شوف تشوف

الرئيسية

«التشرميل» بصيغة المؤنث أو هكذا تحولت فتيات جميلات إلى «مشرملات»

كوثر كمار
هن فتيات مثيرات يلقبن بـ «المشرملات»، يرتدين ملابس رياضية لأشهر الماركات العالمية باهظة الثمن، يتخذن من «الفايسبوك» و«الانستاغرام» فضاء للتباهي. منهن من يمارسن «الدعارة»، فيما أخريات يشاركن في أعمال إجرامية. «الأخبار» تسلط الضوء وتكشف عن حقائق مثيرة في هذا التحقيق عن ظاهرة «المشرملات».
ظهرت العديد من الصفحات على موقع «الانستاغرام» الخاصة بـ «المشرملات»، حيث ينشرن صورهن ويتباهين بملابسهن الرياضة باهظة الثمن وبساعات يدوية يفوق سعرها ألفي درهم.
وتستغل عدد من الفتيات الموقع الاجتماعي بهدف جذب زبنائهن خاصة الخليجين. وكما تظهر ذلك بعض الصفحات، فإن عددا منهن يلتقطن صورا داخل غرف النوم ومنهن من يركبن دراجات نارية من الحجم الكبير، لتنهال العديد من التعاليق على الصور المثيرة لـ «المشرملات»، فيما يضع البعض أرقماهم بغية التواصل معهن.

«المشرملات والتباهي»
تنتشر صور «المشرملات» على نطاق واسع عبر «الانستاغرام» و»الفايسبوك»، حيث تتباهى الفتيات بلباسهن الرياضي باهظ السعر، بينما أخريات يضعن أكسسوارات وساعات يدوية ذهبية ويكشفن عن وشمهن.
وتلقى هذه الصور إعجابا كبيرا من قبل عشاق هذه الفئة من الفتيات. فقد وصل معجبو إحدى الصفحات إلى 3000 معجب، في حين تعرف صفحة «تشرميل» 2015 متابعة من قبل خمسة آلاف شخص من بلدان مختلفة.
غيتة فتاة بيضاوية ولجت عالم «التشرميل» الذي كان يعتقد الكثيرون أنه حكر على الذكور. صادفناها تجلس على الرصيف رفقة صديقتها بالمدينة القديمة بالدار البيضاء.
تعشق غيثة ذات السبعة عشر عاما التي تلقب بـ «ريتة المشرملة» الملابس الرياضية الخاصة بالذكور كما تضع دائما قبعة خضراء لأشهر الماركات العالمية.
تقول غيثة بصوت مرتفع وخشن: «أحب الملابس الرياضية وأشعر بالراحة عند ارتدائها. ينعتونني بـ «المشرملة» غير أنني فتاة عادية لا أسرق ولا أتعاطى المخدرات، وكل ما في الأمر أنني أريد أن أكون جذابة وأن ألفت الأنظار».
وتضيف غيثة أنها تشتري الملابس المقلدة لأنها بخسة الثمن، إذ يتراوح سعرها ما بين سبعين ومائة درهم، بينما الساعة اليدوية التي تضع في يديها ذات صنع صيني، لكنها تبدو مثل شبيهتها باهظة الثمن.
وتكشف غيثة أنها منقطعة عن الدراسة ولا تعمل، وبالتالي فإنها لا تملك المال من أجل ارتداء ملابس وأكسسوارات ثمينة، في حين هناك فتيات يلجأن إلى الدعارة و»البروفيتاج»، بحسب قولها، من أجل اقتناء ملابس يتراوح سعرها ما بين 700 درهم و3000 درهم.
وعبرت غيثة عن استيائها بسبب نظرة المجتمع السلبية للفتيات اللواتي يعشقن «ستيل» يعد حكرا على الذكور، وتوضح أن ليس جميع الفتيات الملقبات بـ»المشرملات هن مجرمات أو مومسات».

