التحقيق مع بنسليمان برلماني «البيجيدي» بمراكش لسبع ساعات في فضيحة 28 مليارا
مراكش: عزيز باطراح
علمت «الأخبار»، من مصادر مطلعة، أن الفرقة الجهوية لجرائم الأموال التابعة لمصلحة الشرطة القضائية بمراكش، أحالت محاضر الاستماع إلى كل من العمدة ونائبه الأول على الوكيل العام، في شأن فضيحة الصفقات التفاوضية التي كلفت أزيد من 28 مليار سنتيم.
وبحسب المصادر ذاتها، فقد استغرق التحقيق مع يونس بنسليمان، برلماني «البيجيدي» والنائب الأول للعمدة، أزيد من سبع ساعات، بصفته المشرف والمدبر لحوالي 50 صفقة تفاوضية بمناسبة مؤتمر (كوب 22) حول التغيرات المناخية، بتفويض استثنائي من العمدة، بعدما تم استبعاد «البيجيدية» أمل ميسرة، نائبة العمدة المكلفة بالصفقات العمومية، من هذه الصفقات التفاوضية.
وكانت فرقة جرائم الأموال قد استمعت، في وقت سابق، إلى محمد العربي بلقايد، عمدة مراكش، في الوقت الذي رفض نائبه الأول بنسليمان، المثول أمام الفرقة ذاتها بدعوى أنه محام وفي حاجة إلى إذن من النقيب، وهو الأمر الذي علق عليه مصدر قضائي في اتصال بـ«الأخبار»، بأن البحث الذي تجريه الضابطة القضائية لا علاقة له بمهنة المحاماة، وأن استدعاء بنسليمان تم بصفته مدبرا للشأن المحلي.
وكان يونس بنسليمان قد نفى نفيا قاطعا استدعاءه من قبل الضابطة القضائية، مؤكدا، في تصريح لأحد المواقع الإخبارية المحلية المقربة من حزب العدالة والتنمية، أن ما نشرته «الأخبار» ضرب من الكذب والبهتان.
هذا ومن المقرر أن يعطي الوكيل العام تعليماته لفرقة جرائم الأموال من أجل الاستماع إلى أمل ميسرة، نائبة العمدة المكلفة بالصفقات العمومية، من أجل تحديد ظروف وملابسات استبعادها من الصفقات التفاوضية، علما أن الأخيرة سبق أن عبرت عن عدم رضاها وتخوفها من هذه الصفقات، وذلك في لقاء جمع مستشاري فريق حزب العدالة والتنمية بالمجلس الجماعي، حيث أكدت أن جميع الصفقات العمومية التي أبرمها المجلس تمت وفق القانون وفي ظروف عادية، وأنها متخوفة من الصفقات التفاوضية.
ومن المرتقب أن تستدعي فرقة جرائم الأموال وتستجوب أزيد من 20 شخصا، ضمنهم موظفون ومهندسون بالمجلس الجماعي، بالإضافة إلى الممثلين القانونيين للمقاولات التي استفادت من الصفقات التفاوضية المذكورة.
وكانت الشرطة القضائية لمراكش قد استمعت، شهر ماي الماضي، إلى عبد الإله طاطوش، رئيس المجلس الوطني للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، والذي سبق أن تقدم بشكاية أمام الوكيل العام، اتهم من خلالها العمدة ونائبه الأول يونس بنسليمان بتبديد أموال عمومية.
وبحسب الشكاية ذاتها، فإن الصفقات التفاوضية التي أشرف عليها البرلماني يونس بنسليمان، النائب الأول للعمدة، شابتها العديد من الخروقات والتجاوزات القانونية، لعل أهمها أن ما لا يقل عن 14 صفقة من أصل 49، لم يتم الشروع في إنجازها إلا بعد اختتام اشغال مؤتمر (كوب 22)، فضلا عن أن بعض هذه الصفقات تم إبرامها أياما قليلة قبل انطلاق أشغال المؤتمر الدولي المذكور، «ما جعل المبرر الذي اعتمده مسؤولو المجلس في اللجوء إلى صفقات تفاوضية بدل التنافسية قد انتفى، وبالتالي أصبحت تلك الصفقات غير قانونية»، يقول عبد الإله طاطوش، رئيس الجمعية الحقوقية السالف ذكرها، في إفاداته أمام الشرطة القضائية.
واستنادا إلى شكاية الجمعية المذكورة، فإن من بين الاختلالات والتجاوزات التي تكشف تورط النائب الأول للعمدة في تبديد أموال عمومية، تتمثل في الكلفة المالية لمجموعة من الأشغال، ذلك أن بعض الصفقات الخاصة بصيانة الطرقات (التزفيت) كلفت 800 درهم للمتر المربع الواحد وعملية كشط الطرقات كلفت 40 درهما للمتر المربع الواحد. غير أنه بالرجوع إلى الشركة نفسها التي استفادت من هذه الصفقات التفاوضية، يتضح أنه سبق لها أن استفادت من صفقات مماثلة في إطار التنافس مع شركات أخرى، حيث حددت قيمة (تزفيت) المتر المربع الواحد في 445 درهما، وعملية الكشط في 10 دراهم. علما أن الفاصل الزمني بين الصفقة التفاوضية والصفقة التنافسية «لا يتعدى خمسة أيام، وهو ما يكشف حجم التبديد في المال العام»، يقول عبد الإله طاطوش، رئيس الجمعية الحقوقية المذكورة في تصريحه لـ«الأخبار».