذاتية. ويستهدف هذا التعاقد الأشخاص ذوي الكفاءات، الذين يتوفرون على مستوى علمي لا يقل عن الإجازة، وعلى تجربة مهنية عالية، ويتم هذا التعاقد بعد موافقة رئيس الحكومة، وذلك لمدة محددة في سنتين على الأكثر، قابلة للتجديد دون أن تتجاوز مدة التعاقد الإجمالية أربع سنوات، ويتم تحديد عدد الخبراء الممكن تشغيلهم بالنسبة لكل قطاع وزاري بقرار لرئيس الحكومة، دون أن يتعدى عددهم 12 خبيرا بالنسبة لكل قطاع.
أما التعاقد الثاني، فيكون من أجل القيام بوظائف ذات طابع مؤقت أو عرضي، ويتم هذا التعاقد باعتماد مسطرة المقابلة، بعد إجراء انتقاء أولي بناء على ملفات الترشيح، وتحدد مدة التعاقد في سنتين على الأكثر، قابلة للتمديد لفترة إضافية واحدة في حدود المدة نفسها.
وأوضح محمد مبديع، وزير الوظيفة العمومية في حكومة بنكيران، أنه في كلتا حالتي التعاقد، فإن الأجرة المخولة للأعوان المتعاقدين، تحدد استنادا إلى قرار لرئيس الحكومة حسب المعايير المتعلقة بالمؤهلات العلمية والتجربة المهنية، وطبيعة المهام موضوع العقد.
فمنذ عقود والوظيفة العمومية في المغرب تعتمد التوظيف النظامي، وفق النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، الصادر سنة 1958، والذي يكرس آلية يتم تعيين الموظف وفقاً لها، في وظيفة قارة، ويُرسّم في درجة معينة، لكن فكرة مشروع التوظيف بالتعاقد جاءت، بحسب الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، بناء على ما وصفته بـ«التطور» الذي عرفه التدبير العمومي في السنوات الأخيرة، خصوصاً من حيث تنوع حاجيات ووظائف الإدارة العمومية، وتطور وسائل وآليات عملها، ما جعلها تعمل على خوصصة عدد من القطاعات، بإشراك شركات القطاع الخاص، في تقديم وتجويد الخدمات العمومية، لاسيما منها ذات الطابع العرضي والتقني، والتي تتطلب سرعة وإمكانات وكفاءات عالية قد لا تتوفر عليها الإدارة العمومية بالشكل الكافي أو المطلوب.
النقص الحاصل في هذا الصدد، بحسب الوزارة نفسها، هو ما جعل التفكير في آلية جديدة مرنة وملائمة وفعالة للتوظيف ضرورياً، بل لزاماً في عهد الحكومة الحالية، في وقت تعيب أحزاب المعارضة على هذه المنهجية في العمل، أنها مجرد حلول ترقيعية، تغطي عجز الحكومة عن السير قدماً في ما يخص ملف التشغيل، الذي أبانت فيه عن عجز كبير ظهر جلياً خلال السنوات الأربع التي قضتها الحكومة في التدبير، مقارنة مع السنوات الماضية.
وبذلك يبقى منطلق تجويد الخدمات العمومية، وإدخال كفاءات عليا عليها، هو التبرير الذي اعتمدته الحكومة، بعدما سبق للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، أن عرف سنة 2011 تعديلاً بموجب الفصل 6 المكرر من القانون رقم 50.05، الذي يقضي بإضافة طريقة جديدة في التوظيف، إلى جانب التوظيف النظامي في الوظائف القارة، متمثلة في «تشغيل أعوان عن طريق التعاقد»، لجذب كفاءات خاصة، قادرة على إنجاز مشاريع أو خدمات لفائدة الإدارة المعنية، والتي تكتسي عادة طابعاً مؤقتاً وتقنياً محدداً في الزمن، كلما اقتضت ضرورة المصلحة ذلك، ولا يترتب على هذا الأسلوب في التشغيل أي ترسيم للمتعاقدين في أسلاك الوظيفة العمومية.
