
محمد اليوبي
في تطور مثير لموقف حزب العدالة والتنمية من تعديل القاسم الانتخابي، وبعد الإنزال الذي قام به فريق الحزب بمجلس النواب لعرقلة أشغال جلسة التصويت على مشاريع القوانين الانتخابية، وخرق تدابير الوقاية الصحية، أشهر فريق الحزب بمجلس المستشارين ورقة الخروج إلى الشارع وتهديد الدولة بعودة الربيع العربي.
وتوقفت أشغال لجنة الداخلية بمجلس المستشارين، المنعقدة أول أمس الثلاثاء، لدراسة مشاريع القوانين الانتخابية، عندما أشهر نبيل الشيخي، رئيس فريق العدالة والتنمية، ورقة الخروج إلى الشارع، في وجه وزير الداخلية، في حال تمرير قوانين انتخابية تتضمن التعديلات التي صادق عليها مجلس النواب بالأغلبية، ومنها احتساب القاسم الانتخابي بعدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، وإلغاء نسبة العتبة.
وقال الشيخي مخاطبا وزير الداخلية بأن «حزب العدالة والتنمية ساعد الدولة في تجاوز موجة الربيع العربي، بعد خروج احتجاجات 20 فبراير إلى الشارع»، وأضاف «إذا كانت الأمور مرت بسلام آنذاك، فهذا لا يعني أن الأمر نفسه سيحدث الآن، وستمر الأمور بسلام».
وأثارت هذه التهديدات احتجاجات في صفوف المستشارين البرلمانيين من مختلف الفرق البرلمانية، واعتبروها تشكل تهديدا مباشرا للدولة أمام أعين وزير الداخلية، بحيث طالب العربي المحرشي، باسم حزب الأصالة والمعاصرة، بفتح تحقيق في تهديد استقرار الدولة، متهما حزب العدالة والتنمية بمحاولة ابتزاز الدولة للبقاء في الحكومة. وأمام تبادل الاتهامات، انسحب عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، من الاجتماع إلى حين عودة الهدوء إلى القاعة.
وفي رده، أكد وزير الداخلية أن جميع مشاريع القوانين الانتخابية أعدتها وزارة الداخلية تحت إشراف رئيس الحكومة، بعد مشاورات مع ممثلي الأحزاب السياسية، مبرزا أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة تشكل محطة مهمة في تاريخ الحياة الديمقراطية الوطنية. وقال لفتيت في معرض تقديمه لمشاريع القوانين التنظيمية المؤطرة للمنظومة الانتخابية، إن هذه المنظومة التي تتألف من أربعة نصوص تشريعية، تندرج في إطار الإعداد للاستحقاقات الانتخابية العامة المقبلة، وفق تصور متجدد لتطوير المؤسسات المنتخبة وتدعيم الحياة التمثيلية بالمغرب، وتهييء المحيط العام الملائم للانتخابات المقبلة باعتبارها محطة مهمة في تاريخ الحياة الديمقراطية الوطنية.
وبعدما ذكر بأن مشاريع القوانين التنظيمية كانت ثمرة عدة مشاورات مكثفة ومعمقة مع الهيئات السياسية، سواء منها الممثلة في البرلمان أو غير الممثلة، وفق مقاربة تشاركية، أبرز لفتيت أن المنهجية التي أطرت هذه المنظومة تندرج في إطار المقاربة التي دأبت المملكة على اعتمادها في مجال تدبير الحياة الانتخابية الوطنية القائمة على ترصيد المكاسب المحققة، مع الانفتاح على التحولات التي يعرفها المجتمع وأخذها بعين الاعتبار، في أفق تطوير النظام الانتخابي وتحديثه بشكل تدريجي.
ولفت وزير الداخلية إلى أن مشروع القانون التنظيمي رقم 21- 04 المتعلق بمجلس النواب يطرح تصورا بديلا بالنسبة إلى الدائرة الانتخابية الوطنية، بتعويضها بدوائر انتخابية جهوية، مع توزيع المقاعد المخصصة حاليا للدائرة الانتخابية الوطنية (90 مقعدا) على الدوائر الانتخابية الجهوية، وفق معيارين أساسيين، يأخذ الأول بعين الاعتبار عدد السكان القانونيين للجهة، ويتحدد الثاني في تمثيلية الجهة اعتبارا لمكانتها الدستورية في التنظيم الترابي للمملكة. وانسجاما مع التوجه الذي سار فيه المجلس الدستوري سابقا وأكدته المحكمة الدستورية لاحقا، يقول المسؤول الحكومي، فقد تم إدخال تعديل من لدن مجلس النواب حظي بالإجماع، ينص على منع كل شخص سبق له أن ترشح لعضوية مجلس النواب، برسم الدائرة الانتخابية الوطنية القائمة حاليا، من الترشح برسم الدائرة الانتخابية الجهوية، مضيفا أنه تم إغناء مشروع القانون بمقتضى جديد يهدف إلى تخليق الانتداب النيابي، اعتبارا لما يقتضيه من انضباط والتزام شخصي، حيث تم إدراج تعديل ينص على تجريد كل نائب تخلف عن المشاركة في أشغال المجلس طيلة سنة تشريعية كاملة دون عذر مقبول. وتابع لفتيت أنه تم أيضا إغناء مشروع القانون التنظيمي بمقتضى جديد باقتراح ومصادقة من مجلس النواب، ينص على تنافي العضوية بهذا المجلس مع رئاسة مجلس عمالة أو إقليم.
وعلى مستوى النظام الانتخابي، أشار وزير الداخلية إلى أن المشروع يتضمن تعديلا صادق عليه مجلس النواب بالأغلبية، يتعلق بمراجعة القواعد التطبيقية لأسلوب الاقتراع، من خلال اعتماد قاسم انتخابي جديد يستخرج على أساس عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية، عوض عدد الأصوات التي نالتها اللوائح المؤهلة للمشاركة في توزيع المقاعد، مفيدا بأنه ترتب عن هذا التعديل إلغاء شرط الحصول على نسبة 3 في المائة من الأصوات المعبر عنها، للمشاركة في عملية توزيع المقاعد.