a

الجنس و«التشرميل»
انتشرت بعض الصور على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر فيها فتيات يتباهين بحصولهن على العملة الأجنبية والمغربية، كما يقمن بإشهار ملابسهن الرياضية وحليهن، مما يطرح علامات استفهام عديدة حول طرق الحصول عليها.
ويعتقد العديد من رواد الشبكات الاجتماعية أن مصدر الأموال التي تجنيها «المشرملات» يعود إلى امتهانهن للدعارة خاصة مع الأجانب.
خلال تصفحنا للعديد من الحسابات والصفحات على «الانستاغرام» وجدنا صورا عديدة لملقبات بـ «المشرملات»، يظهرن بلوك يثير العديد من الأجانب خاصة الخليجيين الذين يعلقون على صورهن.
سلمى شابة في العشرين من عمرها هي الأخرى يلقبونها بـ «المشرملة». صادفنها أيضا بالمدينة القديمة بالدار البيضاء. تتحدر من أسرة معوزة مكونة من خمسة أفراد، لكن بالرغم من ذلك إلا أنها ترتدي ملابس باهظة الثمن. وتضع ساعة يدوية يصل سعرها إلى ألفي درهم.
لم يكن من السهل الحديث مع سلمى، خاصة أنها تبدو شرسة، أو كما يقال «مشرملة»، لكن بعد وساطة من إحدى صديقاتها وافقت على الحديث لـ «الأخبار». تحكي سلمى بعد تردد طويل أنها إنسانة عادية تعشق الملابس الرياضية وليست مجرمة كما يعتقد البعض، ثم تردف قائلة: «كنضبر على راسي مع الخليجين، أمارس الجنس معهم عبر الشات وفي المقابل يرسلون لي مبالغ مهمة تتراوح ما بين ألفين وثلاثة آلاف درهم، كما أنني ألتقي بهم في بعض المدن وقد سبق لي أن سافرت إلى ماليزيا حيث التقيت (فكتيم ديالي)». وتضيف أنها مهووسة إلى درجة كبيرة بالملابس الرياضية ذات الماركات العالمية، إذ تشعر أنها فتاة متميزة وجذابة، بحسب تعبيرها. غير أنها عبرت عن استيائها بسبب نظرة المجتمع لها مؤكدة على أنها لا تؤذي أحدا ولا تسرق فهي فقط ترغب في الاستمتاع بشبابها والعيش بكرامة، سيما وأن الظروف التي تعيش فيها قاهرة.

b

جميلات.. لكن مجرمات
بينما تلجأ بعض الفتيات إلى الدعارة لشراء ملابس فاخرة للتباهي، يعتقد أن أخريات يشاركن في أعمال إجرامية من أجل الحصول على مبالغ مهمة. ففي السنة الماضية انتشرت العديد من الصور التي ظهرت من خلالها فتيات يتباهين بحمل السيوف ويشربن الخمر برفقة شبان «مشرملين، لكن الحملات الأمنية أفضت إلى اعتقال عدد من الشبان الذين يتباهون بغنائم المسروقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي لم تعد الصفحات تجرؤ على نشر صور «المشرملين» وهم يحملون السيوف.
ويتداول نشطاء مواقع التواصل شريط فيديو تم تصوريه خلال شهر يونيو المنصرم يوثق لحادثة سرقة تعرضت لها سيدة صحراوية من قبل «مشرملة» بمدينة الدار البيضاء ليلا. وحسب الشريط فقد سرق من السيدة خاتمها أمام الملأ حيث التف المواطنون حول السارقة التي حاولت الهروب على متن سيارة أجرة، إلا أن محاولتها باءت بالفشل وتم اعتقالها من قبل رجال الأمن.
وانتشر شريط فيديو آخر لشابة بأحد الأحياء الشعبية، وهي مرتدية سروال جينز ممزق و حمالات الصدر فقط، حيث كانت تصرخ بصوت مرتفع وتبدو في حالة غير طبيعية وتضرب الحائط بقنينة من الزجاج مما أثار الرعب في نفوس المارة.
وإلى جانب السرقة تتعاطى بعض «المشرملات»، للمخدرات حيث يظهرن من خلال العديد من الصور وهن يدخن السجائر والشيشة، بالإضافة إلى شرب الخمر، ولا يستبعد بعض المتتبعين للظاهرة أن تكون الفتيات ضحية استغلال من طرف «المشرملين» الذين يوظفونهن في تجارة المخدرات لدرء الشبهات عنهم.

