مرة أخرى، يهتز الشارع المغربي على وقع فاجعة إنسانية، بسبب ظاهرة السباقات الاستعراضية في الشوارع والطرقات العمومية، أو ما يعرف اختصارا بظاهرة «التفحيط». فبعد حوادث السير المميتة، التي سجلت بالعديد من المدن المغربية، آخرها الدار البيضاء والرباط التي واجهتها النيابة العامة بالاعتقالات والعقوبات السجنية القاسية في حق متهورين منتمين لعائلات ثرية بالعاصمة الرباط، سجلت مدينة المحمدية، ليلة الجمعة الماضي، حادثة سير مروعة تسببت في مقتل سائق سيارة أجرة، بعدما صدمته سيارة فاخرة من نوع «أودي» يسوقها «ولد فشوش»، تعرض بدوره لجروح نقل على إثرها إلى المستعجلات.
وضمن تفاصيل محزنة وردت على لسان شهود عيان، فإن الشاب «ولد الفشوش» استباح الشارع العام، وتحديدا الطريق المزدوج بالقرب من شاطئ «مونيكا»، وحوله رفقة أقرانه من الأبناء المدللين إلى حلبة للسباق والسياقة الاستعراضية، في تحد سافر لدورية المدير العام للأمن الوطني التي تمنع ممارسة ظاهرة «التفحيط»، ما جعله يفقد السيطرة على مقود سيارته الفخمة، ويصطدم بسيارة الأجرة التي كانت قادمة في الاتجاه المعاكس، مخلفا مقتل سائقها، وسط صدمة عارمة أصابت زملاءه وعائلته.
الحادث المروع الذي يسائل السلطات الأمنية بالدرجة الأولى على مستوى عمالة المحمدية، بسبب التغاضي عن ممارسة السياقة البهلوانية بالشارع العام، رافقته ردود فعل ساخطة من طرف سائقي سيارات الأجرة المهنيين بالمحمدية، الذين هرعوا إلى عين المكان ليلا لمعاينة الواقعة، حيث أصيبوا بصدمة كبيرة بعد رؤية زميلهم (الذي تسلم فترة مداومته الليلية للتو من زميل آخر) غارقا في دمه بسبب تصرف طائش من طرف شاب، وهو يسوق سيارته الفاخرة بسرعة جنونية، قدرها بعض المواطنين الذين عاينوا فصول الحادث بحوالي 120 كيلومترا في الساعة، فضلا عن تعنته بنسبه أمام عشرات المواطنين، مرددا عبارة «أولاد الفشوش»: «ستعرفون من أنا ومن يكون أبي»، ما أثار فضول السائقين والمواطنين للنبش في هويته، حيث تداولت بعض المعطيات أن والده شخصية معروفة في مجال المحاماة بإحدى الهيئات القريبة من مدينة المحمدية، في انتظار التأكد من هذه الفرضية خلال مجريات البحث.
وأكدت مصادر مطلعة أن الواقعة استنفرت كل الأجهزة الترابية والأمنية بعمالة المحمدية، حيث سارعت عناصر الشرطة إلى نقل الهالك إلى مستودع الأموات بالمستشفى الإقليمي بالمحمدية، كما تم نقل الشاب إلى المستعجلات من أجل تلقي العلاجات الضرورية، بعد إصابته بجروح وصفت بالخفيفة، ويترقب كل المتتبعين لهذه الفاجعة نتائج البحث القضائي التي أمرت النيابة العامة المختصة بفتحه على الفور، لتحديد ملابسات الحادث، وترتيب الجزاءات القانونية في حق «ولد الفشوش» وزملائه، الذين تسببوا في هذه الفاجعة.
وتزامنا مع الحادث، طالبت الهيئات المهنية وفعاليات مدنية بمدينة المحمدية بإعمال القانون والتعامل بالصرامة اللازمة مع «أولاد الفشوش» الذين يحتكرون الشوارع الكبرى بالمحمدية، من أجل ممارسة هوايتهم المفضلة «التفحيط» بواسطة سياراتهم الفارهة، تنفيذا لتعليمات المديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي، وتوجيهات النيابات العامة المختصة بمختلف محاكم المملكة الصادرة في هذا الشأن، بعد مثول العشرات من الشباب أمامها، بسبب ارتكابهم مخالفات مميتة أزهقت أرواح أبرياء، وهم يمارسون السياقة الاستعراضية بسياراتهم الفارهة.