التاريخ المنسي لصناعة الذكاء…من منصف السلاوي الذي عينه ترامب.. إلى ابن زهر الذي عينه الموحدي
يونس جنوحي
«جامعة القرويين هي الأقدم في العالم. تأسست سنة 857 ميلادية في فاس، وأدخلت عليها إصلاحات سنة 918 م. حيث افتتح فيها مسجد كان يؤدي فيه الأدارسة صلاة الجمعة بصفة رسمية، وكانت أهم حدث سياسي أسبوعي في المغرب، وربما في العالم.
إذ لم يسجل دوليا وجود جامعة أو مؤسسة علمية أقدم من جامع القرويين في فاس. كانت الصبغة الدينية تطغى على صورة القرويين. لكن تاريخها الغائب، أو المُغيب يشهد أنها كانت مؤسسة علمية وبحثية مرموقة بكل المقاييس، منحت أول شهادة طب في تاريخ البشرية، وسجلت إجازات لعدد من الأذكياء المغاربة الذين برعوا في العلوم، قبل أن تتأسس جامعة أخرى في أي مكان آخر في العالم.
واكبت جامعة القرويين ميلاد دولة الأدارسة، وشهدت جدرانها ميلاد الدولة الموحدية، واحتمى علماؤها بها في عز أزمة انتقال السلطة إلى المرابطين، ثم جاء الموحدون الذين كان عهدهم قياسيا في مجال البحث العلمي والأكاديمي، حيث ظهر جيل من العلماء المغاربة الجدد، من بينهم الطبيب المغربي الذي تعتبر شهادة عالميته اليوم أقدم شهادة علمية في التاريخ الإنساني، وباعتراف عالمي رسمي.
جاء المرينيون وبعدهم السعديون، وبقيت «القرويين» قائمة، مؤسسة علمية وجامعا يمثل السلطة الدينية والرمزية الروحية في المغرب. ومع العلويين جاء عهد الاعتناء بالأرشيف الذي يشهد على أن المغرب كان متقدما جدا في مجال العلم، واحتضن العلماء حتى قبل أن تولد جل دول العالم».