c

اعتقال «المشرملات»
عرفت السنة الماضية اعتقال بعض الفتيات «المشرملات» اللواتي قمن بأفعال إجرامية، فقد تمكنت مصالح الشرطة القضائية بولاية الدار البيضاء، في السنة ذاتها من إيقاف فتاتين إلى جانب ثلاثة متهمين في الدعاية لظاهرة «التشرميل» وثلاثة آخرين متهمين بصنع السيوف الحادة داخل ورشة تقليدية للحدادة بالدار البيضاء، واشتبه في الفتاتين اللتين تنشطان ضمن الحركة ذاتها، حيث تم التحقيق معهما لمعرفة مدى صلتهما بالأمر».
وأسفرت حينها الحملة التطهيرية الاستباقية لمكافحة الجريمة للسلطة المحلية والدائرة الأمنية بعين الشق عن «اعتقال ثلاثة من المشتبه فيهم فيما بات يعرف بظاهرة «التشرميل»، شابان وفتاة، وبحوزتهم مديتين من الحجم الكبير، حيث كان «المشرملون» يسخرون فتيات لتنفيذ عمليات السرقة، تحت التهديد بالسلاح الأبيض»، بحسب مصادر أمنية.
أما بمدينة الجديدة فخلال بروز ظاهرة «التشرميل» اعتقل أفراد من القوات العمومية بالجديدة، «مشرملة» مزقت ذراع عجوز بأحد الأحياء الشعبية. الأخيرة كانت واقفة أمام باب منزلها تنتظر أحد أبناء الجيران، وطلبت منه قضاء بعض حاجياتها، لكونها كانت تعاني ألاما حادة برجليها تمنعها من المشي. وحالما ابتعد الشاب، اقتربت من العجوز فتاة قاصر كانت في حالة غير طبيعية، فطلبت منه أن يمدها ببعض الدراهم، وعندما رفض العجوز تنفيذ الطلب، استلت الفتاة شفرة حلاقة من فمها، ووجهت له طعنة أصابتها في الذراع، ثم أعادت الكرة، قبل أن يتدخل الجيران، ويخطروا الشرطة، التي حلت من أجل إيقاف الفتاة المراهقة.
وما زالت تتكرر مثل هذه الاعتداءات، لكنها تراجعت بشكل كبير بسبب الحملة الكبيرة التي شنتها السلطات الأمنية لمحاربة هذه الظاهرة.

منافع : «بعض العاملات في الدعارة يحاولن مواكبة العصر عن طريق الاستعانة بـ «التشرميل»

أوضح محمد منافع الباحث في علم النفس الاجتماعي في تصريح لـ «الأخبار»، أن التشرميل ظاهرة اجتماعية حديثة ظهرت خلال السنوات القليلة، وبرزت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أن بعض الأشخاص نشروا صورا جديدة تعتمد على المظهر كالشكل و اللباس من أجل التباهي بأسلوب معين والتمرد على التقاليد التي تحكم المجتمع المغربي، مضيفا أنه بالرغم أن المجتمع منفتح على جميع الديانات فبروز ظاهرة «التشرميل» لم تأت في سياق يجعل المجتمع يتقبله، إذ ارتبطت بمظاهر عدوانية غير صحية كحمل السيوف والتباهي بغنائم المسروقات. وقد كان للسلطات دور كبير في وضع حد لهذه السلوكيات.
وأشار منافع إلى أن «التشرميل» اتضح فيما بعد بأنه مجرد «ضسارة» إذ أن بعض الشبان يقلدون آخرين ويجربون «التشرميل» من دون معرفة سلبياته خاصة أنهم يعتبرونه مجرد تباهي بلباس مختلف أو مجوهرات باهظة الثمن للظهور بشكل يميزهم عن الآخرين وجدب انتباه الجنس الآخر.
ويرى الباحث أن الفتيات قمن بتقليد الأولاد بطريقة خاصة، لكن لم يستطعن الوصول إلى ما وصل إليه الذكور له. فالظاهرة أصبحت باهتة، وبات مصطلح «المشرملة»، ينطبق على مجموعة من الأوصاف
كطريقة الكلام بلغة الشارع» وكذا لغة جسد الفتيات ولباسهن الخاص بالذكور.
ويشرح منافع أن هذا السلوك يعتبر غير سوي مما يطرح العديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقة التي جعلت الفتيات مختلفات.
فهناك منهن من تشعر باللذة عندما تظهر بلوك مختلف بينما هناك فتيات يملن إلى الجنس الذكوري منذ طفولتهن.
هناك من يربط ما بين الدعارة و«تشرميل» الفتيات غير أن الباحث في علم اجتماع يعتقد أنه لايوجد ارتباط من الناحية الاجتماعية ما بين مهنة الدعارة و «التشرميل».
ويرى أن ظاهرة الدعارة ليست ظاهرة جديدة، بل هي أقدم مهنة في التاريخ فيما ظاهرة تشرميل هي ظاهرة حديثة العهد، مردفا أن بعض العاملات في الدعارة يحاولن تطوير أنفسهن ومواكبة العصر عن طريق الاستعانة بخاصيات تميز ظاهرة «التشرميل» سواء في ما يخص اللباس أو الشكل أو طريقة التعامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى