التشويش رياضة وطنية
يبدو أن التشويش على الانتخابات أصبح رياضة وطنية تمارسها الأحزاب السياسية بشكل يومي، لا سيما تلك التي فقدت حظوظها نهائيا في تصدر الاستحقاقات المقبلة لسبب من الأسباب. وللأسف باتت ملامح هذا التشويش الممنهج واضحة الملامح عبر خطاب تحريضي بغيض يسعى للابتزاز المعلن للدولة والضغط على المؤسسات، ومحاولة رسم الخريطة السياسية على المقاس ولعب دور الوصاية على سلطة الشعب والملك لتحديد الفائز قبل إجراء الانتخابات وتسمية رئيس الحكومة قبل إعلان النتائج.
والظاهر أن قادة الأحزاب السياسية لم يستوعبوا بعد أو لنقل أنهم لا يريدون أن يستوعبوا، السياقات الوطنية والإقليمية والدولية الذي تجري فيها هاته الاستحقاقات التي من المفروض أن تكون جوابا سياسيا ودستوريا موجها للخصوم قبل الأصدقاء، مفاده أن بلدنا تواصل فرض نموذجها الاستثنائي في دول شمال إفريقيا، من خلال التجديد الدوري والمنتظم للشرعية الدستورية واستكمال بناء المؤسسات السيادية وتعميق التوجهات الديمقراطية عبر صناديق الاقتراع وليس بالطرق السلطوية التي اختارتها بعض الأنظمة الهجينة بجوارنا.
وهنا تقع على الناخب غدا الأربعاء، وهو يلج مكاتب التصويت مسؤولية كبيرة لوضع حد للمتاجرين بصوته وتقرير مصيره وإثبات قدرته على التغيير وإنهاء حالة الإحباط والسلبية، وقبل ذلك أن يعي حجم التهديد الذي يحيط بالبلد من خلال المشاركة الفاعلة والواسعة واختيار من يستحق الاختيار ، بعيدا عن أولئك الذين اعتادوا الاتجار في دغدغة العواطف، والتخلص من السياسيين الفاشلين الذين لم يقدموا شيئاً خلال العقد الحكومي الأخير.
فالرهان اليوم معقود على عدم تكرار ما جرى خلال استحقاقات 2011 و2015 و2016 وهي محطات لم يجن منها المواطن سوى استهلاك الأطنان من منتوجات الشعبَوية وخطابات الوعود الكاذبة والسياسات الفاشلة، لذلك علينا جميعا مسؤولية حسن الاختيار فهو مفتاح الوصول إلى بوابات الأمل، التي يمكن الدخول إليها من خلال صناديق الاقتراع، واضعين تجارب الانتخابات السابقة نصب أعيننا.
وينبغي ألا يكون التذرع بالوضع الصحي الذي تفرضه علينا جائحة كوفيد 19 أو الاختباء وراء جدار اللامبالاة، مبرراً لعدم التوجه لمكاتب التصويت لممارسة الحق والواجب الوطنيين، لأن ذلك سيكون بمثابة إقرار رسمي من المواطن باستمرار سياسات ونخبة الفشل وتحمل تبعات ذلك خلال الخمس سنوات المقبلة وربما تحمل ذلك إلى الأبد.