التحقيق في استهداف سلامة الطائرات بمطار محمد الخامس
الفرقة الوطنية للدرك تقوم بأبحاث حول شبهة افتعال عطب بأجهزة «الرادار»
محمد اليوبي
فتحت الفرقة الوطنية للدرك الملكي تحقيقا في الأعطاب المتكررة التي تصيب نظام «الرادار» بمطار محمد الخامس، بتعليمات من النيابة العامة، وذلك بعد إنجاز تقارير من طرف الأجهزة الأمنية حول وجود شبهة التعطيل المتعمد لنظام المراقبة الجوية، ما قد يهدد سلامة الطائرات.
وحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الأخبار»، فقد حلت فرقة خاصة تضم ضباط الدرك الملكي بمطار محمد الخامس بتعليمات من الوكيل العام للملك، حيث استدعت خلال الأيام الماضية عددا من المراقبين المشتغلين بقاعة «رادار القرب» بالمطار وعدد من التقنيين على خلفية انقطاع التيار الكهربائي عن التجهيزات الرادارية، وذلك صبيحة يوم 19 ماي الماضي، حيث يشتبه رجال الدرك المكلفين بالتحقيق في احتمال أن يكون هذا الانقطاع بفعل فاعل، وذلك بسبب الخلافات القوية التي برزت في الشهور الماضية بين الإدارة وإحدى النقابات التي سبق لها أن اتهمت الإدارة بتعمد تعطيل هذه الأجهزة قبل عدة أشهر، وهو ما استدعى حينها فتح تحقيق من طرف مديرية مراقبة التراب الوطني ووزارة الداخلية والمديرية العامة للطيران المدني، حيث تم إنجاز تقرير مفصل تم تسليمه إلى الجهات المختصة، وبناء عليه أعطت النيابة العامة تعليمات للفرقة الوطنية للدرك الملك للقيام بالأبحاث والتحريات حول وجود شبهة افتعال الأعطاب بأجهزة المراقبة الجوية.
وقام أعضاء فرقة الدرك في اليوم الأول للتحقيق باستجواب أحد المشتبه فيهم من المشتغلين داخل قاعة رادار القرب لمدة تزيد عن ثلاث ساعات وتمحور التحقيق حول شبهة استعماله لجهاز مسخن (Rechaud) داخل القاعة والذي قد يكون هو المتسبب في هذا الانقطاع، ومن المرجح أن يقوم أعضاء الفرقة بالاستعانة بتسجيلات «الرادار» الموجودة بالمركز الجهوي لمراقبة الملاحة الجوية عن طريق تقنية (play back)، وهي عبارة عن تطبيق معلوماتي يمكن من تشغيل التسجيلات الرادارية للملاحة الجوية المؤرشفة وإعادة استعمالها في التحقيقات التي تطلبها السلطات في حالة الحوادث التي يعرفها القطاع، وتستعمل هذه التقنية للتأكد من مطابقة توقيت توقف الأجهزة الرادارية وتوقيت إبلاغ المشتبه فيه عن هذا التوقف للتأكد من عدم وجود فاصل زمني بينهما قد يقوي شكوك رجال الدرك الملكي.
ويتم تسجيل أعطاب متكررة بتجهيزات «الرادار» بمطار محمد الخامس، ما دفع بالمكتب النقابي للمراقبين الجويين بمطارات الدار البيضاء التابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى اتهام الإدارة بافتعال هذه الأعطاب، من أجل تنقيل المراقبين الجويين، وسبق للنقابة أن أصدرت بيانا عقب تسجيل عطب بقاعة «رادار القرب»، يوم 15 فبراير الماضي، حيث قامت الإدارة على إثره بتنقيل فريق العمل المداوم إلى مركز المراقبة الجهوية قصد تأمين استمرارية خدمة مراقبة الاقتراب بالرادار وهو ما آثار استنكار وغضب المراقبين الجويين بسبب الطريقة التي تم بها تدبير هذا الحادث، واعتبر المكتب النقابي أن «هذه الطريقة شابها غموض وارتجالية وغابت عنها الحرفية المطلوبة وهو ما جعل سلامة أجواء مطار محمد الخامس تحت المحك»، حيث لوحظ غياب الارشادات المهنية من دليل ومذکرات ودوريات، وغياب بديل احتياطي للمنظومة الأساسية للمراقبة الجوية بالرادار وعدم جاهزية مركز التكوين الجهوي (CIR) لتأمين هذه العملية (back-up)، كما سجل البيان وجود تعتيم تام يشوب هذا القسم الحساس من منظومة المراقبة الجوية.
واستنكر بيان النقابة، قيام رئيس قسم مراقبة الاقتراب بتصرف غير محسوب بفرض تنقيل إحدى المراقبات من برج المراقبة إلى قاعة «الرادار»، مما أدى إلى تقليص عدد المراقبين الجويين بفريق برج المراقبة إلى 3 مراقبين، وبالتالي استحالة تقديم خدمة المراقبة بالبرج التي ازدادت صعوبتها وتعقيداتها بسبب عطل الرادار. وأضاف البيان، أنه رغم إخطار رئيس قسم الاقتراب بخطورة هذا الإجراء أصر هذا الأخير على هذا التنقيل الشيء الذي جعل رئيس الفريق يرفض تحمل المسؤولية لولا تدخل رئيس قسم برج المراقبة الذي أنقذ الموقف وعزز العدد ليضمن استمرارية تقديم برج المراقبة لخدماته.
وسجل المكتب النقابي عدم إصدار مذكرة مصلحية توضيحية من طرف مسؤولي الملاحة الجوية بمطار محمد الخامس تتناول حيثيات وتفاصيل هذه الإجراءات المتخذة من إغلاق قاعة المراقبة بالرادار وتنقيل المراقبين الجويين والمدة الزمنية التي سيستغرقها هذا الأمر، بالإضافة إلى غياب تام لفرق الصيانة أثناء وبعد الحادث، الشيء الذي لا يمكن تفسيره، حسب البيان إلا بكون أن ما يحدث في الواقع هو عملية صريحة لنقل خدمة مراقبة القرب من مطار محمد الخامس إلى المركز الوطني لمراقبة سلامة الملاحة الجوية دون أدنى مراعاة لسلامة وسلاسة المراقبة الجوية من جهة، ومن جهة أخرى استمرار النهج الخاطئ الذي يتبعه المسؤولون عن الملاحة الجوية بالمطار والمتمثل في سياسة فرض الأمر الواقع والانفراد بالقرارات اتجاه مراقبي مطار محمد الخامس.