سامي بنيحي
محامي متمرن بهيئة المحامين بالدار البيضاء
طالب باحث بسلك الماستر تخصص الأعمال
صادقت الحكومة المغربية أخيرا على مشروع قانون 110.14، المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية وبتغيير وتتميم القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات والذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2020، حيث يتكون من 71 بندا، وبموجبه تم إحداث نظام تغطية لعواقب الوقائع الكارثية.
وعرف المشرع المغربي الواقعة الكارثية في المادة 3 من هذا القانون بأنها: «كل حادث تنجم عنه أضرار مباشرة في المغرب، يرجع السبب الحاسم فيه إلى فعل القوة غير العادية لعامل طبيعي أو إلى فعل عنيف للإنسان».
فالواقعة الكارثية إذن هي كل حادث أو خطر تنجم عنه أضرار في مجموع المملكة المغربية، ويرجع سببها إلى قوة غير عادية بسبب عامل طبيعي أو فعل الإنسان العنيف أو ما يعتبر في حكمها، وبالتالي فالواقعة الكارثية تتكون من ثلاثة شروط أساسية هي: أن يكون سبب الواقعة الكارثية قوة غير عادية أو ما يقع في حكمها، وأن تحدث آثارها في المغرب لا خارجه، ثم أن تنجم الأضرار بطريقة مباشرة عن الواقعة الكارثية .
أما عن شرط تواجدها بالمغرب، فهو يعني مجموع المملكة المغربية وسفنها وطائراتها والحدود البحرية … بمعنى إذا ما تم وقوع واقعة كارثية خارج المملكة، فهو لا يكون خاضعا لهذا النظام ولو كان ضحاياها أشخاص مغاربة، لذلك فإن الأشخاص الموجودين في تراب المملكة، سواء كانوا مغاربة أو أجانب مقيمين، فهم يستفيدون من هذا النظام .
أما عن شرط أن تكون ناجمة عن قوة غير عادية، فقد حدد لها المشرع المغربي في المادة 3 من القانون نفسه المواصفات التي يجب أن تتوفر في كل عامل من عوامل القوة غير العادية، فإذا كان الأمر يتعلق بعامل طبيعي يجب أن يتوفر فيه عنصران هما :
- شرط الفجائية:أي أن يكون العامل الطبيعي فجائيا وغير متوقع، أما إذا كان متوقعا فيجب أن تكون التدابير الاعتيادية لا تمكن من تفادي هذا الحادث، أو تعذر إمكانية اتخاذها.
- شرط الإضراربالعموم :أي أن تشكل آثار الحادث خطورة على العموم، وتؤدي إلى أضرار وخيمة تمس بمجموعة من أفراد المجتمع.
في حين إذا تعلق الأمر بفعل عنيف ناتج عن الإنسان اشترط فيه عنصران :
- شرط أن تكون أفعال خطيرة:حيث المشرع المغربي اعتبر الفعل الخطير أو العنيف من الإنسان هو كل ما يشكل إرهابا أو أي فتن أو أي اضطرابات شعبية، أي كل الأفعال التي يقوم بها مجموعة من الأفراد في سبيل الإضرار بالمجتمع، سواء دخلت في مفهوم صور هذه الأخيرة أو كانت في حكمها مثل الثورات الشعبية .
- شرط الاضراربالعموم : وهو الشرط نفسه الذي تحدثنا عنه سابقا، فيجب أن يكون الفعل العنيف من الإنسان يشكل خطورة تؤدي إلى الإضرار بشدة بالعموم أو بأفراد المجتمع، وهذا ما يؤدي إلى القول إنه ليس كل الأفعال الإرهابية أو التي تشكل إرهابا تدخل في نظام تعويض عواقب الكوارث، وخصوصا التي تستهدف شخصا أو أشخاصا معينين وليس العموم، فمثلا فعل إدخال أو وضع مادة تعرض صحة الإنسان أو الحيوان أو المجال البيئي للخطر، في الهواء أو في الأرض أو في الماء، بما في ذلك المياه الإقليمية يمكن أن يعتبر فعلا يدخل في نظام تغطية عواقب الكوارث، لأن آثاره تستهدف العموم وتمسهم بالدرجة الأولى، ولكن الجرائم التي تتعلق بنظم المعالجة الآلية للمعطيات
- (وتعتبر إرهابا في حكم القانون 03-03)، هي تستهدف في الغالب منشأة أو مؤسسة معينة وليس العموم .
وأخيرا فإن شرط أن يكون مباشرا، هو أن تكون الأضرار التي نتجت عن الواقعة الكارثية كانت ناجمة بطريقة مباشرة من هذه الأخيرة، حيث إن الأضرار غير المباشرة التي تنجم عن الكارثة لا تدخل في تطبيق هذا النظام .
لكن المشرع المغربي استثنى من تعريف الواقعة الكارثية، استعمال المواد أو الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو الجرثومية أو الإشعاعية أو النووية، وكذلك الحرب الأهلية أو الحرب الخارجية أو أعمال العدوان المشابهة، كما استثنى الجريمة الإلكترونية.
يبقى أخيرا، أن نتساءل هل وباء «كوفيد-19» المستجد يعتبر واقعة كارثية، تؤدي إلى تطبيق هذا النظام على الأشخاص المصابين أو المتوفين؟
الجواب: لا، ذلك لأن هذا الفيروس رغم أنه يعتبر قوة غير عادية، إلا أنه لا يتوفر فيه عنصر الفجائية المشترط في الواقعة الكارثية، ذلك أن السلطات المغربية كانت تعلم بوجود هذا الفيروس، وهو ما جعلها تعلن عن إجراءات احترازية لتفادي وقوع الكارثة.
نافذة:
الواقعة الكارثية إذن هي كل حادث أو خطر تنجم عنه أضرار في مجموع المملكة المغربية، ويرجع سببها إلى قوة غير عادية بسبب عامل طبيعي أو فعل الإنسان العنيف أو ما يعتبر في حكمها، وبالتالي فالواقعة الكارثية تتكون من ثلاثة شروط أساسية هي: أن يكون سبب الواقعة الكارثية قوة غير عادية أو ما يقع في حكمها، وأن تحدث آثارها في المغرب لا خارجه، ثم أن تنجم الأضرار بطريقة مباشرة عن الواقعة الكارثية