التحريض ليس حرية
ما يجمع بين واقعة استلام السلطات المغربية من نظيرتها الإسبانية، فيصل بهلول، الملقب بـ«بوخنونة»، وبين نهج الصرامة القانونية التي أبدتها السلطات تجاه المدعوة سلطانة خيا، هو عدم تساهل الدولة المغربية داخل الوطن وخارجه مع كل أشكال التحريض على أعمال إرهابية ضد المواطنين المغاربة والعمل المسلح ومهاجمة أفراد الأمن والجيش المغربي. وحسنا فعلت السلطات العمومية بأن أعطت الدرس بهذين المجرمين اللذين يحاولان الاختباء وراء ما يسمى «تقرير المصير»، لإثارة الفتنة في انتظار أن تطال يد العدالة أشخاصا آخرين يصرفون يومهم في التهييج وسب المؤسسات.
إن التحريض على قتل المدنيين العزل أو الدعوة لحمل السلاح ليس ولن يكون حرية تعبير ولا يمكن أن يدخل ضمن آليات النضال السياسي السلمي، بل هي أساليب تعامل داعشية وأدوات تهييج وإشاعة الفوضى المؤدية لزعزعة الاستقرار بالعنف، والمغرب لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي تجاه هذا المستوى الإرهابي في الخطاب، بل إن من واجب المؤسسات في حماية حياة الأفراد والجماعات التعامل وفق ما يقتضيه القانون لمحاكمة المحرضين.
فكل هذا التحريض على القتل والإرهاب الذي يروج له رموز الانفصال على مواقع التواصل الاجتماعي، لا يمت بأي صلة لحرية الرأي والتعبير، إذ حتى الاختباء وراء تقرير المصير المفترى عليه له أطر ومحددات، وهو يفقد مضمونه إن تعدى وتطاول على حياة الآخرين.
وعليه فإن الدولة المغربية مطالبة بل ملزمة باتخاذ ما يلزم من الإجراءات داخليا وخارجيا، لكي تصل يدها لدعاة القتل والتحريض ووقف عبثهم بالقانون. فلا يمكن لأي دولة في العالم، حتى في أعتى النظم الديمقراطية، أن تقبل بتهديدات إرهابية ضد مواطنيها، والتحريض على القتل، صادرة من أشخاص حتى لو كانوا يستقرون بدولة أخرى.
وما يستوجب على بلدنا إعمال الصرامة تجاه المحرضين، أن جرائم الإرهاب وموجات القتل التي أودت بحياة الآلاف سبقتها الدعايات التحريضية التي أجَّجتها، والتي صدرت في وسائل التواصل الاجتماعي والمنابر الإلكترونية المفتوحة، وتولى زمامها أشخاص متاجرون بتقرير المصير ومنتمون لتنظيمات انفصالية وإرهابية وغيرهم، وكانت حصيلة هذه الموجات التحريضية علقماً مرّاً لا يزال العالم يتجرعه ليومنا هذا.