شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

التلميذ رهينة

افتتاحية

 

منذ أسبوعين تعيش المدارس العمومية حالة من الشلل التام بسبب الإضرابات والاحتجاجات التي تسبب فيها النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، وبينما أنهى التلاميذ في القطاع الخاص نصف الدورة الأولى وتوصلوا بنقاط المراقبة، تعاني آلاف من المدارس العمومية من عدم الشروع في الموسم الدراسي، بل إن الموسم ذاته مهدد بسنة بيضاء إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

وبغض النظر عن الأسباب والدوافع التي تسببت في هاته الأوضاع الصعبة، فإن الضحية الأولى والأخيرة هو أكثر من ثلاثة ملايين تلميذ يتعرضون ببشاعة لهدر زمنهم الدراسي وضياع مستقبلهم بل تحولوا إلى رهينة في معركة تكسير العظام بين الوزارة وهيئة التدريس. وإذا كان هناك شبه إجماع على المسؤولية الأولى لوزير التربية الوطنية ومحيطه في ما يجري من احتجاجات فإن أي مبرر مهما كانت رجاحته لا يمكن أن يبرر تعريض ملايين التلاميذ للهدر وضياع ما لا يقل عن عشرة ملايين ساعة عمل تدريس من الزمن التعليمي كان من المفروض أن يستفيد منها تلميذات وتلاميذ المدارس العمومية المغربية في أكثر من 12 ألف مؤسسة بالمغرب.

نحن إذن أمام كارثة حقيقية إذا لم يتداركها رئيس الحكومة بعد وضع الوصاية الكاملة على تدبير وزير التربية الوطنية الذي يبدو أنه كان مختبئا في مساره وراء قطاعات تدبر نفسها بنفسها كما هو الحال بالنسبة لوزارة الداخلية، والغريب في الأمر أن بنموسى صاحب القلم الذي صاغ تقرير النموذج التنموي لم يتعلم جيدا من منهجية جلسات الاستماع التي نظمها مع كل المغاربة ولم يستفد من التوصيات التي صاغها حول التعليم.

ومهما يكن فالوقت ليس وقت رمي المسؤوليات بين الأطراف في العملية التعليمية، فذلك سيتم بلا شك على المستوى الدستوري والسياسي في الوقت الذي تحدده المؤسسات الدستورية صاحبة الاختصاص، لكن نحن اليوم في حاجة إلى وقف النزيف الحاد وغير المسبوق الذي تعاني منه المدرسة المغربية، بعد ذلك لكل حادث حديث.

إن المزاج الاجتماعي المعكر الذي يعيشه المغاربة بسبب المشاهد المروعة للقتل والدمار في الأراضي الفلسطينية والظروف الصعبة للمعيشة بسبب لهيب التضخم الذي أتى على اليابس والأخضر، لا ينبغي أن تسمح لمثل بنموسى في إدخالنا إلى نفق مظلم لا نعلم متى ولا كيف نخرج منه، ومن مسؤولية رئيس الحكومة اليوم أن يأخذ بزمام الأمور ويبسط وصايته الدستورية على القطاع، إلى حين تجاوز هذه العاصفة من الاحتجاجات التي تضرب البيت المهترئ لتعليمنا بل وتهدد استقرارنا الاجتماعي.

في المقابل لابد أن يعلو صوت المصالح الفضلى للتلاميذ وسط هيئة التدريس الذين هم أمانة في عنق رجال ونساء التعليم، فهذه الوظيفة على خلاف باقي الوظائف هي أمانة ثقيلة تتجاوز حسابات الربح والخسارة المادية، بل في اللحظة التي يكون فيها الوزير مغامرا فاشلا لابد أن يكون الأستاذ عاقلا حكيما وفي مستوى اللحظة مع تلاميذه وإلا سيتحولون إلى رهينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى