محمد اليوبي
فتحت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بالجرائم المالية والاقتصادية بحثا قضائيا بتعليمات من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، بخصوص وجود شبهة تبديد أموال عمومية في صفقة تفويت مركب سياحي يتواجد بشاطئ مهدية بضواحي مدينة القنيطرة، من طرف مصالح وزارة التجهيز إلى إحدى الشركات، وذلك بتخفيض السومة الكرائية للمركب من مبلغ 133 مليون سنتيم إلى 6 ملايين سنتيم سنويا.
واستمعت الفرقة الجهوية لأحمد الصياد، منسق الهيئة الوطنية لحماية المال العام والبيئة، الذي وضع شكاية لدى رئيس النيابة العامة تطالب من خلالها بفتح تحقيق في موضوع هذه الصفقة المثيرة للجدل، وأوضحت الشكاية أن جماعة مهدية سبق أن أعلنت عن طلب عروض مفتوح لكراء المركب السياحي لإحدى الشركات بمبلغ 133 مليون سنتيم سنويا لمدة تسع سنوات، لكن وبقدرة قادر تحولت الصفقة إلى إبرام عقد مباشر بين نفس الشركة والمديرية الإقليمية للتجهيز بمبلغ 67784 درهما سنويا لمدة 10 سنوات، وهو ما اعتبرته الجمعية خرقا لجميع القوانين والأنظمة المعمول بها في هذا الباب، كما أن الشركة المعنية منذ إبرام العقد وهي لا تؤدي مستحقات وواجبات رسوم المشروبات والمشروبات الكحولية والمطعم والمسبح، بما فيه فضاء الألعاب، وأكدت الشكاية أن هذا العقد لا يعفيها من أداء هذه الواجبات للجماعة.
وسبق للنائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، حاتم بن رقية، أن أثار هذا الموضوع بمجلس النواب، من خلال سؤال موجه إلى وزير التجهيز والماء، أوضح من خلاله أنه في إطار مسطرة الاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري الموقعة بين جماعة مهدية ووزارة الأشغال العمومية (وزارة التجهيز حاليا)، قامت الجماعة خلال سنة 1978 بتشييد مسبح عمومي ومنشأة سياحية (المركب السياحي لمهدية)، وقد دأبت الجماعة على كراء هذه المؤسسة السياحية للخواص عن طريق مسطرة طلب عروض أثمان مفتوح، غير أنها تفاجأت بخبر فسخ هذا العقد من طرف وزارة التجهيز، علما بأن هذه الأخيرة سبق لها رفع دعوى قضائية في الموضوع، إلا أن المحكمة الإدارية قضت برفض الطلب.
بالمقابل، يضيف البرلماني بن رقية توقفت المصالح المختصة بقطاع التجهيز عن إرسال الأمر بالأداء لمصالح الجماعة، مما حال دون قيام الأخيرة بأداء واجبات هذا الاحتلال المؤقت، رغم إفصاحها عن رغبتها في اقتناء الوعاء العقاري للمركب السياحي، حيث تم توجيه ملتمس في هذا الشأن إلى المديرية الإقليمية للتجهيز، ولم تتوصل مصالح الجماعة بما يفيد فسخ العقد المبرم بين الطرفين.
وفي جوابه، أفاد نزار بركة، وزير التجهيز، بأن وزارة التجهيز والماء رخصت للجماعة الحضرية لمهدية بموجب قرار صادر بتاريخ 12 مارس 1980 باحتلال الملك العمومي البحري بالمهدية، وذلك قصد إنشاء مسبح عمومي ومنشآت سياحية، وقد تم تجديد هذه الرخصة وتمديدها بتاريخ 17 أكتوبر 1991، حيث انتهت صلاحيتها بتاريخ 31 دجنبر 1995، ومنذ ذلك التاريخ لم تعمل الجماعة الحضرية المعنية على تسوية وضعيتها القانونية إزاء الملك العمومي البحري، بالرغم من دعوتها إلى ذلك من طرف الوزارة، و لم تؤد ما بذمتها من إتاوات عن سنوات الاستغلال السابقة، كما أن الجماعة عمدت بصفة غير مشروعة إلى كراء هذه القطعة لفائدة الخواص، دون الحصول على الموافقة المسبقة للوزارة، وفق ما تنص عليه المقتضيات القانونية.
وأكد الوزير أنه أمام إصرار الجماعة الحضرية لمهدية على عدم تسوية وضعيتها القانونية والحسابية، فقد قامت الوزارة برفع دعوى قضائية في حقها صدر في شأنها قرار عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط يحمل رقم 1804 بتاريخ 7 ماي 2013، قضى بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإمكانية التدخل المباشر لوزارة التجهيز، من أجل القيام بتنفيذ أعمال استعادة الملك العام للدولة، واستخلاص واجبات الاستغلال السنوي.
وبتاريخ 15 أبريل 2002، أحال والي الجهة على هذه الوزارة طلب رئيس المجلس البلدي لمهدية، الذي يلتمس من خلاله إعفاء الجماعة من أداء الإتاوة المترتبة عليها عن احتلالها للملك العمومي البحري، وكذا جزاءات التأخير عن أدائها، ويلتمس أيضا تفويت القطعة الأرضية موضوع الاحتلال المؤقت بصفة نهائية للجماعة، حتى يتسنى لها تملكها وتسلم المشاريع الاستثمارية المنجزة فوقها من طرف الجماعة. حيث أجاب وزير التجهيز بأن الجماعة المعنية ملزمة بأداء الإتاوة المترتبة عليها، مع الإشارة إلى أنه يتعذر كذلك تفويت هذه القطعة الأرضية بصفة نهائية لهذه الجماعة، وذلك لكونها تشكل جزءا من الشاطئ الذي يعتبر ملكا عموميا مفتوحا للعموم.
وأضاف الوزير أنه ونظرا إلى أن مدة احتلال الجماعة للقطعة المذكورة تجاوزت 20 سنة، فقد تم استبعاد إمكانية تمديد الرخصة لجماعة المهدية، طبقا لمقتضيات الظهير 1918 الذي يحدد كمدة أقصى للاحتلال في 20 سنة، وبتاريخ 20 يونيو 2017 استجابت الإدارة لطلب الشركة المعنية، وقامت بالترخيص لها بموجب قرار، باحتلال هذه القطعة المستغلة ومشتملاتها لاستغلالها كمركب ترفيهي واستجمامي.