التعاقد في التعليم.. كرة الثلج التي تنذر بالأزمة
أثار إعلان وزارة التربية الوطنية عن توظيف آلاف المدرسين بعقود عمل محددة الأجل استياء عارما في صفوف نقابات قطاع التعليم، حيث اعتبرت النقابات أن الوزارة الوصية قامت بإصدار قرار التوظيف بـ«الكونطرا» بشكل انفرادي ودون أي استشارة، عكس ما كان متفقا عليه مع الوزير، واعتبرت النقابات أن قرار وزارة التربية الوطنية بوصفها «للمرسوم المتعلق بالتشغيل بالعقدة المصادق عليه من طرف المجلس الوزاري المنعقد في يونيو 2016» بكونه «هجوما جديدا وخطيرا وعدوانيا على مكاسب القطاع العمومي بهدف تفكيكه وتصفيته وخوصصته»، كما قالت إن المرسوم يمثل «استمرارا للعدوان الذي قادته الحكومة والمتمثل في المرسوم المتعلق بفصل التكوين عن التوظيف ومرسوم تقليص منحة الأستاذ المتدرب إلى النصف، ومرسوم تمديد العمل قسريا وجبريا بعد سن التقاعد لنساء ورجال التعليم وحرمان الموظفين المستقيلين أو المشطب عليهم من الاستفادة من معاش نسبي أو مبكر ومرسوم نقل الموظفين»، معتبرة أن التوظيف بالعقود «يهدف إلى تصفية ما تبقى من الخدمات العمومية، بتوجيه من المراكز المالية العالمية، كما أنه سيحرم الصندوق المغربي للتقاعد CMR من عدد من الانخراطات والمساهمات الجديدة لأن المتعاقد سينخرط في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد RCAR».
وعلى الرغم من توقيع الآلاف لعقود التوظيف في قطاع التعليم العمومي في إطار ما سمي بأطر الأكاديميات، إلى أن التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد دعت كافة الأساتذة إلى الامتناع عن التوقيع على الملحقات المصاحبة للعقود، وذلك بعد أن بدأت أكاديميات التربية والتكوين السعي لتجديد هذه الأخيرة، وعقب انعقاد مجلسها الوطني، أصدرت التنسيقية بيانا لـ«مقاطعة الإمضاء على ملحق عقد الإذعان»، مؤكدة أن بعض الأكاديميات قد أصدرت مذكرات لتجديد العقدة للأساتذة المنتمين لأفواج 2016، و2017، و2018، واعتبرت التنسيقية بأن ذلك يأتي في إطار سعي الأكاديميات المتواصل «لتكريس التعاقد، وإضفاء الشرعية على ما سمي زورا بالنظام الأساسي لموظفي وأطر الأكاديميات، بغية ضرب مشروع نضالات التنسيقية، ومطلبها المتمثل في الإدماج». وأشارت إلى ضرورة التصدي لهذا الإجراء «الماكر» الذي خالف مضامين النظام الأساسي الذي «نصت مادته التاسعة على أن أطر التدريس لا يجوز لهم تجديد عقد التوظيف إلا بعد نيل شهادة التأهيل»، داعيا إلى «مقاطعة توقيع ملحق هذا العقد الذي يضرب في العمق شرعية مطلبنا المتمثل في الإدماج، وإسقاط مخطط التعاقد المشؤوم».
ويعتبر الأساتذة المتعاقدون أن العقود التي يتم توقعها مع الأكاديميات جائرة على اعتبار أن كل العقود تبدأ ببند يعتبر هذا العقد بمثابة تعاقد وليس توظيف، خصوصا البند 13 من هذا العقد والذي ينص على أنه يمكن فسخ هذا العقد من طرف مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين في ظرف 30 يوما من تاريخ توصل الأستاذ المتعاقد بالإشعار كما يمكن فسخ هذا العقد من طرف مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين دون إخطار المعني بالأمر أو إشعاره أو تعويضه بعد إبرامه والموافقة عليه، إذا لم يلتحق المتعاقد بمقر عمله في ظرف 5 أيام من تاريخ الإعلان عن تعيينه، ولهذا يعتبر الأساتذة أن تلك البنود من المرسوم تبين طبيعة العقود وطبيعة التشغيل الهش والسخرة في قطاع التعليم ونوع المتعاقد.