في ظل الأزمة المائية التي يشهدها المغرب، كانت التساقطات المطرية الأخيرة بمثابة انفراج فيما يتعلق بحقينة السدود، فقد بلغت نسبة ملء السدود 30,43 في المائة، إلا أن هذه التساقطات لم تصل إلى حدء ملء حقينة السدود بالنسبة الكافية، فقد بلغت نسبة ملء السدود 30,43 في المائة، حيث ينبغي اتخاذ مجموعة من التدابير للحيلولة دون الاستمرار في أزمة الماء.
وقد كان خطاب الملك محمد السادس في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية بالبرلمان في شهر أوكتوبر الماضي بمثابة إنذار حين ذكر أن المغرب أصبح يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي، ولا يمكن حل جميع المشاكل بمجرد بناء التجهيزات المائية المبرمجة رغم ضرورتها وأهميتها البالغة.
موقع “الأخبار” حاور البروفيسور موسى المالكي، الخبير في السياسات المائية عن التساقطات المطرية ودورها في الحفاظ على الموارد المائية وعن الازمة المائية التي تعيشها المملكة.
حاوره: محمد أجغوغ
ما سر هذه الازمة المائية التي يعاني منها المغرب؟ هل هي أزمة تقتصر على المملكة فقط أم أنها أزمة عالمية؟
الأزمة المائية هي وليدة التغيرات المناخية في الأساس، هي ظاهرة بها مسببات طبيعية، ولكن مسبباتها الرئيسية هي بشرية بالأساس، بسبب ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة، والتي ولدت خللا وتغيرا في الكميات وفي الزمان والمكان ما يتعلق باضطرابات المناخ وعلى رأسها التساقطات والحرارة، التغيرات كانت كبيرة جدا على مستوى شمال افريقيا، وعلى مستوى كوكب الارض وكانت واضحة وجلية على ضفتي البحر الابيض المتوسط ولكن بحدة اكبر في الضفة الجنوبية، وهي التي ينتمي لها المغرب بحكم انه يقع شمال غرب القارة الافريقية وهذه هي المسببات.
من المعروف أن المغرب انتهج سياسة السدود منذ عقود، هل هذه السياسة كان لها انعكاس إيجابي على مستوى تدبير الموارد المائية في المغرب؟
المغرب انتهج سياسة السدود منذ سبعينات القرن الماضي والتي اشرف عليها الراحل الحسن الثاني ومكنتنا هذه السدود حوالي 150 سد بطاقة تخزينية، والتي تفوق 18 مليار مكعب، مكنتنا من سقي مليون و500 الف هكتار أراضي مسقية، والتي توفر لنا اكتفاء ذاتي غذائي، كما تسهم في تزويد مواد في بعض المنتجات كالخضر والفواكه واللحوم، ولكن عندنا خصاص في مواد اخرى، مثل الحبوب بعض الاعلاف والزراعات الزيتية عندنا خصاص، ولكن في اللحوم هناك اكتفاء ذاتي، من جهة ثانية توفر الماء الشروب، وتسهم في انتاج الطاقة الكهرومائية: الكهرباء وسط قوة دفاع الماء، ولكن المشكل ان هذه السدود لم تعد تملأ، فالتساقطات المطرية والموارد المائية غير كافية لملأ هذه السدود، والآن العديد من السدود فقدت ما بين 20 و40 في المائة من طاقتها التخزينية ويصعب صيانتها، ولكن في نظري المشكل الاخطر هو أن المياه القليلة تتعرض للتبخر، اذا ينبغي ايجاد طرق تخرين جديدة، وهناك تقنيات على مستوى السدود لتقليص وتقليل نسبة تبخر المياه، هناك مواد توضع في سطح السد، عبر الفرشة المائية الباطنية او عبر السدود تحت الارضية بهدف تجميع الموارد المائية التي تتساقط وتتميم المياه التي تذهب مباشرة للبحار خاصة في شمال المغرب (سلسلة جبال الريف )الذي يعرف تساقطات كثيرة.
لكن رغم التساقطات المطرية الا انها لم تنعش حقينة السدود حسب بعض الخبراء، هل هذه السدود لا تتوفر على احتياطي كامل من الماء من أجل تجاوز هذه الأزمة؟
ينبغي التذكير على أن الفرشة المائية الباطنية تعرضت للاستنزاف، والسبب هو بشري هو خارطتنا الفلاحية التي علينا مراجعتنا، كفى من تصدير الماء بواسطة منتجات كمالية كالفراولة والموز والافوكا، والتركيز على احتياجات المغاربة الضرورية كالخضر والفواكه واللحوم والحبوب والتخلي التدريجي عن المنتجات الكمالية التي تستهلك كميات كبيرة ويتم تصدريها بالاساس ، وهنا ينبغي مراجعة سياساتنا المائية على هذا الاساس والخارطة الفلاحية التي وضعها المستعمر الفرنسي واستمرينا عليها بعد الاستقلال.
التساقطات الأخيرة التي عرفها شهر دجنبر مهمة، بالتأكيد لن تملأ السدود بين ليلة وضحاها، ولكن على الأقل ازدادت حقينة السدود ما بين 2 إلى 5 في المائة أو ربما حتى 10 في المائة في حال استمرار التساقطات وهذا شيء ايجابي، كما أن الاستراتيجية الحكومية في انشاء محطات لمعالجة المياه العادمة من جهة وتحلية مياه البحر، خاصة في ظل توافر المغرب على واجهتين بحريتين وهذا ما يسهل على المغرب تحلية مياه البحار وتزويد ساكنة المدن بهذه المادة الحيوية.