التشهير بالضمة
حقق فيديو المعلمة، التي صورت تلميذا وهي تطلب منه كتابة الضمة، داخل القسم أمام زملائه، متابعة بالمواقع الاجتماعية بلغت الملايين، وسط تعليقات متباينة من التنمر والهجوم على البراءة والدخول في ملاسنات حادة، وجدل التصوير داخل الأقسام بالمؤسسات التعليمية، وسط صمت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن الأمر، باعتبارها القطاع الوصي الذي يتحمل كامل المسؤولية في حماية التلاميذ من الاستغلال بأنواعه والحق في الصورة.
حسنا فعلت عائلة الطفل، الذي تعرض لهجوم وحشي بالمواقع الاجتماعية وتدنيس براءته، بادعاء تمثيله في شكواه من صراخ الأستاذة، عندما توجهت إلى القضاء وقامت بوضع شكاية لدى النيابة العامة المختصة بالمعلمة والمؤسسة التعليمية، لأن الطفل تعرض لوابل من التنمر وأصبح محط سخرية من الكبار والصغار، في ظل فوضى النشر والتشهير وانتشار العنف الإلكتروني والتشجيع عليه.
لا يمكن القبول بتاتا بأن تتحول فصول مؤسساتنا التعليمية إلى مراكز لتصوير الفيديوهات التي تهدف إلى السخرية والضحك وجمع نقرات الإعجاب لتحقيق عائدات مادية أو بهدف تحقيق الشهرة وبداية الاستثمار فيها بفيديوهات أخرى، لأن فصول الدرس منطقة مقدسة لتلقين العلم بالطرق البيداغوجية والتربية على الأخلاق واحترام القانون وتقدير قيمة القيم.
هناك موضة جديدة أصبحت سريعة الانتشار تتعلق بتصوير تلاميذ أثناء الحصص الدراسية، وهم يتلعثمون في قراءة كلمات ولا يتقنون مخارج الحروف أو يقلدون تصرفات لأشخاص راشدين أو ما يتابعونه على المنصات الاجتماعية، وهذا يتطلب التقويم والتتبع ومساعدة التلميذ على تجاوز كل المعيقات التي تحول بينه وبين الحق الدستوري في التعليم وفق الجودة المطلوبة وليس تصويره ونشره على المنصات الاجتماعية والتشهير به لأهداف مادية أو غايات أخرى تبقى في الأخير كلها مدمرة لنفسية الطفل الذي يمثل مستقبل الوطن.
كذلك يجب التعامل بصرامة مع حمل التلاميذ لهواتف ذكية داخل الأقسام وتصوير الأساتذة وتوثيق حماقات وطيش القاصرين داخل الفصل، ونشر ذلك بالمواقع الاجتماعية، حيث يتم تلقيد الأمر من قبل رواد هذه المنصات، ما يضاعف من تمييع العملية التعليمية التي تتطلب الانضباط والاحترام التامين والمتبادلين بين التلاميذ والأساتذة والأطر الإدارية.
على وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن ترفع من مستوى اليقظة في تحول فصول أقسام الدراسة إلى منصات لتصوير التلاميذ والأطفال قصد تحقيق الشهرة لفائدة المؤسسة من خلال تقديم نماذج سرعة التعلم، والصرامة في منع استعمال التلاميذ للهاتف داخل القسم، وحماية حق الأطفال في الصورة، لأن فوضى التشهير عاثت فسادا في قطاعات متعددة ووصلت الجرأة على التشهير بمسؤولين كبار والتباهي بغياب العقاب القانوني الرادع، وإذا انتشر فيروسها بالتعليم سيزيد القطاع وهنا على وهن ويعمق جراحه التي تنتظر الالتئام لسنوات طويلة.