التعليم رسالة
مع تزايد الجدل حول تحديد سن التوظيف بالتعليم، وحيثيات المباريات الكتابية والشفوية والغش في الامتحانات، يجب أن يعود نقاش إصلاح التعليم إلى سكته الصحيحة، لأن تربية الأجيال قبل تعليمها رسالة نبيلة، ومسؤولية كالجبال يتحملها الأستاذ أمام الله والوطن، وبناء أجيال الغد، التي تحمل مشعل التنمية، ورفع علم البلاد خفاقا بين الأمم.
لا يمكن اختصار رسالة التعليم في حل مشكل بطالة الشباب، ولا الحصول على مدخول شهري بقراءة مادية جافة، خارج الرؤية العميقة للتعليم كرسالة شريفة يحملها الأستاذ ليضيء دروب تلاميذه المعتمة بالعلم، ويفتح أمامهم آفاق النجاح بمعنويات كالجبال للرقي بين الأمم، حيث يقاس نجاح البلدان بمؤشرات نجاح التربية والتعليم والبحث العلمي الذي يعتبر أساس التقدم والازدهار.
من يريد دخول مجال التعليم، وجب أن يكون مستعدا علميا ونفسيا لتقديم الأفضل للتلاميذ، ومواكبة التحولات المجتمعية، والسهر على أداء أمانة التربية على القيم الدينية والوطنية، وإيصال الرسالة إلى جيل المستقبل بنفس ملؤه التضحية والحكمة ونكران الذات، وتقدير المسؤولية الضخمة في بناء مستقبل أمة.
إن التوظيف بالتعليم ليس مسألة تقنية، ولن يكون الأمر حلا لمشكل البطالة فقط، بل الأمر يتعلق باختيار الأستاذ تحمل مسؤولية أن يكون المثَل بالنسبة إلى تلاميذه في التصرفات والتفاعل مع محيطه والتعامل مع أمراض المجتمع، وهذا لن يتأتى خارج التوفر على الكفاءة الضرورية والتكوين الجيد والقدرة على العطاء، لأن أعطاب التعليم لا قبل لإصلاحها، إلا بمرور سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات، والتغيير يتطلب الرفع من جودة تربية وتعليم الأجيال، باعتبار الأمر سُنّة كونية، كلما كان التعليم جيدا كانت الأجيال صالحة تساهم في إعمار الأرض والبر بالأوطان.
وعندما نقول إن التوظيف بقطاع التعليم ليس لحل معضلة البطالة فقط، فإننا لا نبخس دور المعلم الذي يجب أن يكون الاهتمام به وتقديره مسؤولية مجتمعية، واختيار مهنة المربي يجب أن يكون عن قناعة راسخة بالمشاركة الأساسية في بناء مستقبل الوطن بالتضحية ونكران الذات، دون أن يتعارض ذلك مع المطالب الاجتماعية وتفاصيلها التي تعتبر مشروعة وقابلة للحوار.
لا يمكن اعتبار التعليم مجالا تجاريا ولا يسمح بركوب أعطابه، لتحصيل الأرباح السريعة أو الأجندات الخاصة، لذلك على الجميع الانخراط في ورش إصلاحه بنية صالحة وبرؤية عميقة، تروم بناء جيل المستقبل الذي يمكنه مواجهة التحديات العالمية بسلاح العلم ولا شيء غيره، لأن الجهل كلفته باهظة، باعتبار الجاهل قد يفعل بنفسه ما لا يفعله به عدوه.